الرئيس الجزائري يؤكد رفض بلاده للتدخلات الأجنبية العسكرية في الأراضي الليبية
جدد الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون رفض بلاده القاطع للتدخلات الأجنبية العسكرية في الأراضي الليبية، ووصف ما يتعرض له الشعب الليبي بـ”الويلات التي يكابدها”.
وفي كلمته أمام القمة الأفريقية الـ33 بأديس أبابا، كشف عبدالمجيد تبون عن أسباب دعوة الجزائر لاحتضان الحوار بين الفرقاء الليبيين، وأكد أن الوضع في الجار الشرقي بات “مصدر قلق للجزائر”.
وأوضح أن “الوضع المأساوي الذي يسود في ليبيا الشقيقة التي تتقاسم معها الجزائر حدودا طويلة ومصيرا مشتركا، لا يزال يشكل مصدر قلق بالنسبة إلينا”، مضيفاً أن “الشعب الليبي الشقيق لا يستحق الويلات التي يكابدها اليوم”.
كما دعا إلى وقف التدخلات الأجنبية في ليبيا، وأعرب عن دعم الجزائر لكل الجهود الدولية لإنهاء الاقتتال في هذا البلد العربي والأفريقي.
وقال تبون إن “الجزائر تدعو إلى وقف التدخل في ليبيا، تدعم بقوة الجهود المستمرة لإنهاء الاقتتال فيها بصفة دائمة وإلى تهيئة الظروف للحوار بين الإخوة الليبيين”، وشدد على “أن هذه هي الطريقة الوحيدة التي بوسعها إيجاد مخرج للأزمة حتى لا يصبح هذا البلد الأفريقي ملعبا للمنافسات بين الدول”.
كما حدد الرئيس الجزائري “المرجعية” التي اعتمدت عليها بلاده في الدعوة لاحتضان الحوار بين الليبيين، ولخصها في “الوفاء منها لتقاليدها الدبلوماسية، ووفق ما تم التأكيد عليه في مؤتمر برلين، وفي برازافيل خلال قمة لجنة الاتحاد الأفريقي رفيعة المستوى حول ليبيا”.
وتعد مشاركة عبدالمجيد تبون في قمة الاتحاد الأفريقي الأولى لرئيس جزائري منذ 2013، حيث غابت الرئاسة الجزائرية عن حضور مختلف المحافل الدولية بما فيها الأفريقية والعربية منذ تدهور الوضع الصحي للرئيس الجزائري السابق عبدالعزيز بوتفليقة، ومثّل الجزائر فيها لنحو 6 سنوات رئيس مجلس الأمة أو رئيس الوزراء.
من جانب آخر، وصف الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون الوضع في منطقة الساحل بـ”التعيس والمؤسف”، عقب ما أسماه “التدهور المفاجئ للوضع في مالي والنيجر نتيجة الأزمة الليبية الذي أثر على الاستقرار الهش للمنطقة”.
وقال إن “الوضع في منطقة في منطقة الساحل بات مثالا مؤسفاً وتعيسا لهذا الواقع، حيث شهد الاستقرار الهش أصلا في دول مثل مالي تدهورا مفاجئاً في أعقاب الأزمة الليبية ناهيك عن النيجر التي لم تنج هي الأخرى من الهجمات التي استهدفت جيشها، مع تصاعد الهجمات الدموية التي يقترفها الإرهابيون في بوركينافاسو وبعض المحاولات في البلدان الساحلية”.
واعتبر تبون أن الجهود “الشجاعة” التي بذلتها الدول المعنية لم تكن كافية، وأدت إلى “اكتساح عدم الاستقرار في منطقة الساحل”.
كما ذكر برفض بلاده التدخلات الأجنبية في القارة الأفريقية، واعتبر تجارب الجزائر في حل أزماتها السياسية “نموذجا” يمكن تطبيقه في القارة السمراء.
وقال إن “التجربة الناجحة التي عاشتها الجزائر منذ استقلالها تعزز يقينيا بأن حل الأزمات في قارتنا يجب أن يقوم على الحل السلمي والحوار الشامل والمصالحة الوطنية دون أي تدخل أجنبي”.
مضيفاً أن “العالم يواجه اليوم تحديات غير مسبوقة، وكأنه يبتعد عن معالم القانون الدولي والأطر المتعددة الأطراف التي أنارت درب المجتمع الدولي ومكنته من الحفاظ على السلم والأمن العالميين”.
واعتبر أن القارة الأفريقية “كثيرا ما تتعرض بسبب حساسيتها لارتداد الصدمات المزعزعة التي تضرب الاستقرار في العالم”.
وقدم الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون مقاربة بلاده لحل الأزمات في القارة الأفريقية التي قال إنها ترتكز على “الحل السلمي والحوار الشامل والمصالحة الوطنية”.
كما أكد أن الجزائر “”ستساهم دوماً وبلا هوادة في تعزيز الجهود الهادفة إلى تحقيق السلم والأمن في أفريقيا”، وجدد تمسكها “العميق والمستمر بالقيم المثلى للمنظمة القارية وبمبادئها وأهدافها”.
وأوضح الرئيس الجزائري أن القمة الحالية للاتحاد الأفريقي تعد في ظل تحديات “زادت حدتها بشكل مفرط”، على رأسها “الإرهاب والتطرف والمتاجرة بالمخدرات وتعدد بؤر التوتر والأزمات”.
وشدد على أنها تمثل “عائقاً حقيقياً في وجه التنمية والتطور لبلداننا ويقوض جهودنا المشتركة لمحاربة الفقر وتحقيق العدالة الاجتماعية وتلبية تطلعات شعوبنا المشروعة للرفاه والازدهار”.
ودعا تبون نظرائه الأفارقة إلى “انتهاز فرصة القمة” التي عدها “مواتية لتجديد التزامنا بالعمل سويا على التصدي لهذه التحديات، والسعي الدؤوب إلى تحرير أفريقيا من النزاعات والسماح لها بتوجيه جهود وطاقات أبنائها لخدمة التنمية والمضي قدما نحو مزيد من الاندماج”.
وأثنى الرئيس الجزائري على موضوع القمة الذي وصفه بـ”الاختيار الصائب”، وقال إنه “ينبغي الاعتراف في الوقت ذاته أن كثيرا لا يزال ينتظرنا، وأنوه الاختيار الصائب لموضوع الدورة ألا وهو “إسكات البنادق: تهيئة الظروف المواتية لتنمية أفريقيا”، وهو الهدف الذي سطرناه منذ 7 سنوات في إطار نظرة استراتيجية شاملة تتوافق مع رؤية أفريقيا 2063”.