إعلام الإخوان.. الفشل حتى أن يكون «بروباغندا»

ضياء رشوان

يتم قياس نجاح الإعلام بمختلف وسائله عبر عدة مؤشرات لا خلاف كبير حولها في الغالبية الساحقة من الدراسات المتخصصة عبر دول العالم.

وتعد مساحة الانتشار والمتابعة من الجمهور لوسائل الإعلام من أهم مؤشرات نجاحه، وهو ما توافرت وسائل عدة لقياسه بدرجة كبيرة من الدقة. كذلك، فإن اتساع المساحات الإعلانية على وسائل الإعلام، تعد أيضاً من مؤشرات نجاحها، لأن هذا يعد انعكاساً لانتشارها ووصولها إلى مساحات انتشار واسعة، بما يشجع الإعلانات على وضعها في هذه الوسائل واسعة الانتشار. وأيضاً فإن تناقل وسائل الإعلام الأخرى والدوائر المرتبطة بها، لما تنشره بعض وسائل الإعلام ونسبته إليها، يعد من المؤشرات البارزة لنجاحه.

هذا هو حال الإعلام “الطبيعي” بمختلف وسائله، وتلك هي أبرز مؤشرات نجاحه “المهني”. أما النوع الآخر من الإعلام، فهو الإعلام “الدعائي” أو “البروباغندا”، كما يعرف باللغة الإنجليزية وشاع هكذا في لغتنا العربية. وعلى الرغم من أن مصطلح “البروباغندا” قد ظهر في القرن السابع عشر باللغة اللاتينية بمضمون غير سلبي، فقد كان يعني نشر المعلومات عن المذهب الكاثوليكي، فهو قد ظهر للوجود بمعانيه السياسية السلبية في عالمنا الحديث مع أبرز ممثليه وممارسيه، وهو وزير دعاية نظام هتلر النازي، جوزيف غوبلز.

وببساطة فإن إعلام “البروباغندا” هو تلك الدعاية التي تتضمن نشر الأخبار والمعلومات بطريقة مُوجهة من وجهة نظر واحدة هي التي يتبناها القائمون على هذا الإعلام، بهدف التأثير على آراء أو سلوك فئات معينة من الناس، بهدف تحريضهم وتوجيههم نحو سلوك بعينه. وإعلام “البروباغندا” بحكم طبيعته وأهدافه، فهو يقوم على إعطاء معلومات ناقصة، أو كاذبة وزائفة تماماً، أو الامتناع عن تقديم المعلومات الصحيحة، أو تضخيم معلومات بعينها والتقليل من معلومات أخرى، وكل هذا بغرض التأثير على من يستهدفهم لأجل تحريكهم في اتجاه بعينه.

وإذا ذهبنا بهذه المصطلحات والمعاني إلى ما يقدمه إعلام جماعة الإخوان التقليدي وعلى شبكات التواصل تجاه مصر، والموجه من خارجها، والقائم عليه أعضاء منتمون للجماعة أو “ملتحقة” بهم من تيارات أخرى، منذ أكثر من عشرة أعوام، فسوف نكتشف نتائج ملفتة.

فبدون أدنى تردد وبحكم الملاحظات العابرة أو الدراسات المدققة، فإن التعريف الأدق لهذا الإعلام هو “البروباغندا” بكل معانيها السلبية وخصائصها التي تم التعارف عليها منذ ظهور هذه النوعية من الدعاية في المجال السياسي. إلا أن هذا قد يبدو مجرد وصف أقرب للدقة وتحصيل حاصل كل ما يتسم به إعلام الإخوان، والذي رصدناه وحللناه في عشرات المقالات السابقة في هذا المساحة.

الجديد هو أن إعلام الإخوان، أو “البروباغندا” الإخوانية، قد أصابه الفشل الذريع والفاضح حتى فيما يهدف إليه. فالهدف الأخير له عبر كل أدواته المعوجة، هو التأثير على من يستهدفهم من المصريين لأجل تحريكهم وتحريضهم ضد الحكم القائم في البلاد منذ اقتلاع الجماعة منه بثورة الشعب المصري العظيمة في 30 يونيو 2013، عسى أن يكون هذا هو طريق “العودة” المتوهمة لهذا الحكم.

فإعلام “البروباغندا” هذا بكل وسائله وأدواته مستمر في تحريضه للشعب المصري لنحو أحد عشر عاماً، أي أكثر من 4000 يوم، بلا انقطاع ليوم واحد. وطوال هذا الأيام بساعاتها الطوال، وهدف هذا الإعلام هو تحريض للمصريين لدفعهم للخروج على نظام حكمهم، واستغلال كل شيء من أجل الوصول لهذا.

ولم يفلح إعلام “البروباغندا” الإخواني قط في الوصول ولو إلى أبعد الأعتاب عن هدفه المعلن بتحريض المصريين وتحريكهم ضد نظام حكم بلدهم، فلم يره المصريون طوال تلك السنوات سوى كإعلام للنميمة وصفحات الحوادث الفاشلة، وهو ما تطرقنا إليه تفصيلاً في مقالات عديدة سابقة. وحتى في لحظات الضيق الاقتصادي والاجتماعي التي ألمت بقطاعات من المصريين خلال تلك السنوات، والتي استغلتها “البروباغندا” الإخوانية لأقصى مدى، فلم تفلح أبداً في دفع المصريين لأي “خروج” مأمول ومتوهم عند الجماعة التي تدير هذه “البروباغندا”.

لم يفشل إعلام الإخوان فقط في أن يكون إعلاماً مهنياً طبيعياً وحقيقياً، بل أن إخفاقه الأعظم هو فشله حتى في أن يكون “بروباغندا” ناجحة، إنه الإخفاق التام والكامل من كل الجوانب لجماعة على وشك الخروج من التاريخ.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى