التحقيق مع ميت… أحدث جولات الصراع بين جبهتي إسطنبول ولندن في تنظيم الإخونجية
كشف الباحث في شؤون الجماعات السياسية الإسلامية، عمرو فاروق، كواليس أزمة مستعرة تدور رحاها خلال هذه الأيام داخل تنظيم الإخونجية بين جبهة إبراهيم منير من جهة، وجبهة تركيا التي يقودها محمود حسين أمين عام التنظيم السابق، عقب اتهامات للإخونجي أيمن عبد الغني زوج ابنة القيادي الآخر بالجماعة، خيرت الشاطر، والذي توفي في 11 ديسمبر/كانون الأول 2020 ب “العمالة للأمن المصري”.
ومنذ شهور تدور أزمة مستعرة بين قطبي الإخونجية، إذ أعلن منير القائم بأعمال مرشد تنظيم الإخونجية من بريطانيا، إحالة محمود حسين المقيم بتركيا، وستة آخرين من أعضاء مجلس شورى الجماعة إلى التحقيق، قبل أن يرد الأخير بعزل الأول من منصبه.
وانشطرت الجماعة إلى قسمين إثر هذه القرارات، وقررت جبهة تركيا تعيين القيادي الإخونجي مصطفى طلبة في منصب المرشد العام للتنظيم لمدة ستة أشهر، وإقصاء منير من منصبه.
تحقيق مع ميت
ويؤكد فاروق أن تسريبات انتشرت خلال الفترة الماضية، تفيد بتدشين جبهة حسين تحقيقات داخلية موسعة أشرف عليها محمد فهمي طلبة، وهمام علي يوسف، ضد أيمن عبد الغني بعد نحو عام من وفاته.
التحقيقات التي دارت مع أقارب المتوفى كانت تركز، بحسب فاروق، على اتهامات موجهة لعبدالغني، بالعمالة للأجهزة الأمنية المصرية، والحصول على أموال بشكل غير مشروع، والاستيلاء على أموال خاصة بالتنظيم.
وخلال الأيام الماضية، خرجت تسريبات بالاتهامات الموجهة لأيمن عبدالغني، ما أشعل غضب شباب الإخونجية ضد جبهة تركيا بقيادة محمود حسين، خاصة أن القيادي الراحل من الوجوه التي لعبت دورا في قسم الطلاب في تاريخ الجماعة، وله تأثير على القواعد الشبابية داخلها، فضلاً عن أن التحقيقات تمت بعد وفاته.
في المقابل، قام شباب الإخونجية من جبهتي إبراهيم منير ومحمود حسين، بحملة مضادة ضد محمود حسين بسبب تسريب أخبار التحقيقات، ووجه الشباب الغاضب الاتهامات لمحمود حسين، فيما انتشرت على وسائل التواصل الاجتماعي حملة مؤيدة لأيمن عبد الغني.
محاولة لتفكيك الموقف الداعم لجبهة لندن
ويعتقد فاروق أن تسريب ملف التحقيقات جاء بطريقة خبيثة من قبل فريق محمود حسين، في محاولة لتفكيك الموقف الداعم لجبهة لندن في القواعد التنظيمية، لاسيما أن عبدالغني كان من العناصر الداعمة لإبراهيم منير ورجاله.
إلا أنه من الواضح أن تسريب أمر هذه التحقيقات جاء بنتيجة عكسية، بسبب ارتباط الأجيال الشبابية بشخصية عبدالغني قبل وفاته فضلاً عن ارتباطه بعلاقة مصاهرة مع خيرت الشاطر، الرجل الأقوى داخل التنظيم، وفق الخبير المصري.
ويشير فاروق إلى أن النغمة السائدة حاليًا داخل الجماعة هي تبادل الاتهام بالعمالة للأجهزة الأمنية المصرية، بين مختلف الجبهات، ومن المنتظر أن يستمر هذا الوضع في الفترة المقبلة.
ومن جهة أخرى، قال فاروق إن إبراهيم منير ورجاله حملوا على عاتقهم مسؤولية إقصاء جبهة حسين عقب قرار تعيين مصطفى طلبة مرشداً للتنظيم، ومن أجل تحقيق هذه الغاية سعوا إلى الاستحواذ الفعلي على مكاتب الخارج، لا سيما في تركيا نفسها.
ويشير فاروق إلى أن المعلومات التي لديه تؤكد نجاح منير بشكل كبير في تحقيق أهدافه، حيث تدين 7 مكاتب إقليمية من أصل 9 داخل تركيا، بالولاء لجبهة لندن، بينما يسيطر خصمه على مكتبين إداريين فقط.
النسبة نفسها في مصر تدين بالولاء لمنير، حيث يدين بالولاء التنظيمي لجبهة لندن نحو 70% من مكاتب مصر، في الوقت الذي تسيطر جبهة حسين على نحو 30% فقط.
استرضاء الغرب
ويستخدم منير في حربه على غريمه أسلحة كبرى، أولها استغلال الرأي العام الدولي لصالحه كونه يعمل على استرضاء الغرب، ويصدر صوراً نمطية تؤكد انفصال الجماعة عن أي أعمال عنف، ويتماشى مع أي أمور متعلقة بالحريات، حتى إنه أعلن ذات مرة قبوله بالشواذ، وفق مراقبين.
وفي هذا الإطار، قال فاروق “قوة منير لا ترتكن فقط على الدعم الغربي، بل على سلاح سلمه له خصمه تحديدا، حيث يعزف الكثيرون عن جبهة محمود حسين لأسباب تتعلق بطبيعة شخصيته، باعتباره كان المهيمن الرئيسي على التنظيم خلال فترة ما بعد ثورة 30 يونيو/تموز 2013 في مصر، الأمر الذي جعله يخلق عداوات شخصية مع بعض العناصر وبعض المكاتب الإدارية الموجودة داخل مصر وخارجها”.
في المقابل، لا يرغب محمود حسين في الاستسلام ورفع الراية البيضاء، مستندا لقوة داعمة له داخلياً وخارجياً لكونه يحافظ على ثوابت الجماعة في إعلان استمرار الخصومة مع مصر، والتمسك بشعارات تهاجم الدولة المصرية ومؤسساتها، وهو أمر يجلب له قطاعا غير قليل من الشباب.
ويرتكز حسين بحسب ما يؤكده فاروق، على ما يسمى برابطة الإخونجية المصريين في الخارج، التي تنقسم مكاتبها بين الجبهتين المتصارعتين، ما يجعل الصراع غير محسوم حتى الآن.