الإسلام السياسي في المغرب يحابي تركيا على حساب الإقتصاد الوطني
محلات “بيم” التركية تتسبب في إغلاق العشرات من المتاجر المغربية
دافع إسلاميو المغرب على اتفاق تجاري مثير للجدل مع تركيا، رغم الانتقادات المحلية الواسعة التي طالته، فيما وصفه مراقبون بالمجحف بحق المغرب وذي تداعيات سلبية على اقتصاده.
وبدا حزب العدالة والتنمية الإسلامي (قائد الائتلاف الحكومي) غير راض عن التعامل الصارم لوزارة التجارة مع اتفاق التبادل التجاري الحر الذي يجمع المغرب مع تركيا، بعدما أكد وزير الصناعة والتجارة والاقتصاد الأخضر والرقمي مولاي حفيظ العلمي أن هذه الاتفاقية بشكلها الحالي تضر بالاقتصاد.
وكشف مولاي حفيظ العلمي، أن محلات “بيم” التركية المتخصصة في البيع بالتجزئة، تتسبب في إغلاق العشرات من المتاجر المغربية، مضيفا أنه اشترط على مسؤولي الشركة أن تكون 50 في المئة من المنتجات التي يبيعونها مغربية على أضعف الإيمان، وإلا سيتم إغلاقها بأي وسيلة كانت.
وعلى رغم إضرار الاتفاقية على الاقتصاد المغربي، هاجم نواب من الحزب الإسلامي وزير الصناعة والتجارة والاقتصاد متهمين إياه بممارسة الانتقائية السياسية في موضوع اتفاقيات التبادل الحر.
وقال مصطفى إبراهيمي، رئيس فريق العدالة والتنمية بالغرفة الأولى، “كان علينا أن نتدخل لنطالب بتعامل متوازن مع جميع اتفاقيات التبادل الحر، وذلك لمصلحة المغرب والتجار المغاربة”.
ويرى مراقبون أن مصالح مشتركة بين إسلاميي المغرب وتركيا التي تدعم الأحزاب الإسلامية في المنطقة وتيار الإسلام السياسي وراء دفاع العدالة والتنمية على الاتفاقية.
ويفسر رشيد لزرق أستاذ العلوم السياسية انحياز العدالة والتنمية نحو الأتراك على حساب مصلحة الاقتصاد الوطني “بكون الأتراك نهجوا ما يسمى بالاعتماد المتبادل بينهم وبين رجال أعمال من العدالة والتنمية المستفيد الأكبر من اتفاقية التبادل الحر وليس مع الدولة المغربية”.
وأوضح لزرق، أنه “إذا كان المغرب له عجز تجاري مع الاتحاد الأوروبي وواشنطن فهو مقبول بحكم العلاقات التاريخية والدور السياسي الدولي اللذين يلعبانه لكن المستغرب هو العجز التجاري الكبير وغير المبرّر مع تركيا”.
ورفض حزب العدالة والتنمية تصديق الأرقام التي جاءت على لسان وزير الصناعة والتجارة التي كشفت عن إغلاق 60 تاجرا محلاتهم بمجرد دخول “بيم” إلى المغرب. واعتبر مصطفى إبراهيمي، أن الرقم لا يبدو صحيحا.
ويعتقد لزرق، أن “ما يحرك نواب العدالة والتنمية هو الالتزام الأيديولوجي والتبادل المصلحي خاصة أن هؤلاء يعتبرون تركيا الملجأ الأمن عند أي حراك، وتأكد هذا مع بروز ظاهرة الأثرياء الجدد داخل العدالة والتنمية مع مراكمة ثروات في البنوك التركية، ما جعل النواب الإسلاميين يدافعون بشراسة عن بقاء الاتفاق التجاري”.
وحاول حزب العدالة والتنمية تبرئة ساحته من أي ارتباط سياسي مع تركيا بعد أن ظهر إلى العلن انحيازه الواضح إلى تركيا.
ونفى مصطفى إبراهيمي، رئيس فريق العدالة والتنمية بالبرلمان، أي علاقة ارتباط بتركيا، مضيفا “إذا كان البعض يغيظه أن يكون لحزبنا والحزب الحاكم فيها الاسم نفسه فهذا شأنه”، مردفا “الذي يهمنا نحن هو مصلحة الوطن والاقتصاد الوطني والتجار المغاربة”.
لكن وعلى عكس مزاعم الإسلاميين، وفي ارتباط واضح بين السياسي والاقتصادي تفاقم الغزو التجاري التركي للأسواق في المغرب بعد انتخابات عام 2011، التي فاز فيها العدالة والتنمية وترأس عبرها الحكومة.
ويشير لزرق إلى أن العدالة والتنمية يراهن على تركيا كحليف إستراتيجي، وهو ما يبرر انفتاح الأسواق المغربية أمام البضائع التركية وقد تم عقد العديد من الشركات بين رجال أعمال من العدالة والتنمية والأتراك للتوريد رغم أن هذه الواردات تنافس في شكل كبير الصناعات المغربية وتتسبب بخسائر كبيرة للمعامل وترفع من نسب العاطلين عن العمل نتيجة إفلاس المؤسسات المُشغلة.
وحماية للاقتصاد المغربي من عبث أي فصيل سياسي طالب برلمانيون مغاربة بالمضي قدما في اتجاه إعادة النظر في اتفاق التبادل الحر مع تركيا محذرين من الآثار السلبية على الاقتصاد الوطني.