الانتقالي الجنوبي يفرض السيطرة على مناطق تمركز للقوات الحكومية اليمنية
أحرزت القوات التابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي تقدماً في مواجهات أبين المشتعلة منذ أيام، حيث تمكنت من فرض السيطرة على منطقتي “الشيخ سالم” و”قرن الكلاسي” والتقدم نحو مدينة “شقرة” التي تتمركز فيها قوات الحكومة اليمنية التي يهيمن عليها الإخونجية.
وقالت مصادر من اليمن، إن القوات الحكومية فوجئت بحجم الدفاعات التي اعترضت طريقها، الأمر الذي تسبب في تكبدها خسائر كبيرة في الأرواح والمعدات التي تركتها على طريق انسحابها نحو “شقرة”.
وأشارت المصادر إلى أن الحشود ما زالت تتدفق لتعزيز قوات الحزم من عدن ولحج، في ظل وصول تعزيزات مماثلة للجيش الحكومي من شبوة ومأرب في مؤشر على استمرار المواجهات واتخاذها طابعا تصاعديّا في الأيام القادمة، مع عدم وجود أي مؤشرات على تدخلات فاعلة لوقف المواجهة.
وفيما اتهمت قيادات إعلامية وسياسية إخوانية قوات المقاومة الوطنية بقيادة طارق صالح بالاشتراك في المواجهات لصالح المجلس الانتقالي، تحدثت وسائل إعلام تابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي عن حصول الجيش الذي يهيمن عليه الإخونجية في أبين عن دعم إعلامي ولوجستي من قطر، مدللةً على ذلك بوجود بعثة تابعة لإحدى القنوات الممولة من الدوحة ترافق قوات الجيش الحكومي في مناطق الاشتباكات.
وأثارت تغريدة على تويتر للعميد طارق صالح قائد المقاومة الوطنية في الساحل الغربي غضب سياسيين وناشطين وإعلاميين من حزب الإصلاح الإخونجي توعدوه بعواقب وخيمة نتيجة موقفه الذي قالوا إنه ينحاز إلى صالح الانتقالي بعد أن انتقد إرسال “الشرعية” لقواتها باتجاه عدن التي قال إنها “بحاجة إلى دعم وإغاثة ومعدات طبية، بحاجة إلى فرق طبية لا فرق اقتحام ومعدات عسكرية”.
ورد الناطق الرسمي باسم قوات المقاومة الوطنية في الساحل الغربي صادق دويد على الحملة الإعلامية ضد طارق صالح بتغريدة على تويتر قال فيها “كان البعض يتحجج سابقا لتبرير فشله بالزعيم الشهيد صالح، ويحاولون اليوم الزج بالمقاومة الوطنية وقائدها طارق صالح لتغطية إخفاقاتهم في الجنوب، نؤكد مجددا أن ليس لنا أي مشاركة في الجنوب والمناطق المحررة، وأن مفتاح الحل في اليمن هو تحرير صنعاء”.
وبالتزامن مع المواجهات العسكرية شرق عدن، تبادل المجلس الجنوبي والحكومة اليمنية الاتهامات حول الطرف المتسبب في تفجير الوضع.
وفي رد على التصريحات الحكومية، قال أحمد عمر بن فريد ممثل المجلس الانتقالي في أوروبا إن المواقف التي أطلقتها قيادات في الشرعية اليمنية ليست غريبة بالنسبة إلى الانتقالي “على مستوى النبرة العدائية المتجنية وعلى مستوى المضمون الذي لا تغلّط به الشرعية إلا نفسها بعد أن فقدت كل صفات الشرعية القانونية”.
وأضاف بن فريد أن “هذه التصريحات المتشنجة دليل لا يقبل الجدال على أن هذه الحكومة فقدت الشعور بالمسؤولية، فعندما كان العالم كله يعطل كل مؤسساته لمواجهة أخطر جائحة صحية وهي وباء كورونا قامت هذه الحكومة بتجييش ميليشيات الإصلاح الإخوانية مع مجاميع قبلية لخوض غمار معارك عبثية في الجنوب، وهو فعل يتناقض مع متطلبات المسؤولية ومع محتوى ‘اتفاق الرياض’ الذي تتشدق به الحكومة في تصريحاتها”.
وفي إحاطته أمام مجلس الأمن الدولي، الخميس، عبر المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث عن قلق عميق يساوره بشأن الوضع في الجنوب، جراء تفشي فايروس كورونا وأمراض الملاريا والكوليرا وحمى الضنك في عدن، مشيرا إلى أن السيول الغزيرة التي شهدتها المدينة كشفت ضعف البنية التحتية وفاقمت مشكلة انقطاع التيار الكهربائي الذي كان سيئا بالفعل، بينما أصبحت الخدمات العامة المتدهورة على حافة الانهيار.
وقال المبعوث الأممي إنه منزعج من إعلان المجلس الانتقالي الجنوبي و”محاولته السيطرة على المؤسسات المحلية في عدن”، مشيرا إلى أن التوترات العسكرية تتصاعد في الجنوب، خاصة في أبين وسقطرى. ودعا إلى ضبط النفس الفوري، وإلى ضرورة قيام الحكومة اليمنية والمجلس الانتقالي بتطبيق اتفاق الرياض بشكل عاجل.
وأضاف “مسودات الاتفاقيات التي يتم التفاوض عليها مع الأطراف ستضع اليمن في بداية مسار إعادة الإعمار والتعافي والمصالحة. إن هذا المستقبل واقعي وممكن بشكل كبير بالنسبة إلى اليمن”.
واعتبر غريفيث أن فايروس كورونا والتباطؤ الاقتصادي العالمي يهددان بالمزيد من المحن في اليمن الذي عانى بالفعل أكثر من أي دولة أخرى، مشيرا إلى أن الأمم المتحدة قدمت خارطة طريق قابلة للتنفيذ وأن “الأمر متروك لمن يمتلكون السلاح والقوة وإمكانية اتخاذ القرارات لتحقيق ذلك”.
وتشهد محافظة أبين (شرق عدن)، منذ الأحد الماضي، مواجهات وصفت بأنها الأعنف منذ مواجهات أغسطس 2019 بين قوات الشرعية وقوات المجلس الانتقالي الجنوبي.
وكشفت مصادر سياسية في وقت سابق عن ارتباط الهجوم الجديد على عدن بحسابات التيار الإخونجي النافذ الموالي لقطر في الشرعية، الذي يعمل على إفشال اتفاق الرياض لصالح أجندات قطر والنظام التركي التي سلطت الضوء عليها مؤخرا وسائل الإعلام السعودية الرسمية.
واعتبر مراقبون يمنيون أن المعركة التي يخوضها الإخونجية وتيار قطر والنظام التركي في الشرعية باتجاه عدن المحررة، محاولة لتبديد الطاقات، وإرباك التحالف، في الوقت الذي يسيطر فيه الحوثيون على الجوف ونهم ويتوعدون بمهاجمة مأرب ومناطق في البيضاء أعلنت تمردها على سلطتهم.
الأوبزرفر العربي- صنعاء