السلطة الفلسطينية تغتال المعارض نزار بنات داخل أحد معتقلاتها
حملة تنديد واسعة ودعوات للتظاهر ضد الجريمة
أطلق نشطاء وسياسيون دعوات للتظاهر في رام الله ضد جريمة الاغتيال السياسي التي تعرض لها المعارض الفلسطيني والمرشح للانتخابات التشريعية نزار بنات، الذي اعتقلته أجهزة السلطة الفلسطينية التابعة لمحمود عباس في الضفة الغربية فجر اليوم الخميس، واقتادته إلى أحد معتقلاتها في الضفة الغربية ثم أعلنت وفاته.
وأعلن محافظ الخليل جبرين البكري، صباح اليوم الخميس، عن “وفاة الناشط نزار بنات بعد تدهور صحته، عقب اعتقاله من قبل أجهزة الأمن بناء على مذكرة احضار من قبل النيابة العامة”.
وأوضح المحافظ في بيانٍ له، أنّه “وعلى اثر صدور مذكرة احضار من قبل النيابة العامة لاعتقال المواطن نزار خليل محمد بنات قامت فجر اليوم قوة من الأجهزة الأمنية باعتقاله، وخلال ذلك تدهورت حالته الصحية وفورًا تم تحويله إلى مشفى الخليل الحكومي وتم معاينته من قبل الأطباء حيث تبين أن المواطن المذكور متوفى وعلى الفور تم ابلاغ النيابة العامة التي حضرت وباشرت بإجراءاتها وفق الأصول”، وهو ما نفته العائلة جملةً وتفصيلا.
بدوره، أكَّد مدير مجموعة “محامون من أجل العدالة” المحامي مهند كراجة وفاة الناشط الفلسطيني المعارض نزار بنات بعد أن تدهورت حالته الصحية عقب اعتقاله من الأمن الفلسطيني فجر اليوم واعلن عن وفاته بعد نقله للمشفى.
اغتيال مع سبق الإصرار
من جهتها، أكَّدت عائلة الناشط الفلسطيني نزار بنات في تصريحاتٍ صحفية، أنّ “ما حصل مع نزار هو اغتيال مع سبق الإصرار والترصّد عقب اقتحام مكان سكنه من قبل قوة أمنية مشتركة فجر اليوم”، مُشددةً على أنّ “نزار تعرّض للضرب المبرح من قبل 20 عسكريًا من أمن السلطة، وتم اعتقاله عاريًا ونقله لجهةٍ مجهولة قبل الإعلان عن وفاته”.
وقالت العائلة، إنه “في تمام الساعة الثالثة والنصف من فجر هذا اليوم قامت قوة من جهاز الوقائي وجهاز المخابرات العامة مكوّنة من 25 ضابطًا وعنصر أمن باقتحام أحد منازل العائلة التي يقطن فيها نزار، ولم يتعاملوا مع نزار وفق أي منطق أو قانون بل بكل عنف وعنجهية وقاموا بتفجير الأبواب والشبابيك ومداهمة المكان بالقوة ولم يظهروا أي مذكرة اعتقال أو توقيف“.
ضربه بالهراوات على الرأس
وأضافت العائلة “قاموا بضربه فورًا بالهراوات على رأسه وبقطعة حديديّة ومن ثم قاموا بإفراغ ثلاث علب غاز فلفل بشكلٍ كامل في فمه وعلى وجهه، ولم تهدأ نارهم بعد ذلك، بل قاموا بالتمثيل في جسده وهو كان ما زال على قيد الحياة وقاموا بجره على الأرض بطريقة لا تليق بأي مواطن فلسطيني ولا بأي ناشط سياسي، وضربوه بأعقاب البنادق والمسدسات وقاموا بنقله إلى جهة غير معلومة“.
وتابعت “تواصلنا مع بعض الأقارب المحسوبين على الأجهزة الأمنية وأكَّدوا لنا أنّ نزار غير موجود لدى الأمن الوقائي ولا لدى جهاز المخابرات، وتفاجأنا بعد ساعة بإعلان مستشفى عالية الحكومي بوفاة نزار ومن ثم صدر بيان محافظ الخليل الذي يقول فيه أنّ نزار توفي بنوبة قلبية”.
