أردوغان يستخدم تحالف الإخوان و”ديتيب” في ألمانيا ذراعا طولى لتهديد أوروبا ودعم داعش
كشفت أجهزة الأمن وتحقيقات وسائل الإعلام في عام 2019 عن العلاقات المشبوهة لتنظيم الإخوان الإرهابي في ألمانيا، وأنشطته التي تقوض الديمقراطية، فضلا عن محاولاته السيطرة على الجالية الإسلامية وبسط نفوذه، الأمر الذي يضع التنظيم تحت ضغط كبير العام المقبل.
وفي ظل مطالبات الكتل البرلمانية المختلفة في البرلمان الألماني لكشف أنشطة وتحركات وملامح تنظيم الإخوان في ألمانيا، أرسلت الحكومة مذكرتين إلى البوندستاج حول التنظيم الإرهابي.
فخلال وثيقة مؤرخة بـ2 فبراير/شباط 2019، كتبت الحكومة الألمانية للبرلمان: “تعد منظمة المجتمع الإسلامي الألماني أبرز وأهم منظمات الإخوان في ألمانيا”، مشيرة إلى أن المنظمة “تحاول ترسيخ نفسها في المجتمع والسياسة”.
وأضافت: “في العلن، تلتزم منظمة المجتمع الإسلامي الألماني بالدستور والنظام الديمقراطي، لكن أهدافها تعادي الدستور والنظام”.
ولفتت الوثيقة إلى أن هيئة حماية الدستور “الاستخبارات الداخلية” تحدد عدد عناصر الإخوان الأساسية في ألمانيا بـ1040 شخصا.
وثيقة أخرى مؤرخة بـ29 مارس/آذار 2019، أفادت خلالها الحكومة الألمانية بأن هيئة حماية الدستور “الاستخبارات الداخلية” على المستوى الاتحادي، وفروعها في ولايات البلاد الـ16، تراقب مؤسسات وأفرادا محسوبين على الإخوان.
كما أكدت أن الهيئة تراقب مؤسسات تابعة للإخوان في ألمانيا منذ 1970.
وعادة ما تخضع هيئة حماية الدستور التنظيمات والأفراد الذين يمثلون خطرا كبيرا على الديمقراطية ويهدفون إلى تقويض النظام السياسي لرقابتها.
ووفق الوثيقة، فإن المنظمات التابعة للإخوان في ألمانيا لا تعلن تبعيتها أو ارتباطها بالجماعة علنا، وضربت مثالا بـ”مركز ساكسونيا للمؤسسات غير الربحية“، وهو منظمة مرتبطة بالجماعة اضطرت لتعليق أنشطتها بشكل كامل خلال السنوات الماضية، بعد أن بات معروفا للعامة علاقته بالإخوان.
وأكدت المصادر أن ولاية هيسن وعاصمتها فرانكفورت، تعد مركزا رئيسيا للإخوان، حيث يوجد بها 300 من العناصر الرئيسية للجماعة من أصل 1040 في عموم ألمانيا، في حين يوجد في برلين وحدها 120 عنصرا، وفي إقليم بافاريا الجنوبي نحو 150 عنصرا.
وأوائل 2019، نقلت مجلة فوكس الألمانية عن تقرير هيئة حماية الدستور “الاستخبارات الداخلية” في ولاية شمال الراين ويستفاليا غربي ألمانيا، أن جماعات الإسلام السياسي مثل الإخوان، لا ترتدي الأحزمة الناسفة ظاهريا مثل تنظيمي “داعش” و”القاعدة”.
لكنها أكدت أنها “محترفة في الخداع”، “وتعمل بكل الوسائل من أجل تطبيق نظام حكم إسلامي في أوروبا، وتقبل في تحرك تكتيكي بالأساس، الوجود في نظام ديمقراطي كمرحلة انتقالية تسبق تحقيقها هدفها وتقويضها هذا النظام لاحقا”.
واستنتج التقرير أن “جماعة الإخوان تعد أخطر على النظام الديمقراطي ونمط الحياة الأوروبي، على المدى الطويل من تنظيمي داعش والقاعدة”.
وأوضح أن الإخوان والجماعات الإسلامية التركية التابعة لنظام رجب طيب أردوغان، مثل ديتيب، تستخدم الاندماج الجيد في المجتمع استراتيجية لتحقيق أهدافها.
بما في ذلك إقامة علاقات قوية مع أجهزة الدولة والسياسيين والكتاب ومنظمات المجتمع المدني، والظهور بشكل نشيط في الإعلام.
