أردوغان أغلق 15 جامعة في تركيا ويعاقب رئيس وزرائه السابق أحمد داود أوغلو
عاقب رئيس النظام التركي رجب طيب أردوغان، رئيس الوزراء السابق أحمد داود أوغلو لمغادرته حزب العدالة والتنمية وتشكيل حزب جديد، من خلال إغلاق جامعته “شهير إسطنبول” وفق ما ذكرته مجلة “فورين بوليسي”.
وترى المجلة أنه كان من الصعب على رئيس الوزراء السابق أحمد داود أوغلو فراق رئيس النظام التركي رجب طيب أردوغان، فمنذ أن أُجبر داود أوغلو على الاستقالة من منصبه في عام 2016، شارك في الأوساط العامة أحيانًا بتقديم انتقادات حذرة لحكم أردوغان المتسلط الذي يهدد ديمقراطية تركيا. ولكن خلال الأشهر القليلة الماضية، عارض داود أوغلو أردوغان وبلغت تلك المعارضة ذروتها بتخطيطه العام لتشكيل حزب معارض جديد وهو إعلان قد يعني ضربة قاضية لإرثه الأكثر اعتزازًا وهو جامعته في إسطنبول.
وفي هذا الشهر، انحازت محكمة في إسطنبول للدائنين في مصرف “خلق بنك” في نزاعٍ سيؤدي إلى القضاء على جامعة “شهير إسطنبول”، التي أسسها داود أوغلو في عام 2008م لتلبية احتياجات المثقفين المحافظين المتنامية، وقد أقرض “خلق بنك” الجامعة حوالي 400 مليون ليرة تركية (70 مليون دولار) بناءً على ضمانات تمثلت في حرم جامعي ضخم في شرق إسطنبول تبلغ قيمته حوالي ثلاثة أضعاف ذلك.
وفي شهر أكتوبر من هذا العام، أعلن المصرف فجأة أنه قام بتجميد حسابات الجامعة. وأدى توقيت الإعلان، الذي تزامن مع انفصال داود أوغلو عن حزب العدالة والتنمية والذي يرأسه أردوغان، إلى تكهن الكثيرين بأن “خلق بنك” المملوك للدولة سينصاع إلى أوامر أردوغان.
وقال كهرمان ساكول، رئيس قسم التاريخ، إن أكثر من 7000 طالب يدرسون في جامعة شهير إسطنبول، ربعهم بمنح دراسية، وقد تمكنت الجامعة من جذب الأكاديميين الأجانب أيضاً. حيث 15% من الطلاب، و10% من الموظفين من خارج تركيا. وجديرٌ بالذكر أن بنك “خلق بنك” جمّد أموال الجامعة، مما يعني عدم دفع رواتب لأي أحد، كما أن فواتير الخدمات في الحرم الجامعي تتراكم.
وأضاف ساكول: “ستنقطع الكهرباء ولن يكون هناك غاز طبيعي ولا تدفئة ولا إنترنت، ما يزال لدينا وقت، ولكن الجميع يشعرون بالقلق إزاء المرافق. لديك مهلة شهرين، وإذا لم تدفع الفواتير ستُقطع الكهرباء”.
وكانت الجامعة نفسها هي نتاج مؤسسة العلوم والفنون، وهي مؤسسة غير ربحية أسسها داود أوغلو في الثمانينات من القرن العشرين كمساحة لبناء طبقة أكاديمية محافظة. إذ حضر الآلاف من الأشخاص ندوات المؤسسة على مر السنين – ودورات مجانية حول كل شيء بما في ذلك السينما الحديثة والسياسة التركية المعاصرة – والأهم من ذلك هو عندما أبقى الحظر المفروض على الحجاب.
إن المزيج السياسي لجامعة شهير إسطنبول- الذي يشمل الأساتذة والطلاب الذين يصوتون لصالح أردوغان – أنجاهم من غضب الحكومة، وخاصة منذ محاولة الانقلاب في عام 2016، والتي أجبرت على إغلاق جامعات مماثلة ذات نزعة محافظة.
وقد أغلقت في عام 2016م 15 جامعة، بما في ذلك واحدة في إسطنبول كانت من بين المؤسسات الأعلى تصنيفًا في البلاد؛ لأنها تأسست على يد مؤسسات مرتبطة بفتح الله غولن، الذي تتهمه الحكومة التركية بتدبير محاولة الانقلاب.
وقال عثمان سرت، مدير الأبحاث في معهد أنقرة، والذي عمِل مستشاراً لداود أوغلو أثناء توليه منصب وزير الخارجية ورئيس الوزراء في وقت لاحق: “إذا سألت أحمد داود أوغلو عن أهم ثلاثة أشياء بالنسبة له، بعد عائلته وبلده، فسوف يجيبك جامعة شهير”.
وينظر داود أوغلو إلى الأزمة المالية التي تُواجهها جامعة شهير إسطنبول على أنها هجوم سياسي شخصي بسبب استعداده لإطلاق حزبه المعارض.
وقال داود أوغلو في بيانٍ صدر في 4 نوفمبر أن الأصدقاء السابقين الذين ينتمون إلى نفس الخلفية الإيديولوجية الاجتماعية والذين “ساروا على نفس المسار” مثله، يحاولون الآن إحباطه وهو ينشق عن حزب العدالة والتنمية.
وتهدد طموحات داود أوغلو السياسية وتداعيات مؤسسات مثل جامعة شهير إسطنبول، توسيع الانقسام داخل حزب العدالة والتنمية الحاكم وبين الناخبين المحافظين في تركيا حسب فورين بوليسي.
ووفقًا للأرقام الرسمية، فَقَد حزب العدالة والتنمية 10% من عدد أعضائه، وما يقرب من مليون ناخب، في العام الماضي. فإلى جانب داود أوغلو، استقال أيضًا الرئيس السابق والمؤسس المشارك لحزب العدالة والتنمية، عبد الله غول، كما استقال علي باباجان، وزير المالية السابق والذي يُشكل حزبه الخاص، معتمدًا على خبراته خلال الأوقات الاقتصادية الجيدة لجذب الناخبين الذين يشعرون بالقلق من الركود الحالي في البلاد.
وأصبحت جدالات داود أوغلو مع أردوغان علنية في شهر أبريل، بعد أسابيع من الانتخابات التي شهدت فقدان حزب العدالة والتنمية الحاكم للسيطرة على أكبر مدن البلاد – اسطنبول وأنقرة.
وأصدر داود أوغلو بياناً من 15 صفحة ينتقد آليات صنع القرار الخاصة بحزب العدالة والتنمية، والتي قال “إما أنها أصبحت فاشلة تمامًا أو موجودة فقط لتبرير وجهة نظر واحدة”.
وكان البيان نقداً قاسياً للحزب الذي كان داود أوغلو جزءاً منه منذ عام 2002 عندما عيّن محاضر العلوم السياسية والعلاقات الدولية لتقديم المشورة إلى غول، ومن ثم إلى رئيس الحزب الذي تم تشكيله حديثاً. وأنهى داود أوغلو نقده من خلال دعوة الحزب إلى إصلاح نفسه.. وهذا لم يحدث أبداً.. وبدلاً من ذلك، قال أردوغان بسخرية عندما سُئل عن الزعماء الذين خسرهم حزبه في شهر يوليو: “لقد رأينا الكثير من الناس ينفصلون عنا ويشكلون أحزاباً جديدة”. وأضاف “إذا سألتكم عنهم الآن، فلن تكونوا قادرين على تذكر أسمائهم. أولئك الذين يشاركون في هذا النوع من الخيانة سيدفعون ثمناً باهظاً”.