التطبيع التركي مع إسرائيل في ميزان الفلسطينيين
منذ أيام، أعلن رئيس النظام التركي رجب طيب أردوغان، إن الرئيس الإسرائيلي إسحق هرتزوغ سيزور تركيا في منتصف مارس، وذلك في أول زيارة من نوعها منذ سنوات، مضيفا أن البلدين يمكن أن يناقشا خلال الزيارة التعاون في مجال الطاقة.
ولم يؤكد هرتزوغ نبأ الزيارة، كما أن الإسرائيليون يتعاملون بحذر مع التصريحات التركية المتعلقة بعودة العلاقات.
ويسير أردوغان نحو التطبيع مع إسرائيل بحماس شديد هذه المرة، ودون أي انتقادات لها، ودون شعارات مثل السابق، فقط يريد من الفلسطينيين أن يصدّقوا أن هذا التطبيع “لن يكون على حسابهم”، وألا يخونوه.
وقال وزير خارجية النظام التركي مولود جاويش أوغلو الثلاثاء قبل زيارة متوقعة لرئيس إسرائيل إسحق هرتزوغ إلى تركيا الشهر المقبل إن أنقرة لن تتجاهل التزامها بقيام دولة فلسطينية من أجل إقامة علاقات أقوى مع إسرائيل.
ويرى مراقبون فلسطينيون أن مبررات تركيا للتطبيع مع إسرائيل جاهزة، في ظل الأزمة الاقتصادية الحادة، وأن أردوغان لن يجد من الفلسطينيين أي انتقادات كتلك التي دأبوا على توجيهها إلى أي دولة عربية تقترب بشكل أو بآخر من موضوع السلام، وأنهم لن يخرجوا إلى الشوارع للتظاهر ضده أو يحرقوا صوره.
عباس لن يُغضب تركيا
وأشار المراقبون إلى أن أردوغان لن يجد انتقادات ولا حملات، سواء من السلطة الفلسطينية أو من حركة حماس؛ فعباس لن يُغضب تركيا لعلاقته المباشرة بها وكذلك لكي لا يستعدي عليه قطر التي سبق أن لجأ إليها لنجدة سلطته التي تعاني من أزمة مالية خانقة. كما أنه بات يراهن على محور تركيا – قطر بعد أن خسر ثقة المحور العربي التقليدي الداعم للقضية الفلسطينية.
هل تصمت حماس
من جهتها لن تخون حماس أردوغان؛ فهي إما ستسكت أو ستعلن عن تفهمها لمبررات أردوغان، على عكس حملاتها التي شنتها على دول عربية كانت قد أقامت علاقات مع إسرائيل ضمن مسار السلام التي تشهده المنطقة.
وقال جاويش أوغلو للصحافيين في أنقرة “أي خطوة نتخذها تجاه إسرائيل في ما يتصل بعلاقاتنا، أي تطبيع، لن يكون على حساب القضية الفلسطينية، مثل بعض الدول الأخرى”، مشيرا إلى التقارب الذي أثار غضب تركيا بين إسرائيل وبعض دول الخليج العربية.
ويبيح الأتراك لأنفسهم ما يرفضونه للآخرين في ما يتعلق بالموضوع الفلسطيني، حيث تقيم أنقرة علاقات قديمة مع إسرائيل، وكانت تبيع للفلسطينيين بعض الشعارات والمواقف العامة الهادفة إلى تحسين صورتها في العالم الإسلامي وخاصة بعد موجة الربيع العربي، لكنها لم توقف تعاونها مع تل أبيب عسكريا واستخباريا واقتصاديا، وهي تبحث عن مكاسب أوسع في الوقت الرهان في ظل الأزمة الاقتصادية التي تعيشها.
وكان أردوغان قد قال للصحافيين في رحلة العودة من أوكرانيا منذ أيام، “يمكننا استخدام الغاز الطبيعي الإسرائيلي في بلادنا، وإلى جانب هذا يمكننا أيضا الانخراط في جهد مشترك لنقله إلى أوروبا”.
لكنّ مسؤولا إسرائيليا كبيرا -طلب ألا يُنشر اسمه- قال لرويترز إن إسرائيل “تمضي قدما بدرجة كبيرة من الحرص في ما يتعلق بتركيا”، مضيفا أن التوترات الإقليمية يجب ألا تمنع البلدين من التعاون.
وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت ردا على سؤال عن احتمال قيامه بزيارة إلى تركيا “الأشياء (الإيجابية) تحدث ببطء شديد وبالتدريج”.
وتحدث أردوغان إلى هرتزوغ من قبل خلال التوترات بين البلدين، لكن الرئاسة الإسرائيلية مؤسسة رمزية بدرجة كبيرة، ولا تعبر عن المزاج الرسمي تجاه تركيا. وفي نوفمبر الماضي تحدث أردوغان إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي في أول اتصال هاتفي من نوعه منذ سنوات.
ونقلت قناة “خبر” التلفزيونية عن إبراهيم كالين المتحدث باسم أردوغان قوله يوم الاثنين إن هناك “نهجا إيجابيا” من إسرائيل منذ تشكيل حكومتها الجديدة.