القضاء التونسي ينظر في جريمة اغتيال السياسي محمد البراهمي
بعد أن قضت محكمة تونسية، الشهر الماضي، بالإعدام على 4 مدانين، وعلى 2 بالمؤبد بتهمة اغتيال السياسي التونسي شكري بلعيد قبل 11 عاما، والذي كان أول اغتيال سياسي تشهده البلاد منذ عقود، ينظر القضاء التونسي، غدا الجمعة، في جريمة اغتيال محمد البراهمي، القيادي بحزب التيار الشعبي (قومي) والبرلماني الأسبق الذي لقي حتفه رميا بالرصاص في 25 يوليو/تموز 2013.
وسينطلق غدا استجواب المتهمين والترافع (المداولات) في ملف القضية، بعد سنوات طويلة من التأخير.
وفي ذلك اليوم، استهدف البراهمي بـ14 طلقة نارية أمام منزله بضواحي العاصمة، 6 منها اخترقت الجانب العلوي من جسده، في حين توجهت 8 طلقات إلى رجله اليسرى، في حادثة مروعة جرت على مرأى ومسمع من زوجته وأبنائه.
ومطلقا النار كانا يمتطيان دراجة نارية واستعملا مسدسًا من عيار 9 ملم، وقد كشفت التحقيقات إثر ذلك أنهما إرهابيان من تنظيم يسمى “أنصار الشريعة” المحظور، وهما أبو بكر الحكيم ولطفي الزين.
تورط عدة أطراف في عملية الاغتيال
وتواجه حركة النهضة الإخونجية اتهامات بالوقوف وراء عملية تصفية المعارض.
وقالت إيمان قزارة، عضو هيئة الدفاع عن محمد البراهمي، إن هذا القيادي الحزبي وشكري بلعيد “أنقذا التونسيين من أخطر العناصر الإرهابية في العالم”.
وأضافت، في تصريح صحافي، أن “الجهاز السري لحركة النهضة خطّط لعملية الاغتيال، فيما تولّت أنصار الشريعة التنفيذ”، مشيرة إلى أنّ “أجهزة وجهات أمنيّة والقضاء، تورّطوا بشكل سابق وبشكل لاحق في الاغتيالات”.
كما كشفت عن “تورط أطراف عدة في عملية الاغتيال، وتحميلهم المسؤولية نتيجة عدم التفاعل الإيجابي مع التحذير الأمريكي والوثيقة الاستخباراتية”.
وتتضمن الوثيقة تحذيراً من وكالة المخابرات المركزية الأمريكية بإمكانية استهداف المعارض محمد البراهمي، وقد صدرت بتاريخ 15 يوليو/تموز 2013، أي قبل 10 أيام فقط قبل اغتيال البراهمي.
وسبق أن اعترف وزير الداخلية التونسي الأسبق، لطفي بن جدو، بأن الوزارة كانت على علم مسبق بعملية اغتيال البراهمي، وذلك من خلال امتلاكها وثيقة وردت إليها من وكالة استخباراتية أجنبية قبل الحادثة بـ11 يوماً.
وأشارت قزارة إلى أنه “تم توجيه الاتهام فيما عرف بقضية جهاز الأمن السري للنهضة بشكل رسمي لـ33 شخصاً، من بينهم رئيس الحركة راشد الغنوشي بتهمة الانتماء لتنظيم إرهابي”.
وقالت إن “قاضي التحقيق بالقطب القضائي لمكافحة الإرهاب وجّه 17 تهمة إلى المتهمين، البالغ عددهم 33، ومن أبرز هذه التّهم الانتماء إلى تنظيم إرهابي وغسل الأموال”.
كشف الحقيقة
في السياق نفسه، اعتبرت مباركة البراهمي، أرملة محمد البراهمي، أن “صدور الحكم في قضية اغتيال شكري بلعيد سينعكس إيجابا على التسريع في النظر والبت وإصدار الأحكام في قضية” زوجها الراحل.
وقالت البراهمي، إن “العائلة انتظرت كشف الحقيقة عقدا كاملا من الزمن ولن يكون من الصعب عليها الانتظار لأشهر أخرى للوصول إليها”.
ولفتت إلى أن التقدم الذي أحرزه ملف الاغتيالات “جاء نتيجة مباشرة لتغيير ميزان القوى السياسية وبداية تحرر القضاء من سطوة المنظومة التي هيمنت عليه لسنوات”. وثمنت “الدور الكبير لهيئة الدفاع التي صمدت وكافحت طويلا من أجل الوصول إلى الحقيقة وإقامة العدالة”.
في اعترافاته الأخيرة، أقر رياض الورتاني، المُكنى بـ”أبي جعفر”، (حكم عليه بـ20 سنة سجنا في قضية اغتيال شكري بلعيد) باستقطابه من قبل بعض العناصر المنتمية لتنظيم” أنصار الشريعة” المحظور، والذي يحركه أخونجية تونس.
واعترف الورتاني بأنه إبان الإعلان عن اغتيال محمد البراهمي كان حينها رفقة لطفي الزين (قاتل البراهمي رفقة أبو بكر الحكيم) بالمنزل بمحافظة سوسة (شرق)، “حيث قام بأداء سجدة شكر وتكبير فرحاً بنجاح عملية الاغتيال”.
وأضاف أنه إثر الإعلان عن الكشف عن الفاعل الأصلي للجريمة، تساءل لطفي الزين عن سبب استعمال أبو بكر الحكيم نفس السلاح الذي اغتيل به شكري بلعيد رغم أنه سلمه سلاحاً آخر لاستعماله لتنفيذ الاغتيال، مشيرا إلى أن لطفي الزين أكد له أن أبو بكر الحكيم هو منفذ العملية.