الاتفاق بين حركة “حماس” وإسرائيل قد يستغرق أيام
الصحافة العبرية تضع الفاشي نتنياهو في ورطة سياسية جديدة
أفاد مسؤولون أميركيون وإسرائيليون لشبكة CNN الإخبارية، السبت، أن إتمام أي اتفاق بين حركة “حماس” وإسرائيل بشأن الهدنة في قطاع غزة قد يستغرق أياما عدة، بينما يجد بنيامين نتنياهو نفسه أسيراً لمواقف اليمين الفاشي الذي يدعمه في الاستمرار بالحكم، وفي ورطة مع وسائل الإعلام العبرية التي فضحت نواياه تجاه الصفقة المحتملة.
واستؤنفت في القاهرة، السبت، المحادثات الرامية للتوصل إلى هدنة في الحرب الدائرة بين إسرائيل وحركة “حماس” بقطاع غزة، على خلفية اتّهامات متبادلة بين الطرفين بعرقلة أي اتفاق، بحسب وكالة “فرانس برس”.
وتوقعت CNN، أن يستغرق التوصل إلى اتفاق نهائي بين “حماس” وإسرائيل عدة أيام أخرى من المفاوضات، مشيرة إلى إحزار تقدم في الجوانب الفنية للصفقة المحتملة.
وأشار مصدران إسرائيليان، إلى أن “إتمام الصفقة نفسها قد يستغرق أسبوعاً”، كما ذكر مسؤول أميركي، أنه “حتى لو قبلت (حماس) بالصفقة كما هي مُقترحة، فالتوصل إلى بعض التفاصيل التي ستؤدي في النهاية إلى الهدنة سيستغرق عدة أيام أخرى، وقد تكون هذه المناقشات صعبة وممتدة أيضاً”.
وأوضحت الشبكة الإخبارية الأميركية، أن إدارة بايدن تواصل النظر إلى هذه المحادثات بـ”تفاؤل حذر”، إذ أنها تتحدث عن إحراز بعض التقدم لكنهاما زالت تدرك أن الجهود السابقة قد انهارت في اللحظة الأخيرة.
وبينما التقت “حماس” مع بعض الوسطاء في القاهرة، السبت، بقي مدير “الموساد” الإسرائيلي ديفيد برنيع في تل أبيب، لكن مصادر إسرائيلية أكدت لـCNN، أنه “قد يتوجه إلى مصر بسرعة حال وافقت الحركة على الاتفاق المطروح”.
ولفت مصدر مطلع على المفاوضات إلى أن “مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية CIA وليام بيرنز، الذي لعب دور المحاور الرئيسي للولايات المتحدة في المحادثات متعددة الأطراف، مازال موجوداً في القاهرة”.
روح إيجابية
ومن المتوقع أن يعقد مجلس الحرب الإسرائيلي، اجتماعاً لبحث مسار المفاوضات، بحسب ما ذكرته هيئة البث التي توقعت أن تكون “المفاوضات طويلة”، موضحةً أن “المؤشر على وجود تحرك إيجابي سيكون بإرسال رئيس (الموساد) إلى القاهرة”.
في المقابل، ذكرت مصادر، إن حركة “حماس” تتجه للموافقة على المقترح المصري لوقف الحرب في غزة، وذلك بالتزامن مع وجود وفد الحركة في القاهرة.
وأشار مسؤول بارز في “حماس”، إلى أن “وفد الحركة ذهب إلى القاهرة بروح إيجابية لإنجاز صفقة تنهي الحرب لكن الاحتلال الإسرائيلي يعرقل التوصل إلى اتفاق بإصراره على استمرار الحرب”.
ولفت إلى أن “إسرائيل تسعى لاسترداد أسراها دون ربط ذلك بإنهاء العدوان على غزة، ونحن في (حماس) لن نوافق بأي حال من الأحوال على اتفاق لا يتضمن صراحة وقف الحرب على القطاع”، محمّلاً إسرائيل “المسؤولية الكاملة عن فشل المفاوضات برفضها وقف العدوان والانسحاب الشامل”، على حد قوله.
لكن مسؤولاً إسرائيلياً أكد لوكالة “رويترز”، أن “إسرائيل لن توافق تحت أي ظرف على إنهاء الحرب في إطار أي اتفاق لإطلاق سراح محتجزينا”، في دلالة على أن الموقف الأساسي لم يتغير.
