الغرب يحدد سقفاً لسعر النفط الخام الروسي
اتفقت مجموعة السبع وأستراليا، فجر السبت، على تحديد سقف لسعر النفط الخام الروسي عند 60 دولاراً للبرميل، وذلك عقب اتفاق مماثل توصل إليه الجمعة الاتحاد الأوروبي.
وجاء في بيان مشترك، أن الآلية ستدخل حيز التنفيذ الاثنين، مع بدء سريان الحظر الذي فرضه الاتحاد الأوروبي على شراء النفط الروسي عن طريق البحر.
من جانبها، قالت وزارة الخزانة البريطانية، إن المملكة المتحدة والحلفاء أعلنوا وضع حد أقصى لسعر النفط الروسي عند 60 دولاراً.
وتتكون مجموعة السبع من أكبر 7 دول اقتصادية في العالم، وهي: الولايات المتحدة، والمملكة المتحدة، وفرنسا، وألمانيا، وإيطاليا، واليابان، وكندا.
وسيعزز هذا الإجراء فاعلية الحظر الأوروبي الذي يأتي بعد أشهر من الحظر الذي قررته من قبل الولايات المتحدة وكندا.
ارتفاع تكاليف المستهلكين
وقالت السفارة الروسية في واشنطن، يوم الجمعة: “ستكون نتيجة هذه الخطوات زيادة واسعة النطاق في عدم اليقين وارتفاع تكاليف مستهلكي المواد الخام، علاوة على ذلك، لا توجد دولة محصنة الآن ضد فرض “سقف” على منتجاتها التصديرية لأسباب سياسية”.
وأضاف البيان أنه بغض النظر عن “المغازلة” الحالية بأداة خطيرة وغير مشروعة، نحن واثقون من أن نفطنا سيظل مطلوبا.
وأكدت السفارة أنه من خلال تنفيذ مثل هذه الخطوات، تحاول الدول الغربية إعادة تشكيل المبادئ الأساسية لعمل الأسواق الحرة، وفي الوقت نفسه تحاول “إسكات حقيقة أن الاختلالات الحالية في الطاقة هي نتيجة لأعمالها المتهورة”.
ترحيب أميركي
من جانبه، رحب وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، بالعمل الذي قام به مجموعة السبع والاتحاد الأوروبي وأستراليا، لتحقيق الاستقرار في أسعار الطاقة، إلى جانب تقليل عائدات روسيا، مما يعيق قدرتها على تمويل حربها في أوكرانيا.
واتفقت دول الاتحاد الأوروبي الجمعة، على مبدأ تسقيف سعر النفط الروسي، لكنه ظل معلقاً نتيجة تحفظ بولندا التي أرادت سعراً أدنى، قبل أن تتراجع عن اعتراضها الجمعة، ما سمح أولاً باتفاق داخل التكتل ثم بين دول مجموعة السبع وأستراليا.
وينبغي أن يبقى السعر على أي حال أعلى من تكاليف الإنتاج لتشجيع روسيا على مواصلة تسليم الشحنات وعدم وقف الإنتاج، وفقاً لما نقلته “فرانس برس” عن خبراء.
تقديم تنازلات
وفي السياق، قال مسؤول بوزارة الخزانة الأميركية، الجمعة، إن الحد الأقصى الذي أقرته أوروبا على سعر الخام الروسي المنقول بحراً عند 60 دولاراً للبرميل، سيحافظ على تزويد الأسواق العالمية بإمدادات جيدة مع “ترسيخ التأسيس” للخصومات التي نجمت عن التهديد بوضع مثل هذا الحد.
وأضاف المسؤول، الذي تحدث للصحافيين بعد ساعات من المحاولات التي بذلتها حكومات الاتحاد الأوروبي لإقناع بولندا بقبول الحد الأقصى، أن هذه الخطوة ستحد من عائدات موسكو النفطية وتحرمها من مليارات الدولارات التي تستغلها في الحرب ضد أوكرانيا.
وتابع: “من خلال تحديد السعر عند 60 دولاراً للبرميل، فإننا نرسخ للخصومات الكبيرة التي أجبرت الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على بيع النفط الروسي بمقتضاها، وهي خصومات باتت موجودة بشكل ما لأن التهديد بوضع حد أقصى للسعر أجبر روسيا على تقديم تنازلات في الصفقات مع الدول المستوردة”.
وفي بيان منفصل، قالت وزيرة الخزانة الأميركية جانيت يلين، إن سقف السعر سيزيد من تقييد إيرادات الرئيس بوتين.
