إخونجية المغرب يمهدون لإمكانية خسارتهم الانتخابية
قالت أوساط سياسية متابعة إن حزب العدالة والتنمية الإخونجي، الذي فشل في إدارة المغرب خلال عشر سنوات من الحكم، من المتوقع أن يخسر جزءا مهما من مقاعده في مختلف المواقع بما في ذلك مواقع نفوذه التقليدية، لكن من المستبعد أن يخرج من دائرة الأحزاب الفائزة، وهو ما يرشحه لأن يظل جزءا من التحالف الحكومي القادم وإن كان في دور الشريك الثانوي بدلا من وضعه الحالي كشريك رئيسي.
وتوقعت هذه الأوساط أن تشهد الانتخابات تصويتا عقابيا ضد الحزب بسبب أخطاء كثيرة ارتكبها، وفشله في بلورة أفكار وبرامج تستجيب لمطالب الناس الذين سيحملونه إخفاقات الحكومة كونه الحزب الأول، وإن كان قياديوه يقرّون بأن تراجعهم المتوقع هو جزء من مؤامرة ضد حزبهم تمثلت في القاسم الانتخابي معتبرين أنه “انقلاب على الديمقراطية” واستهداف للحزب وتقزيم لحظوظه في الفوز في الاستحقاقات الانتخابية.
تمهيد لتراجع الحزب
وقد بدأ قياديون بارزون في حزب العدالة والتنمية يمهدون لتراجع حظوظ الحزب في الانتخابات المقررة يوم غد، ويلقون المسؤولية على عاتق القاسم الانتخابي بدل الاعتراف بتراجع شعبيتهم وعجزهم خلال إدارة الحكومة في دورتين متتاليتين عن تحقيق الوعود التي أطلقوها في حملاتهم الانتخابية.
واعترف الإخونجي سليمان العمراني، نائب الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، بأن التوقعات تظهر تراجعا واضحا للحزب، لكنه بدلا من البحث عن أسباب هذا التراجع اتهم الأحزاب بأنها دعمت القاسم الانتخابي الجديد لإضعاف حظوظ الحزب وانتزاع مقاعده.
انتخابات في يوم واحد
وهي المرة الأولى في تاريخ المملكة التي سيجري فيها انتخاب أعضاء مجلس النواب (395) وأعضاء مجالس المحافظات والجهات (أكثر من 31 ألفا) في يوم واحد، ما يتوقع أن يؤثر إيجابا على نسبة المشاركة.
كما أنها المرة الأولى التي سيتم فيها احتساب النتائج قياسا على مجموع المسجلين في القوائم الانتخابية، سواء شاركوا في الاقتراع أم لم يشاركوا، بينما ظل هذا الحساب يستند فقط على عدد المقترعين منذ أول انتخابات أجريت في المغرب عام 1960.
ويتوقع أن يؤدي هذا النمط الجديد إلى تراجع عدد مقاعد الأحزاب الكبرى في مجلس النواب، لكن حزب العدالة والتنمية الإخونجي، كان الوحيد الذي عارضه باعتباره “تراجعا ديمقراطيا غير مسبوق” و”استهدافا لحظوظه الانتخابية”.
ويرتقب أن يفقد الحزب بسببه، وفق تقديرات مختلفة، ما بين 30 و40 مقعدا حتى في حال حصوله على عدد الأصوات التي حصدها قبل خمسة أعوام ومنحته 125 مقعدا، ما من شأنه أن يعقد مهمته في تشكيل حكومة إذا تصدّر النتائج.
وكان سعدالدين العثماني الأمين العام للحزب قد مهد لتراجع حظوظ الحزب بالقول “هذه المرة ستكون مؤثرات كثيرة على الانتخابات، كالقاسم الانتخابي وإلغاء العتبة بالنسبة إلى الجماعات، وهو ما من شأنه أن يشوه تمثيلية الأحزاب السياسية، سواء في البرلمان أو الجماعات، إضافة إلى مؤثر آخر يتمثل في الإنزال غير المسبوق للمال لشراء المرشحين والأصوات”.
منافسة قوية
ويعتقد هشام فقيه، الباحث في القانون العام والعلوم السياسية بجامعة الرباط، أن حظوظ حزب العدالة والتنمية في الفوز بالانتخابات أصبحت ضئيلة في ظل تراجع شعبيته خلال الولاية الحكومية الحالية، وما يزكي هذا الطرح هو النتائج الهزيلة التي حققها الحزب خلال الانتخابات المهنية والخدماتية والحرفية، فقد حصد أقل من 3 في المئة من مجموع المقاعد المتنافس عليها على الصعيد الوطني.
وأضاف هشام فقيه، أن “الأحزاب المنافسة، كحزب التجمع الوطني للأحرار وحزب الاستقلال وحزب الأصالة والمعاصرة، أقدمت على تجديد هياكلها وخطابها مما جعل حزب العدالة والتنمية يواجه منافسة قوية، كما أن التصويت العقابي المكثف من شأنه أن يقوض حظوظ الحزب في الفوز بالمرتبة الأولى، من خلال الانتقادات الموجهة لأدائه الحكومي خلال السنوات العشر الماضية”.
تراجع شعبيته
وأكد متابعون للشأن الحزبي أن العدالة والتنمية يعي ظروفه التنظيمية غير الجيدة ومنها مغادرة عدد من الأعضاء البارزين وتقديم ترشيحاتهم تحت يافطة أحزاب أخرى منها التجمع الوطني للأحرار، لافتين إلى أن قياديّي الحزب يعرفون تراجع شعبيته وعلاقته السيئة بالمواطن المغربي الذي تضرر من قرارات الحزب طيلة عشر سنوات، لهذا بثّوا الخوف من عدم تصدر نتائج الانتخابات المقبلة.
وأشار هؤلاء المراقبون إلى نجاح المغرب في التعاطي مع الإسلاميين بأن وضَعهم في مواجهة مطالب الشارع ليعرفوا أن الديمقراطية ليست هدفا في حد ذاتها، وأنها مدخل لاختبار قدرة الأحزاب والشخصيات على تنفيذ ما تحمله من أفكار وبرامج، وهو الاختبار الذي كشف عن محدودية أداء الإسلاميين في الحكم.
على صعيد آخر، ولكي يرفع من أسهم حزبه، تدخل عبدالإله بنكيران الأمين العام السابق لحزب العدالة والتنمية في الأمتار الأخيرة من نهاية السباق الانتخابي، منتقدا غريمه عزيز أخنوش رئيس حزب التجمع الوطني للأحرار، قائلا إنه يفتقد إلى كاريزما تؤهله لقيادة الحكومة المقبلة، وأنه مجرد “رجل أعمال تحيط به شبهات”.
ورد عليه محمد أوجار عضو المكتب السياسي لحزب التجمع الوطني للأحرار، في لقاء حزبي ببوعرفة شرق المغرب، قائلا إن “التعاطف الكبير الذي يحظى به الحزب وزعيمه عزيز أخنوش يشكل ضغطا نفسيا كبيرا على بعض الأطراف السياسية (العدالة والتنمية) التي لا تفهم هذا النجاح، ولا تفهم أنه نجاح جاء بالمعقول والإنصات والتواضع والصدق مع الناس”.