وزعم مسؤول إسرائيلي لـ”فرانس برس”، أن “(حماس) تعرقل إمكانية التوصل إلى اتفاق تهدئة في غزة بإصرارها على وقف الحرب في القطاع”.
مراحل الاتفاق
وسيجري في المرحلة الأولى من الاتفاق التي يتوقف فيها إطلاق النار 40 يوماً، إطلاق سراح 33 إسرائيلياً من مدنيين ومجندات مقابل حوالي ألف أسير فلسطيني، فضلاً عن عودة النازحين المدنيين إلى بيوتهم في شمال قطاع غزة، وانسحاب الجيش الإسرائيلي بعيداً عن المناطق السكنية والطرق التي سيسلكها النازحون العائدون، بحسب مصادر “الشرق”، على أن يشهد اليوم السادس عشر من الاتفاق الشروع في التفاوض على شروط الهدوء المستدام في غزة.
ويجري في المرحلة الثانية التي تستمر 42 يوماً، استكمال المفاوضات بشأن الهدوء المستدام وتبادل ما تبقى من محتجزين إسرائيليين من جنود وضباط مقابل أسرى فلسطينيين في السجون الإسرائيلية بعد الاتفاق على أعدادهم وفئاتهم.
وفي المرحلة الثالثة، التي تستمر 42 يوماً، يجري الاتفاق على الانسحاب الإسرائيلي من قطاع غزة بعد تبادل الجثث والرفات بين الطرفين.
نتنياهو في ورطة
تصريحات يقال إن رئيس حكومة اليمين الإسرائيلي الفاشي أدلى بها تحت مسمى “مصدر سياسي”، سرعان ما أشعلت معركة سياسية.
وخلال الفترة الماضية، يجد بنيامين نتنياهو نفسه أسيراً لمواقف اليمين الفاشي الذي يدعمه في الاستمرار بالحكم، وفي ورطة مع وسائل الإعلام العبرية التي فضحت نواياه تجاه الصفقة المحتملة مع “حماس”.
فالعائلات تطالب نتنياهو بالتوقيع على صفقة مع حركة حماس تتضمن تبادلا للأسرى ووقفا لإطلاق النار في غزة، أما اليمين المتطرف فيطلب استمرار الحرب.
فيما يقول الواقع إن نتنياهو يميل إلى عدم إنهاء الحرب، لكن التقارير عن اتجاه حماس للموافقة على العرض المصري وضعته ما بين ناري اليمين المتطرف والعائلات.
فضيحة “المصدر السياسي”
مكتب نتنياهو أعلن عدم إرسال وفد إلى القاهرة، ما تم اعتباره عقبة جديدة في طريق التوصل إلى اتفاق، ومع ذلك فقد تم الإعلان عن اجتماع حكومة الحرب ظهر اليوم الأحد.
وللمرة الثانية، خلال يوم أمس السبت، قال مصدر سياسي إسرائيلي لوسائل الإعلام إن المنشورات التي تقول إن إسرائيل وافقت على إنهاء الحرب في إطار صفقة الرهائن أو أن تل أبيب ستسمح للوسطاء بتقديم ضمانات لإنهائها غير صحيحة، مؤكدا أنه حتى هذه اللحظة “لم تتنازل حماس عن مطلبها بوقف الحرب، مما يحبط إمكانية التوصل إلى اتفاق”.
وبالتزامن مع ذلك، فقد نقلت وسائل إعلام إسرائيلية عن مصدر قالت إنه “سياسي”، تأكيد أن تل أبيب لن ترسل وفدا إلى القاهرة قبل الحصول على رد حماس بشأن مقترح صفقة التبادل.
ويؤكد أن إسرائيل لن تقدم على أي التزام، قبل أن تبدي الحركة “مرونة”، مجددا التهديدات بأن الجيش الإسرائيلي سيدخل رفح، “للقضاء على الكتائب الحمساوية سواء بهدنة أو بدونها”، على حد قوله.
التصريحات السابقة حملت مفاجأة كشفها الصحفي في القناة الإخبارية 12 الإسرائيلية يارون أبراهام، إذ قال ن “المصدر السياسي” المشار إليه هو نتنياهو.
ترحيب اليمين الفاشي
ولأن التصريحات على هواه، سارع وزير الأمن القومي الإرهابي إيتمار بن غفير للترحيب بقرار عدم إرسال الوفد الإسرائيلي إلى القاهرة، حسب ما كتب على منصة “إكس”.
