إثيوبيا تعتقل الآلاف من عرقية التيغراي بتهمة “الخيانة”
أفادت مصادر صحافية، الخميس، بأن إثيوبيا اعتقلت الآلاف من عرقية التيغراي، في مراكز احتجاز في أنحاء البلاد كافة بتهمة الخيانة، مشيرة إلى أنها تحتجزهم غالباً لأشهر، من دون توجيه اتهامات إليهم.
وأكدت وكالة أسوشيتد برس في تقرير لها، أن الاعتقالات، التي تطاول العسكريين بشكل خاص، هي محاولة واضحة لتطهير مؤسسات الدولة من أفراد التيغراي، الذين سيطروا عليها سابقاً، وذلك في الشهر السادس من القتال في الإقليم.
وأشارت الوكالة إلى احتجاز أكثر من ألف شخص في 9 مواقع على الأقلّ، بما في ذلك قواعد عسكرية وكلية الزراعة.
وتقرّ حكومة آبي أحمد، الحائز جائزة نوبل للسلام، باحتجازها عدداً محدوداً من الضباط البارزين من عرقية “تيغراي”. لكن “أسوشيتد برس” ذكرت أن الاعتقالات أوسع نطاقاً بكثير وأكثر تعسّفاً، لافتة إلى أنها تشمل حتى رهباناً وموظفين، ويكون أحياناً التنميط العرقي هو سببها الوحيد.
قد يقتلوننا
ونقلت الوكالة عن عسكري قوله إنه محتجز مع أكثر من 400 من عرقية تيغراي، ولا يُسمح لمحامين بالاتصال بهم، أو لعائلاتهم بزيارتهم. وأضاف عبر هاتف مهرّب: “يمكنهم أن يفعلوا ما يريدون. قد يقتلوننا… لا خيار لدينا سوى الصلاة”.
وذكرت الوكالة أن كثيراً من العسكريين لم يكونوا مقاتلين، بل شغلوا وظائف، مثل مدرّسين وممرضين، مشيرة إلى احتجاز موظفين مدنيين في شركات مملوكة للدولة. ونقلت عن اللجنة الدولية للصليب الأحمر أن الحبس التعسفي لغير المقاتلين، مخالف للقانون الدولي.
تختلف ظروف المحتجزين، لكن بعضهم يحصل على وجبة واحدة فقط في اليوم، ويتكدّسون بالعشرات في غرفة معدنية ترتفع فيها الحرارة، في وقت تتزايد فيه الإصابات بفيروس كورونا المستجد في إثيوبيا.
وبمجرد اعتقالهم، ينتهي بهم الأمر غالباً أمام نظام العدالة العسكرية الغامض في إثيوبيا، وفق “أسوشيتد برس”. ويعني ذلك أنهم قد يفقدون حقهم في الاستعانة بمحامين خاصين، ومواجهة قضاة، قال محام إنهم يميلون إلى فرض أقصى عقوبة ممكنة.
وذكرت الوكالة أن سكان تيغراي (6 ملايين نسمة) يواجهون مجازر وعمليات اغتصاب جماعية وطرد وتجويع قسري، مضيفة أن أشخاصاً من أسر محتجزين، يُعزلون أحياناً من وظائفهم، ويُطردون من مساكن مخصّصة للعسكريين، كما تُجمّد حساباتهم المصرفية.
تنظيف دواخلنا
ونقلت الوكالة عن وزير الدبلوماسية العامة في السفارة الإثيوبية بلندن، ميكونين آماري، قوله إن حكومة بلاده “تلاحق القيادة العليا فقط” للحكام السابقين في تيغراي، مضيفاً: “لذلك لا يحدث شيء، مثل الاعتقال الجماعي أو الانتهاك الجماعي للحقوق”.
لكن “أسوشيتد برس” أفادت بأن الجنرال الإثيوبي تسفايي أيالو قال في تسجيل مصوّر مُسرّب، في إشارة إلى سكان إقليم تيغراي: “كان علينا تنظيف دواخلنا.. حتى لو كان هناك أشخاص طيبون بينهم، لا يمكننا التفريق بين الأخيار والأشرار. من أجل إنقاذ البلاد، أقصيناهم من العمل. وباتت قوات الأمن الآن إثيوبية بالكامل”.
وتختلف التقديرات بشأن عدد المعتقلين والمعسكرات. وأشارت “أسوشيتد برس” إلى أن تقديراً قُدّم لباحث، وأعدّه مولوغيتا غبريهيووت بيرهي، وهو مسؤول إثيوبي بارز سابق، من تيغراي، أسّس “معهد دراسات السلام والأمن” في جامعة أديس أبابا، أفاد بأن أكثر من 17 ألفاً من التيغراي كانوا يخدمون في الجيش، عندما اندلعت الحرب، واعتُقلوا.
وإضافة إلى 9 مراكز على الأقلّ، أشار إليها محتجزون وعائلات وزوّار، حصلت “أسوشيتد برس” على 3 لوائح منفصلة، تزعم وجود مراكز أخرى في كل أنحاء البلاد. وقدّر مُعتقل فرّ من مركز في جنوب إثيوبيا، أن أكثر من 1500 شخص كانوا محتجزين هناك.
ألواح معدنية
وقال شاهد عيان زار مركزين آخرين، إن محتجزين أحصوا 110 أشخاص في أحدهما، معظمهم قادة عسكريون، و270 في الآخر، كثيرون منهم من الكوماندوز وضباط سلاح الجو.
وأضاف أن بعضهم خدم في الجيش لأكثر من 30 سنة، من دون أي شائبة.
وأشار شاهد العيان إلى أن بين 40 و50 شخصاً يعيشون في غرفة مصنوعة من ألواح معدنية.
وأضاف أن المعتقلين أبلغوه بأنهم ممنوعون من التحدث في مجموعات، أو تلقي زيارات عائلية ومكالمات هاتفية، كما أنهم لم يحصلوا على طعام كافٍ.
وذكر شخص أن والده كان يخدم في دولة مجاورة في مهمة لحفظ السلام، عندما استُدعي إلى إثيوبيا، واعتُقل. بعد الإفراج عنه بكفالة، أُرسل إلى معسكر للجيش، لاتهامه بزعزعة الاستقرار، رغم أنه لم يكن في البلاد. وقال الابن إن والده خسر نحو 10 كيلوغرامات من وزنه نتيجة لنقص الغذاء.
ونقلت “أسوشيتد برس” عن المحامي تاديلي غيبريميدين، الذي عمل في أكثر من 75 قضية تتعلّق بمعتقلين من التيغراي في الجيش والشرطة الفيدرالية، إن نقل الأشخاص إلى النظام العسكري، بعد الإفراج عنهم بكفالة في المحاكم الفيدرالية، ليس قانونياً. وأضاف: “إنهم أبرياء. الأمر الوحيد هو أنهم من التيغراي”.
وأشارت الوكالة الأميركية إلى إطلاق حملة لـ”إعادة تثقيف” المحتجزين، بما في ذلك محاضرات تروّج لحزب رئيس الوزراء آبي أحمد.