وفي مقابلة مع صحيفة “فرانكفورتر ألجماينه” يوم 11 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، قال رئيس هيئة حماية الدستور في ولاية شمال الراين ويستفاليا، بوكهارد فراير: “ظاهريا، تؤكد الإخوان أنها تريد التكيف مع النظام الديمقراطي، لكنها تتبنى أيديولوجية مختلفة تماما سرا”، مضيفا: “لذلك نصنف الإخوان بأنها جماعة غير دستورية”.
وبحسب تقييم لفرع هيئة حماية الدستور في ولاية ساكسونيا السفلى جنوبي ألمانيا، فإن “الهدف الأساسي للإخوان هو السيطرة على المجتمع الإسلامي في ألمانيا، وفرض أيديولوجيتها على المسلمين الذين يعيشون في البلاد”.
وأوضحت أن “عناصر الإخوان في ألمانيا نادرا ما يظهرون في المناسبات العامة ويعملون بسرية، في حين تعمل المنظمات التابعة لهم على التحريض السياسي”.
وذكرت الهيئة أن الإخوان في سعيها للإطاحة بالحكومات واستبدال حكم ثيوقراطي إسلامي “حكم ديني” بها، تتبع أساليب منها الاختراق الثقافي للمجتمعات، وإذا اقتضى الأمر العنف.
ومضت قائلة: “الإخوان الذين يعيشون في ألمانيا يعرضون المصالح الخارجية لجمهورية ألمانيا الاتحادية للخطر”.
كما أنه في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، أقر كاظم توركمان، رئيس منظمة ديتيب الإسلامية التركية التي تنشط في ألمانيا، بوجود قنوات اتصال مع جماعة الإخوان الإرهابية.
ونقلت مجموعة فونكة الإعلامية الألمانية على موقعها الإلكتروني عن توركمان: “هناك قنوات اتصال مع الإخوان”، مضيفا: “أعتقد أنه من المنطقي إجراء حوار مع الجماعة”.
ومطلع العام الحالي، شارك ممثلون للإخوان في مؤتمر نظمته ديتيب في المسجد الكبير في كولونيا غربي ألمانيا، وأفضى لتشكيل ما يسمى “المجلس التنسيقي” للمسلمين في أوروبا، وفق صحيفة “راينشه بوست” الألمانية الخاصة.
وتعمل ديتيب بأمر مباشر من النظام التركي، وتعد ذراعا أساسية لتحقيق أهدافه في ألمانيا.
ووفق مركز الدراسات التابع للبرلمان الألماني، فإن “ديتيب مرتبطة بشكل مباشر بمديرية الشؤون الدينية التي تخضع لإشراف مباشر من رئيس النظام التركي رجب طيب أردوغان”.
وهذا يعني أن تحالف الإخوان و”ديتيب” في إطار المجلس التنسيقي الجديد للمسلمين في أوروبا، هو بالأساس وسيلة جديدة لأردوغان لتحقيق أهدافه في الأراضي الألمانية.
وقال الخبير النمساوي في شؤون الإخوان روديجر لولكر، إن “ديتيب” والإخوان ضلعان في شبكة مشبوهة تضم أيضا منظمات إرهابية مثل “داعش”.
وأضاف: “أردوغان يستخدم هذه الشبكة ذراعا طولى لتهديد أوروبا وتحقيق مصالحه ونشر أفكاره في المجتمعات المسلمة في القارة الأوروبية”.
ولفت إلى أن الإخوان تعمل حاليا في ألمانيا تحت مظلة ديتيب، والمجلس التنسيقي الذي أعلن عن تشكيله في يناير/كانون الثاني الماضي، ما هو إلا واجهة لهذه العلاقة.
وفي نتيجة طبيعية لما تكشف من أدوار وأنشطة مشبوهة للإخوان خلال 2019، طالب الخبير الألماني في شؤون التنظيمات الإرهابية، سيغريد هيرمان مارشال، الحكومة الألمانية، بمنع أي حوار بين المؤسسات الرسمية في ألمانيا وجماعة الإخوان خلال الفترة المقبلة، مضيفا في تصريحات صحفية: “جماعة الإخوان لا تتغير”.
وأشار مارشال إلى أن تنظيم الإخوان “معادٍ للدستور والنظام الديمقراطي”، متوقعا أن يعاني التنظيم ضغوطا كبيرة في 2020 بسبب مواقفه وأنشطته المعادية للقانون في ألمانيا.