كما أعرب بن غفير عن أمله أن يفي نتنياهو بالالتزامات الأخرى التي قطعها له، على حد قوله، في اللقاء الذي عقده معه في الأسبوع الماضي.
لكن بن غفير يبدو هذه المرة أراد توجيه رسالة تهديد لنتنياهو، حين قال إن “نتنياهو يعرف جيدا ما هو ثمن عدم الوفاء بهذه الالتزامات”، في إشارة إلى إسقاط الحكومة.
تصريحات وزير الأمن القومي على الفور تجد دعمها من وزير المالية الإرهابي بتسلئيل سموتريتش الذي قال إن الحكومة الإسرائيلية لديها ولاية واحدة فقط هي “الفوز”، في إشارة منه إلى عدم إتمام اتفاق ومواصلة خطط اجتياح رفح.
بل ذهب سموتريتش إلى أبعد من ذلك، حين وصف أي اتفاق يمكن التوصل إليه بأنه “صفقة استسلام”، معتبرا القبول بها يعني إنهاء الحرب دون تحقيق النصر، الأمر الذي أكد أنه “كارثة”.
ورد الوزير في حكومة الحرب بيني غانتس على تدفق البيانات باسم “مصدر سياسي” بالقول “إن إسرائيل لم تتلق ردا رسميا من حماس حتى هذه اللحظة، وعندما نتلقى هذا الرد فإن كابنيت إدارة شؤون الحرب سينعقد لبحثه”.
تظاهر آلاف الإسرائيليين
وفي مقابل موقف اليمين الفاشي من الاتفاق المقترح، فقد تظاهر عشرات آلاف الإسرائيليين في تل أبيب وعدد من المدن الأخرى للمطالبة بالتوصل إلى اتفاق وإجراء انتخابات مبكرة.
وهاجم أفراد عائلات الرهائن والداعمون لهم رئيس الوزراء الإسرائيلي، بعد اتهامه بمحاولة عرقلة التوصل إلى اتفاق.
إذ قالت عيناف، والدة المختطف ماتان تسينجاوكار، إن هناك الآن اتفاقا على الطاولة أشارت حماس إلى موافقتها عليه، لكن نتنياهو، بعد إشارة من حماس، بدأ خطوة أخرى لنسف الصفقة، على حد قولها، متهمة إياه بأنه “يختبئ تحت مصدر سياسي رفيع”، حي قال إن إسرائيل لن توافق على إنهاء الحرب.
واعتبرت أنه يحاول مرة أخرى نسف “الفرصة الوحيدة المتاحة” لإنقاذ الرهائن، وهو ما يتفق معه شخص آخر يدعى داني إلغارات، شقيق يتسحاق المحتجز في غزة، الذي خاطب نتنياهو قائلا: “بيبي، لا يمكنك خداعنا. أنت تماطل من أجل إرضاء بن غفير والبقاء في السلطة. أنت لا تهتم بالرهائن الـ 132”.
واعتبر شقيق الرهينة أن دخول رفح يعني “حكم الإعدام على الرهائن”، مستكملا حديثه لنتنياهو: “لا يمكنك أن تبقى رئيسا للوزراء ويديك ملطخة بدماء 132 رهينة”.
أما يائيل أور، ابنة عم درور أور الذي قُتل في 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي وجثمانه محتجز في القطاع، فقالت: “لا يمكننا الاستماع إلى هذه الحكومة بعد الآن، هؤلاء الأشخاص المتطرفين والقساة، الذين يغرزون السكين في قلوبنا مرارا وتكرارا، ولا يمكننا تحمل شرهم ولا مبالاتهم وخدرهم وعدم احترامهم للحياة البشرية، بعد الآن”.
وفي مظاهرة في مدينة روحوفوت، قال يهودا كوهين، والد الجندي نمرود كوهين: “لقد مررنا بمثل هذه الأيام لفترة طويلة جدا، أيام من الترقب والقلق في مواجهة كل العقبات، التي يضعها نتنياهو وأصدقاؤه المتطرفون في طريقنا”.
ودعا القيادة الإسرائيلية إلى “التوصل إلى اتفاق من شأنه أن يعيد جميع الرهائن مقابل وقف إطلاق النار”، وهو المطلب العام الذي تتمسك به أسر المحتجزين في قطاع غزة.