الرئيس التونسي يتهم أطراف داخلية بالتخطيط لاغتياله
أثار الرئيس التونسي قيس سعيد جدلا واسعا في البلاد، بسبب اتهامه لأطراف داخلية تحاول سرا التنسيق مع الخارج لإزاحته من منصبه، ولو عن طريق الاغتيال.
وقال سعيّد خلال اجتماعه مع رئيس الحكومة هشام المشيشي، وثلاثة رؤساء حكومة سابقين، إنه “من كان وطنيا لا يذهب إلى الخارج سرا بحثا عن طريقة لإزاحة رئيس الجمهورية بأي شكل من الأشكال حتى بالاغتيال”.
وأضاف الرئيس التونسي: أعي جيدا ما أقول .. بئس ما خططوا وبئس ما فعلوا وسيعلم الذين ظلموا والذين كانوا مخبرين أي منقلب ينقلبون.
وليست هذه المرة الأولى التي يتحدث فيها الرئيس التونسي عن مخطط لاغتياله، إذ سبق أن تحدث عن وصول رسالة مسمومة إلى ديوانه الرئاسي بهدف اغتياله.
معطيات خطيرة
وقال النائب المستقل، حاتم المليكي: ليست هذه المرة الأولى التي يتحدث فيها رئيس الجمهورية عن محاولات لاغتياله، ولكن الجديد هو المعطيات الخطيرة التي قدمها بشأن تنسيق طرف تونسي مع جهات أجنبية لإزاحته من السلطة، بما يعني أنها محاولة انقلاب منسقة.
واعتبر المليكي أنه لم يكن على رئيس الجمهورية أن يدلي بهذا التصريح في إطار اجتماع مخصص لتداول مبادرة الحوار الوطني، التي يعلق عليها الجميع الآمال في الخروج من الأزمة الراهنة.
وأضاف “كان يتوجب على رئيس الدولة أن يتناول هذا الموضوع في إطار الأبحاث مع النيابة العسكرية، على اعتبار أن الأمر يتعلق بدولة أجنبية.
ولا يستبعد النائب المستقل صحة المعطيات التي قدمها رئيس الجمهورية، قائلا: رئيس الدولة لا يتكلم من فراغ، ولنا ثقة تامة في المعطيات التي أعلن عنها، ولكن السؤال المطروح من هي الدولة الأجنبية التي تتآمر على تونس.
وطالب المليكي رئيس الدولة بتقديم معطيات أكثر دقة عن هذا الموضوع وأن تتولى النيابة العمومية العسكرية أو المدنية التحقيق في هذا الأمر، من أجل كشف الحقائق كاملة، موضحا أنه من المهم أن يطمئن الشعب على أن تونس ليست مستهدفة بالانقلاب وبأن رئيسها ليس مهددا بالتصفية، وأن يتم الكشف عن الأطراف التي من الممكن أن تتورط في هذا المخطط.
لا ينطق على الهوى
من جانبه، اعتبر النائب عن الكتلة الديمقراطية خالد الكريشي، أن ما صرح به رئيس الجمهورية غاية من الخطورة، وأن حديثه عن الاغتيال استند إلى معطيات دقيقة بوصفه القائد الأعلى للقوات المسلحة والمشرف على المخابرات والجيش في تونس.
وقال الكريشي إن “رئيس الجمهورية لا ينطق على الهوى ولديه بداية حجج وقرائن ومعلومات شبه مؤكدة عن مخطط الانقلاب عليه وحتى اغتياله”، مشددا على أن الرئيس التونسي لا يسعى إلى إثارة الشفقة أو استعطاف الشعب مثلما ذكر البعض.
وتابع الكريشي قائلا: على رئيس الجمهورية أن يمر من الأقوال إلى الأفعال، وأن يقدم جميع المعطيات والمؤيدات التي بحوزته إلى القضاء العسكري أو المدني وأن يطالب بإثارة الدعوة العمومية وتتبع المتورطين في هذا الجرم.
ودعا الكريشي رئيس الجمهورية إلى عدم الاكتفاء بالتشهير والتهديد والوعيد خاصة وأن المسألة تتعلق بالأمن القومي الداخلي وبحياة رئيس الدولة وباستقرار السلطة في البلاد، لافتا إلى أن البت في هذه القضايا يعود للقضاء وحده، قائلا “لكن كل شيء جائز وإذا ثبت هذا الأمر فهي طامة كبرى وكارثة حقيقية وخطر جسيم يهدد استقرار تونس وانتقالها الديمقراطي”.
مزايدات سياسية
وأكد الناطق الرسمي باسم حزب “قلب تونس”، محمد الصادق جبنون، أن تصريح رئيس الجمهورية وحديثه عن مخطط الاغتيال استند إلى تدوينة نشرها تونسي مقيم في كندا ولديه مشاكل مع العدالة.
وقال جبنون “أعتقد أن اعتماد هكذا مصادر لا يبعث على الطمأنينة لا في المشهد السياسي الداخلي ولا للمستثمر الذي ينوي الذهاب إلى تونس بهكذا خطابات غير واضحة ومبهمة”.
واعتبر جبنون أن “هذه التصريحات تعمّق من وضع الإرباك العام خاصة وأنها المرة الثانية التي يقع فيها الإعلان عن هكذا أمر، إذ سبق لرئيس الجمهورية أن تحدث رسالة مسمومة ثبت أنها لم تكن موجودة وإلى اليوم لم يعرف أحد مآلات هذه القضية”، وفقا لقوله.
وأضاف “نحن على ثقة أن قوات الأمن الداخلي في تونس والمصالح المختصة لديها من الكفاءة ومن القدرة ما يمكّنها من حماية شخصيات الدولة ورموزها بكل نجاعة، ويستحيل أن يقع أمر مثل هذا ولا تتفطن إليه قوات الأمن التونسية ولا تأخذ على إثره الإجراءات المناسبة”.
واعتبر جبنون أن تصريح رئيس الدولة مربك ويأتي في إطار المزايدات السياسية، مشددا على أنه سيكون له تأثير سيئ على سمعة تونس في الخارج ومع شركائها الرئيسيين.