احتجاجات مليونية تعمّ أرجاء فرنسا ضد مشروع إصلاح نظام التقاعد
النقابات العمالية تتوعد الحكومة بالمزيد "اليوم هو البداية"
لأول مرة منذ أكثر من عشر سنوات، توحدت اليوم الخميس جميع النقابات العمالية في فرنسا للمشاركة في احتجاجات مليونية كبيرة على كامل التراب الفرنسي، رفضاً لمشروع إصلاح نظام التقاعد الذي جاء به الرئيس إيمانويل ماكرون، فيما أشار الأمين العام للكونفدرالية العامة للشغل “سي جي تي” فيليب مارتينيز إلى أن عدد المشاركين في الإضراب “سيتجاوز المليون”.
ويقضي مشروع إصلاح نظام التقاعد برفع سن التقاعد إلى 64 عاما بحلول 2030، وتسريع عملية رفع الحد الأدنى لعدد سنوات المساهمة في صندوق التأمين التقاعدي.
وبدأ سائقو قطارات ومعلمون وعمال مصافى النفط وغيرهم، الانقطاع عن العمل، احتجاجاً على خطط الحكومة لرفع سن التقاعد عامين إلى 64، إذ تواجه النقابات العمالية تحدياً لتحويل هذه المعارضة إلى إصلاح، والغضب من أزمة غلاء المعيشة ،إلى احتجاج جماهيري من شأنه أن يجبر الحكومة في نهاية المطاف على تغيير خططها.
وتمثل الإضرابات والاحتجاجات اختباراً كبيراً للرئيس إيمانويل ماكرون، والذي يدعي أن خطته لإصلاح نظام التقاعد التي تظهر استطلاعات الرأي أنها لا تحظى بشعبية بشكل كبير، ضرورية لضمان عدم إفلاس نظام التقاعد.
إضرابات واحتجاجات أخرى
وأشاد المسؤول الأول في نقابة الكونفدرالية الفرنسية الديمقراطية للشغل “سي إف دي تي” لوران بيرجي بمستوى التعبئة الواسعة الذي بلغته الإضرابات العمالية في البلاد ضد مشروع إصلاح نظام التقاعد.
وقال لوران بيرجيه رئيس الكونفدرالية الفرنسية الديمقراطية للعمل، أكبر نقابة في البلاد، لتلفزيون “بي إف إم”: “نحن في حاجة إلى انضمام الكثير من الناس للاحتجاجات”. وأضاف: “الشعب ضد هذا الإصلاح.. نحتاج إلى إظهار هذا في الشارع”.
وأشار قادة النقابات الذين يُتوقع أن يعلنوا عن إضرابات واحتجاجات أخرى في وقت لاحق، إلى أن “اليوم ليس إلا بداية فقط”.
وبدوره، أشار الأمين العام للكونفدرالية العامة للشغل “سي جي تي” فيليب مارتينيز إلى أن عدد المشاركين في الإضراب “سيتجاوز المليون”.
وجاء في تقديرات لوزارة العمل أن رفع سن التقاعد عامين، وتمديد فترة استحقاق الدفع، قد يدر 17.7 مليار يورو (19.1 مليار دولار) كمساهمات تقاعدية سنوية، ما يسمح للنظام بتحقيق التوازن بحلول 2027.
وقال وزير العمل أوليفييه دوسوبت لتلفزيون “إل سي آي”، إن “هذا الإصلاح ضروري وعادل”.
اضطرابات في حركة النقل
وشهدت حركة وسائل النقل العام اضطرابات شديدة، إذ قالت الشركة الوطنية للسكك الحديدية، إنه لا يعمل إلا ما بين واحد من 3 وواحد من 5 فقط من خطوط قطارات “تي جي في” عالية السرعة، ولا تعمل تقريباً أي قطارات داخل المناطق أو بينها.
وفي باريس، تم إغلاق بعض محطات المترو وتعطلت حركة السير بشدة، مع تشغيل عدد قليل من القطارات.
وقوض حظر وقيود تعود لعام 2007 على الإضرابات بدون سابق إنذار، لضمان الحد الأدنى من الخدمات العامة من قدرة النقابات على مقاومة الطموحات الإصلاحية للحكومات. وقد يكون هناك تأثير أيضاً للعمل من المنزل بعد أن أصبح أكثر شيوعاً منذ الجائحة.
القطاع العام
وجاء عمال القطاع العام في طليعة المضربين، وتوقف 7 من بين 10 معلمين بالمدارس الإبتدائية عن العمل، حسبما ذكرت نقابتهم. وفي باريس، حاصر الطلاب مدرسة ثانوية واحدة على الأقل دعماً للإضراب.
وأظهرت بيانات شركة كهرباء فرنسا وشركة نقل الكهرباء، أن إنتاج الكهرباء انخفض نحو 12% من إجمالي إمدادات الطاقة، مما دفع فرنسا إلى زيادة وارداتها.
وقال مسؤولون نقابيون، ومن شركة “توتال إنرجيز”، إن الشحنات محتجزة في مصافي الشركة في فرنسا.
وقال باتريك بويان الرئيس التنفيذي لشركة “توتال إنرجيز” الأربعاء، إن يوماً من الإضراب لن يؤدي إلى تعطيل عمليات المصفاة، لكن هذا قد يتغير إذا استمرت الاحتجاجات.
واقتصر التأثير على الحركة الجوية إلى حد كبير على تعطيل نحو 20% من الرحلات الجوية في “أورلي”، ثاني أكبر مطار في باريس.
وقالت شركة الخطوط الجوية الفرنسية، إنها تشغل جميع رحلاتها الطويلة، و90% من رحلاتها القصيرة ومتوسطة المدى.
وفي غضون ذلك، سيكون ماكرون وعدد من وزرائه في زيارة لبرشلونة، الخميس، للاجتماع مع مسؤولين إسبان.
ومازال يتعين إقرار الإصلاح في البرلمان الذي فقد فيه ماكرون أغلبيته المطلقة، لكنه يأمل في إقراره بدعم من المحافظين.
وتجادل النقابات بأن هناك وسائل أخرى لضمان استمرار نظام المعاشات التقاعدية مثل فرض ضرائب على فاحشي الثراء، أو زيادة مساهمات أصحاب العمل أو مساهمات أصحاب المعاشات الميسورين.