إخونجية تونس يدفعون لتشكيل مؤسسات موازية للدولة والرئيس يتوعد
قال الرئيس التونسي قيس سعيد، خلال مشاركته الأربعاء في مأدبة إفطار مع قيادات أمنية، إن “من أراد أن يزرع بذور الفتنة أو أن يعلن حكومة موازية أو برلمانا في المنفى فليلتحق بالمنفى ولينس البرلمان”.
وأشار سعيد إلى أن “كل من يحاول أن يعتدي على تونس وشعبها ليعلم أن هناك قوات ستتصدى له و(أن) الخطر يكمن في بعض من حاولوا وفشلوا وسيفشلون من خلال الاندساس داخل القوات المسلحة والإدارة”.
وتشير مصادر سياسية إلى أن حركة النهضة الإخونجية وحلفاءها يدفعون إلى تشكيل مؤسسات موازية في سياق التصعيد مع الرئيس قيس سعيد، من ذلك مبادرة النواب الموجودين بالخارج إلى تكوين “برلمان المنفى” ضمن استراتيجية الرهان على كسب تعاطف الخارج، وكذلك تشكيل “حكومة إنقاذ” موازية لحكومة نجلاء بودن.
مغامرة غير محسوبة العواقب
وقالت أوساط سياسية تونسية مطلعة إن لجوء حركة النهضة الإخونجية وحلفائها إلى تكوين مؤسسات موازية يعد مغامرة غير محسوبة العواقب وستفضي في النهاية إلى عزلتهم، مشيرة إلى أن هذه الخطوة هدفها دفع الرئيس سعيد إلى رد الفعل السريع باعتماد الخيار الأمني ضد معارضيه بهدف مزيد إحراجه خارجيا.
لكن هذه الأوساط تحذر من أن قيس سعيد لن يتردد في اتخاذ القرارات التي تمنع وجود مؤسسات موازية، وأنه سيجد الدعم من المؤسستين الأمنية والعسكرية اللتين تمثلان القوة الصلبة في البلاد. كما سيحصل على دعم شعبي كبير مستفيدا من حساسية التونسيين ضد التدخلات الخارجية، وهو ما سيعني آليا مكاسب جديدة لقيس سعيد مقابل عزلة إضافية لحركة النهضة، بعد أن فشلت في استقطاب ثقة التونسيين الذين يحمّلونها مسؤولية الأزمات التي عاشتها تونس خلال السنوات العشر الأخيرة.
ويتحرك النائب عن إخونجية تونس ماهر مذيوب، الموجود في الخارج، لكسب تعاطف المنظمات والبرلمانات الخارجية مع البرلمان المنحل، حيث دعا الأربعاء البرلمان الألماني إلى “إنقاذ 121 نائبا تونسيا من حبل المشنقة وحكم الإعدام والمساهمة في عودة الديمقراطية المختطفة للجمهورية التونسية”، وذلك بعد توجيه القضاء دعوات استماع لنواب شاركوا في جلسة افتراضية ضد شرعية الإجراءات التي قام بها قيس سعيد في الخامس والعشرين من يوليو الماضي ومن بينها تجميد البرلمان ورفع الحصانة عن النواب.
حكومة “إنقاذ” موازية
وبالتوازي مع ذلك، يجري الحديث عن فكرة لتشكيل حكومة “إنقاذ” موازية يترأسها أحمد نجيب الشابي تكون مهمتها التحضير لانتخابات تشريعية ورئاسية سابقة لأوانها، في خطوة يقول مراقبون إنها قد تعطي إشارة المواجهة بين قيس سعيد وخصومه.
ويرى مراقبون أن إخونجية تونس وحلفائهم، يحاولون استفزاز الرئيس سعيّد عبر تكثيف الهجمات ضدّه، والدعوة إلى تنظيم حوار يستثنيه، فضلا عن مساع لتشكيل “حكومة موازية”.
وأكد ناجي جلول رئيس حزب الائتلاف الوطني بتونس أن “خصوم الرئيس سعيّد يستقوون بالخارج، وحركة النهضة لا تزال تعتبر قرارات الرئيس انقلابا”.
العقلية الانقلابية
وقال جلول، “التونسيّون هلّلوا لحل البرلمان نظرا لوجود شبهات التمويل الخارجي، وهؤلاء يريدون عزل الرئيس بالدعوة إلى تنظيم حوار يستثنيه”، لافتا إلى أن “النهضة بقيت بنفس العقلية الانقلابية، والسياسي أحمد نجيب الشابي ما هو إلا واجهة للحركة”.
واعتبر ناجي جلّول “اللجوء إلى الخارج وتكوين حكومة موازية بمثابة رقصة الديك المذبوح، لأن هؤلاء فقدوا شعبيّتهم ومصداقيّتهم، وسعيّد ربح المعركة السياسية ضدّهم، وهم يعرفون أنهم أخطأوا في حقّ الشعب وأحزابهم، واليوم هناك رفض شعبي كامل للنهضة”.
ودعا جلول إلى “تنظيم حوار وطني حقيقي يرأسه قيس سعيّد، وتشارك فيه المنظمات الوطنية والأحزاب ويقصي من يثبت تمويله من الخارج”.
استنجاد بالخارج
ويعتقد مراقبون أن الإخونجية يدفعون نحو التصعيد قافزين على الظروف الصعبة التي تعيشها تونس على المستوى الاقتصادي والاجتماعي، وأنه كان عليهم الدعوة إلى تهدئة شاملة بدل لعب ورقة كسب تعاطف الخارج والتمهيد أمامه للعب دور مؤثر في الشأن الداخلي للبلاد.
وقال المحلل السياسي باسل الترجمان إن “استنجاد هؤلاء الخصوم بالخارج له علاقة بعجزهم عن إيجاد قاعدة شعبية تتفاعل مع توجّهاتهم، حيث توجد قطيعة شعبية كبيرة مع الطيف السياسي منذ أكثر من عشر سنوات”.
وأكّد الترجمان، “بعدما حاولوا النزول إلى الشارع وتجويع الشعب بافتعال أزمات الاحتكار، وجدوا قطيعة مع الشعب، ورأينا كيف خاطب القيادي في النهضة ماهر مذيوب البرلمان الدولي متشكّيا من وضعية النواب في تونس، وهذه الأكاذيب تفقدهم مصداقيتهم لأن الشعب يحمّلهم مسؤولية الأزمات، والغنوشي يعتبر المسؤول الأول عن فشل الديمقراطية البرلمانية”.
مبادرة خطرة
وكان السياسي أحمد نجيب الشابي قد تقدّم بمبادرة تحت عنوان “جبهة الخلاص الوطني”، قال إنها “تهدف لإنقاذ تونس”. ووصفت شخصيات سياسية المبادرة بالخطرة، معتبرة أنها تكرس مسار تغذية الأزمات.
وانتقد الأمين العام لحركة الشعب زهير المغزاوي مبادرة الشابي، مؤكّدا أن “هذه الجبهة سيكون مآلها الفشل”، ومعتبرا أن “نجيب الشابي له لهفة كبيرة على السلطة ويحاول تعويض فشله في المحطات الانتخابية السابقة التي خاضها بالاستثمار في أزمات البلاد”.
وقال في تصريح لإذاعة محلية إن “العمود الأساسي لهذه الجبهة هو حركة النهضة وبعض النخب التي تدور في فلكها”، مبينا أنه “تم الانتقال إلى تشكيل الحكومات الموازية وهي مسألة خطرة.”
وتعليقا على المبادرة اعتبر رئيس حزب الراية الوطنية مبروك كورشيد أن “تونس في حاجة إلى مبادرة للإنقاذ لكن الطريق التي توخاها نجيب الشابي وتوجهه إلى حركة النهضة يتطلبان نقاشا”.
وأضاف أن “توجه الشابي للنهضة سيطبع مبادرته بالكثير من النفور من القوى الوطنية”، مؤكدا أن “70 في المئة من مشاكل تونس على مدى 10 سنوات سببها النهضة”.
ويحاول المعارضون لسعيّد استثمار كل الفرص لدفع الرئيس إلى التراجع عن خياراته السياسية وتحديده للمواعيد الحاسمة خاصة إجراء انتخابات تشريعية سابقة لأوانها في ديسمبر القادم واستفتاء على الدستور في الخامس والعشرين من يوليو المقبل.