وأردفت: ألهذا الحد وصلتم بنا أن تقتلونا مع سبق الإصرار والترصّد ومن ثم تقولون أنّه توفي بنوبة قلبيّة، وماذا عن الضرب القاتل الذي تعرّض له نزار خاصة على رأسه؟!.
لم نجد جثة نزار
كما وأكدت العائلة في تصريحها: توجّه وفد من العائلة عقب ذلك إلى مستشفى عالية للنظر إلى جثة نزار ومعاينتها عن قرب، ولكن لم نجد جثة نزار، وتوجهنا إلى المستشفيات الرئيسيّة الثلاثة في الخليل وأيضًا لم نجد جثة نزار، ونطالب أعلى هرم في هذه السلطة من كبيرها إلى صغيرها بالكشف فورًا عن مكان جثة نزار.
وقالت “يمنع منعًا باتًا أن يقوم أي طبيب محسوب على وزارة الصحة الفلسطينيّة غير المؤتمنة على أي إنسان فلسطيني أن يقوم بتشريح جثة نزار، ونطالب باسم كافة عائلة بنات في الوطن والمهجر بتشكيل لجنة تحقيق دولية يرأسها طبيب من عائلة بنات – العجوري ومن الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان لتشريح جثة نزار في أي مركز بعيدًا عن مراكز الحكومة والأجهزة الأمنية الفلسطينيّة”.
وأشار إلى أنه ما “زلنا حتى هذه اللحظة لا نعلم أين جثة إبننا ولا يوجد أي جهة فلسطينيّة تعطينا معلومة عنه، في أي عُرف أو دولة يحصل هذا!“.
ادانات المنظمات الحقوقية والسياسية
وأدانت عدّة جهات حقوقية ووطنية اعتقال نزار بنات في أوقاتٍ سابقة، والاعتقال السياسي على خلفية الرأي، منها الجبهة الشعبيّة التي دعت قيادة السلطة وأجهزتها الأمنية إلى “وقف هذا النهج السياسي المدمّر والذي ألحق ضررًا بالغًا بالقضية الفلسطينية والعلاقات الوطنية، وشَكلّ ربحًا صافيًا للعدو الصهيوني ومخططاته التصفوية الاستيطانية التهويدية على الأرض”، مؤكدةً أن “التصدي لهذه الممارسات القمعيّة كما النهج السياسي التفريطي الذي عبَرت السلطة عنه بالعودة للعلاقات مع الاحتلال والتنسيق الأمني هو مسؤولية وطنيّة وشعبيّة عاجلة لوضع حد لهذا الانحدار الخطير”.
وحمّلت الجبهة الشعبيّة لتحرير فلسطين، اليوم الخميس، السلطة الفلسطينيّة المسؤوليّة عن اغتيال الناشط المعارض الوطني نزار بنات من خلال إقدام أجهزة أمنها على اعتقاله ووفاته بعد ساعات قليلة من هذا الاعتقال.
سياسة كم الأفواه والملاحقة والاعتقال والقتل
وشدّدت الجبهة على أنّ “اعتقال ومن ثم اغتيال “نزار”؛ يفتح مجددًا طبيعة دور ووظيفة السلطة وأجهزتها الأمنية، واستباحتها لحقوق المواطنين الديمقراطيّة؛ من خلال سياسة كم الأفواه والملاحقة والاعتقال والقتل، وهذا ما يجب ألّا يسكت عنه أو يمر مرور الكرام؛ فشعبنا الفلسطيني وقضيته أكبر من أن تُحشر في زاوية تقديس الأشخاص أو المؤسّسات على حساب قضيتنا الوطنيّة وحقوق شعبنا وكرامته وحرياته المكتسبة والطبيعيّة”.
