الجيش السوداني: كل الخيارات مفتوحة إذا استمرت التعديات الإثيوبية على الحدود
أعلن المتحدث باسم الجيش السوداني، عامر محمد الحسن، الجمعة، إن “كل الخيارات مفتوحة إذا استمرت التعديات الإثيوبية على الحدود السودانية” وأن السودان “أرسلت تعزيزات لحدود إثيوبيا لمنع أي انتهاكات”.
وأوضح الحسن أن “تدخل القوات الإثيوبية في الاعتداءات الأخيرة كان واضحاً”.
إلى ذلك أكد الحسن أن “هناك مماطلة إثيوبية في ترسيم الحدود ومتمسكون بالحل السلمي”.
وشدد على أن هناك “إنشاءات إثيوبية داخل حدود السودان واعتداءات مستمرة”.
يشار إلى أن الجيش السوداني كان اتهم الخميس القوات الحكومية الإثيوبية بمساندة ميليشيات محلية إثيوبية في هجمات عبر الحدود على مواقع سودانية.
وأعلن الحسن، في بيان، أن “ميليشيات إثيوبية مسنودة بالجيش الإثيوبي واصلت تعديها على الأراضي والموارد السودانية”.
وأضاف ، إن الخرطوم تبدي قدرا وافرا من الانضباط، وتمد “حبال الصبر في إكمال العملية التفاوضية الرامية إلى وضع حد لهذه الأعمال العدائية والإجرامية”.
وتحدث الحسن الجمعة عن أن الاتصالات لتهدئة الأوضاع على الشريط الحدودي لم تتوقف، قائلا “ارتأينا إعطاء الفرصة للدبلوماسية قبل اندلاع الحرب الشاملة بين البلدين”.
كما اشتبكت مع قوة عسكرية سودانية في معسكر بركة نورين, بحسب وكالة الأنباء السودانية، ما أدى إلى مقتل نقيب في الجيش السوداني وطفلة، إلى جانب جرح عدد من العسكريين والمدنيين.
وتواصلت المحادثات بين قيادتي البلدين لاحتواء الحادث وضبط النفس ومنع انفلات الأوضاع في منطقة “الفشقة” الحدودية التي تستولي عليها إثيوبيا، وعززت القوات السودانية وجودها في حامية القضارف العسكرية بشرقي البلاد.
وشهدت الحدود المشتركة بولاية القضارف توترا الخميس، عندما توغلت قوة من ميليشيا إثيوبية معروفة بـ”الشفتا” واعتدت على بعض المشاريع الزراعية بمنطقة بركة نورين وقرية الفرسان، وتواصل الاعتداء ليشمل الاشتباك مع قوة عسكرية سودانية.
وقدرت الخرطوم عدد الإثيوبيين الذين يزرعون داخل الأراضي السودانية بألف وسبعمئة وستة وثمانين مزارعا، واتفق البلدان على ترسيم الحدود المشتركة والحد من دخول هؤلاء بعد مباحثات أجراها وفد سوداني رفيع المستوى في أديس أبابا.
وتم الاتفاق على أن تبدأ اللجنة المشكلة من خبراء في البلدين على وضع علامات واضحة للحدود في أكتوبر المقبل، على أن تنتهي من عملها في مارس من العام القادم.
وأنهى الوفد السوداني رفيع المستوى في 21 مايو الجاري زيارة لأديس أبابا امتدت إلى أربعة أيام، وجرت خلالها مباحثات بشأن أزمة الحدود والقضايا ذات الاهتمام المشترك.
الزراعي والحصاد اختراقات إثيوبية متواصلة في مناطق حدودية، ما يتسبب في حدوث اشتباكات تفضي لوقوع خسائر بشرية في صفوف قبائل سودانية تقطن “الفشقة”، حتى اضطرت الحكومة لتكثيف وجودها العسكري وزيادة درجة الاستنفار.
ولوح رئيس مجلس السيادة الفريق أول عبدالفتاح البرهان مؤخرا إلى استخدام القوة العسكرية للحفاظ على وحدة الأراضي السودانية، غير أن إثيوبيا سارعت لاحتواء الموقف وأرسلت وفدا إلى الخرطوم على رأسه رئيس الأركان، وهدأت العاصفة حتى تجددت الخميس.