تعديل بمرور الوقت
رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين، قالت إن “هذا السقف سيساهم في استقرار أسواق الطاقة العالمية (..) وسيفيد بشكل مباشر الاقتصادات الناشئة والدول النامية”، إذ يمكن بيعها النفط الروسي بأسعار أقل من السقف المحدد.
وأضافت أن الآلية يمكن “تعديلها بمرور الوقت” بناء على ردود فعل السوق.
ويقول الأوروبيون إنه مع قرار ألمانيا وبولندا بمفردهما وقف الشحنات عبر الأنابيب بحلول نهاية العام، ستتأثر الواردات الروسية بنسبة أكثر من 90%.
ورأى فوك فين نجوين أن الأداة المقترحة تثير الكثير من التساؤلات، مشيراً إلى أن تحديد “سقف لأسعار النفط لم نشهده من قبل. نحن في المجهول”.
وشدد على أن رد فعل الدول المنتجة لمنظمة “أوبك” والمشترين الكبار مثل الهند والصين سيكون أساسياً، لافتاً إلى أن تحديد سقف حتى بتعرفة عالية سيرسل “إشارة سياسية قوية” إلى بوتين لأن الآلية يمكن تشديدها بمجرد تفعيلها.
ويتضمن الحد الأقصى لتحديد السعر، آلية من شأنها أن تسمح بإجراء تقييمات منتظمة ومراجعات محتملة للسعر كل شهرين، اعتباراً من منتصف يناير 2023 ، إضافة إلى شرط الالتزام بالمراجعات المستقبلية للحد الأدنى بنسبة 5% على الأقل دون متوسط أسعار السوق.
كما أن هناك فترات سماح مدتها 45 يوماً للسفن في البحر التي حملت حمولتها قبل الاثنين، ما يمنحها حتى 19 يناير لتفريغ حمولتها من النفط، إضافة إلى فترة انتقالية مدتها 90 يوماً لأي تغيير مستقبلي في مستوى السعر.
زيادة في الأسعار
فيما نقلت وكالة “سبوتنيك” الروسية للأنباء، عن مجلة “الإيكونوميست” البريطانية، قولها إن فرض الاتحاد الأوروبي حظر على استيراد النفط الروسي عن طريق البحر ووضع سقف للأسعار قد يدفع العالم لمواجهة نقص في المواد الخام وزيادة في الأسعار.
وأشارت إلى أنه “منذ بداية العملية الروسية الخاصة في أوكرانيا وضع الغرب هدفاً يتمثل في تقليص عائدات موسكو من النفط والغاز دون تقليص الإمدادات العالمية ودون التسبب في ارتفاع الأسعار”.
وأضافت المجلة “في وقت لاحق حظر الاتحاد الأوروبي التأمين على الناقلات المحملة بالنفط الروسي، حيث كان من المفترض أن يؤثر هذا الإجراء بشكل خطير على الصادرات من البلاد، ولكن كان له عيب خطير”.
وتابعت: “إذا لم يصل النفط الروسي إلى السوق فقد ترتفع أسعار النفط العالمية بشكل حاد، مما يضرب المستهلكين الغربيين”. وحذّرت “الإيكونوميست” من أن “التوافق الحقيقي للقوى في أسواق النفط سيتضح بعد 5 ديسمبر، حيث أنه من الممكن حدوث قفزة حادة في الأسعار”.
تعطيل سلاسل الإمداد
والأربعاء الماضي، قالت الخارجية الروسية، إن مقترح الدول الغربية لوضع سقف لأسعار النفط الروسي إجراء “مضر بالسوق” من شأنه تعطيل سلاسل الإمداد، وزيادة الوضع في أسواق الطاقة العالمية سوءاً، وتعهدت بعدم تصدير النفط إلى الدول التي تفرض سقفاً للأسعار.
وقالت المتحدثة باسم الوزارة ماريا زاخاروفا: “قلنا مراراً إن وضع ما يسمى سقفاً لأسعار النفط الروسي ليس آلية لا تمت للسوق بصلة فحسب، ولكنه إجراء مضاد للسوق”.
ومن جانبه، كرر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، في تعليقاته على فكرة قيام الغرب بتقييد أسعار موارد الطاقة الروسية، مرارًا، بأن روسيا لن تورد أي شيء للخارج إذا كان هذا يتعارض مع مصالحها.
وقال نائب رئيس الوزراء الروسي، ألكسندر نوفاك، بهذا الصدد، إن روسيا ستعمل فقط بشروط السوق ولن تزود البلدان التي ستضع سقفاً سعريا،ً لا عند 60 دولاراً للبرميل ولا بأي سعر آخر.