ودانت الجبهة هذا الاغتيال وأكَّدت أنّها “تنظر بخطورة لما جرى مع الشهيد الوطني نزار بنات؛” مُؤكدةً على “ضرورة أن تقوم المراكز والمؤسّسات الحقوقية، بدورها المطلوب إزاء القضية الخطيرة بكل أبعادها ودلالاتها وغيرها من القضايا المماثلة التي تمس حقوق وحريات أبناء شعبنا، وفي ذات الوقت؛ يعيد هذا الاغتيال؛ فتح النقاش الواسع حول واقع المؤسّسات الفلسطينيّة وحالة الاستئثار والتفرّد والهيمنة والاحتكار التنظيمي والشخصي لها ورفض الشراكة وتقديس الأشخاص وإهدار الحقوق العامة، وغير ذلك من الممارسات والجرائم، بل الخطايا المرتكبة من المؤسّسات “القيادية” الرسميّة، وعليه فإنّ المطلوب هو إنهاء كل ما سبق، بالنضال الشعبي الديمقراطي، والمؤسّساتي الفصائلي والمجتمعي على طريق إسقاط هذا النهج الذي طال أمده في المؤسّسات والساحة الفلسطينيّة”.
وفي ختام بيانها، أكَّدت أنّ “قضية الشهيد نزار بنات؛ في الوقت الذي تُدين سلوك أجهزة أمن السلطة والسلطة ذاتها، فإنّها يجب أن تتحمّل المسؤولية كاملة عنها وعن نتائجها”.
وفي السياق ذاته، أدان المتحدث باسم حركة الجهاد طارق سلمي، واستنكر بأشد العبارات الجريمة التي أدت لاسـتشهاد المعارض السياسي نزار بنات، والخزي لكل ما اعتدى على المناضل الوطني وأعطى الأوامر باعتقاله وضربه بوحشية”.
السياسة الدموية للسلطة
ومن جهته أدان، عضو المكتب السياسي لحركة حماس سامي أبو زهري، جريمة اغتيال أجهزة أمن السلطة للناشط والمرشح البرلماني نزار بنات، وهي تعكس السياسة الدموية للسلطة في تصفية الحسابات.
كما دعا، الى محاكمة القتلة، ونعتبر أن رئيس الحكومة محمد شتية يتحمل المسؤولية الأولى عن الجريمة.
رد وطني
وأكد غسان جاد الله القيادي في تيار الإصلاح الديمقراطي بحركة فتح، أن جريمة قتل المواطن نزار بنات الناشط السياسي والمرشح لعضوية المجلس التشريعي تستوجب رداً وطنياً وجماهيرياً وفصائلياً بحجم كل هذه الكراهية والحقد الذي تكنه سلطة المقاطعة لمعارضيها.
وأضاف جاد الله: ” نزار بنات في ذمة الله الآن، كنا نختلف في الرأي معه مرةً ونتفق مرات، وكان الحوار بيننا ضمن مساحة الاحترام، أما عصابة التنسيق الأمني والصفقات المشبوهة فلا تفهم لغة التحاور، بعد أن درجت على البطش سبيلاً لمعالجة اخفاقاتها المتراكمة”.
وينشط بنات منذ أكثر من 7 سنوات في محاربة وفضح الفساد في السلطة الفلسطينية والجهاز القضائي في الضفة، وتعرّض كثيرًا للملاحقة والاعتقال على يد أمن السلطة.
وفي وقتٍ سابق، قال الناشط والمرشّح للانتخابات التشريعيّة نزار بنات، إنّ عناصر من أجهزة السلطة هاجمت منزله في مدينة دورا جنوب الخليل، لافتًا إلى أنّ عملية المداهمة تمت وسط إطلاق للنار وتحطيم للنوافذ، حيث جاءت هذه الممارسات على خلفية مواقف بنات من السلطة والقيادة الفلسطينية خصوصًا الرئيس محمود عباس الذي انتقده بنات على خلفية قرار تأجيل الانتخابات التشريعية، عبر وسائل إعلام مختلفة وفي مقابلات متعددة، وطالب فيها عباس بالتنحي وترك منصبه، مُؤكدًا أنّ عباس غير قادر على قيادة المرحلة.