ويرى متابعون أن هذه الاعتداءات تحدث بصورة شبه مستمرة منذ فترة، غير أنها في الآونة الأخيرة بدأت تطرأ عليها تغيرات، أبرزها أن العصابات تتوغل في الأراضي السودانية بكثافة، وتأتي مدعومة من قوات نظامية تستخدم سلاحها في مهاجمة المواطنين، ثم تطور الأمر إلى توجيهه إلى عناصر عسكرية سودانية، في إشارة تريد منها الابتعاد عن هذه المنطقة.
ويضيف هؤلاء أن المسألة مقصود منها جس نبض رد الفعل السوداني، ومعرفة الحدود التي يمكن أن يصل إليها رده العسكري، ومدى استعداده لفتح جبهة يمكن أن تسبب له مشكلات داخلية، حيث تفجر في وجهه أزمة مثلث حلايب وشلاتين الحدودي والمتنازع عليه مع مصر.
وربط مراقبون بين تفجر أزمة “الفشقة” وبين أزمة سد النهضة، حيث بدأت الخرطوم تتخذ موقفا يميل ناحية القاهرة منه لأديس أبابا، وكأن الأخيرة تريد أن تمارس ضغطا على السودان ورهن تقديم تنازلات في الملف الحدودي بانحياز الخرطوم إلى إثيوبيا في أزمة سد النهضة.
وأكدت مصادر سودانية أن الخرطوم لا تساوم على مواقفها الوطنية وترفض الربط بين الملفين، وما يحكم موقفها هو المصالح العليا في الملفين، بعيدا عن تقديرات القاهرة أو أديس أبابا، فعندما يضجر السودان بالخروقات العسكرية أو يعدّل موقفه في سد النهضة، في الحالتين ينطلق من حسابات وطنية ولا علاقة له بأي تطورات إقليمية.
وشدد أستاذ العلوم السياسية بمركز الدراسات الدولية بالخرطوم الرشيد محمد إبراهيم على أن التطورات في ملف الحدود وثيقة الصلة بإدارة المسار التفاوضي لسد النهضة، والفترة الماضية شهدت حشدا إثيوبيا لمنظومة الصواريخ الدفاعية الروسية حول السد وداخل مناطق عديدة قد تشكل تهديدا أو ثغرة لاستهدافه، في ظل وجود هواجس إثيوبية بأن الخرطوم والقاهرة قد تقومان بعمل عسكري مشترك ضدها، وتستخدم هذه المنطقة في ذلك.
وأضاف أن الموقف السوداني الأخير من المسائل الفنية المتعلقة بملء خزان سد النهضة أغضب إثيوبيا التي تقوم باستباق الأحداث عبر إثارة مشكلات أمنية على الحدود وإرسال إشارات في جميع الاتجاهات تفيد بأن لديها خيبة أمل من المكون المدني في السلطة الانتقالية بالسودان، وتعتبر أنه لم يرد الجميل إلى رئيس الوزراء آبي أحمد، الذي كان له دور فاعل في إحداث التوافق مع المجلس العسكري عقب سقوط نظام عمر البشير.
وغير مستبعد أن يستغل المكون العسكري تلك الأوضاع لإعادة تشكيل المشهد السوداني، لأنه يعتقد أن الحاضنة السياسية للحكومة ممثلة في تحالف قوى الحرية والتغيير لم توفر السند اللازم لمجلس السيادة في مواجهة الأزمة الحدودية مع إثيوبيا، وامتعاضه بسبب ردود الفعل التي لم ترتق لدرجة الحماية المطلوبة للأمن القومي.
ولذلك ربما تحدث مفاجآت على الحدود، تتمثل في وقوع أعمال عسكرية بين البلدين، لأن الحدود في معظمها عرفية وليست واضحة المعالم بصورة نهائية، كما أن السودان تخامره شكوك قوية بأن إثيوبيا لديها أطماع للسيطرة على المناطق الزراعية القريبة منها.
الأوبزرفر العربي