القوات المسلحة المصرية ترفع جاهزيتها في الاتجاه الاستراتيجي الغربي
"حسم 2020" ومعركة الأمن القومي المصري ضد التهديدات الخارجية
أجرت القوات المسلحة المصرية في المنطقة الغربية، قرب الحدود الليبية، مناورات “حسم 2020″ العسكرية، والتي تضمنت تنفيذ أعمال الفتح الاستراتيجى للقوات البرية.
وأعلن المتحدث العسكري المصري العميد أركان حرب تامر محمد محمود الرفاعي، الخميس، إن الفريق أول محمد زكي القائد العام للقوات المسلحة وزير الدفاع والإنتاج الحربي شهد المرحلة الرئيسية للمناورة “حسم 2020” في الاتجاه الاستراتيجي الغربي.
وأوضح المتحدث، على صفحته الرسمية، أن المناورات نفذتها تشكيلات ووحدات المنطقة الغربية العسكرية بالتعاون مع الأفرع الرئيسية للقوات المسلحة، والتى استمرت لعدة أيام فى إطار خطة التدريب القتالى لتشكيلات ووحدات القوات المسلحة وذلك بحضور الفريق محمد فريد رئيس أركان حرب القوات المسلحة وقادة الأفرع الرئيسية وعدد من قادة القوات المسلحة .
وتعزز هذه الخطوة التوقعات بأن الجيش المصري حسم خياره العسكري في التعامل مع الأزمة الليبية، بعد أن بلغت تدخلات وتهديدات النظام التركي حدا سافرا يصعب تقبله في دولة جارة تمثل عمقا إستراتيجيا حيويا للأمن القومي المصري.
ودرجت القاهرة على إطلاق أسماء على عمليات ومناورات عسكرية تحمل دلالات ومضامين واضحة للمهام المطلوب القيام بها، وقد سبق أن أطلقت على العملية التي وضعت نهاية للإرهاب في سيناء اسم “العملية الشاملة سيناء 2018″، وبالفعل أجهزت على القوة الضاربة للتنظيمات الإرهابية خلال هذا العام.
وكثّفت القيادة المصرية تحركاتها العسكرية على الجبهة الغربية وملء الفراغ الذي شهدته لعقود طويلة، على اعتبار أن هذه المنطقة لا تمثل تهديدا مباشرا للأمن، حيث كانت الجبهة الشرقية الشمالية هي مصدر التهديد الرئيسي على مدار العصور.
وجاءت التجهيزات العسكرية الأخيرة مواكبة لحجم التحديات التي تمثلها المنطقة الغربية بعد تعمد أنقرة إغراق الأراضي الليبية بالإرهابيين والمتطرفين والمرتزقة، ونقل الآلاف منهم من سوريا إلى ليبيا، ما يشكل خطرا داهما على الأمن المصري الذي عانى طويلا من تسلل هؤلاء إلى الداخل.
وبدأت القاهرة تتحرك بصورة أشد صرامة حيال التطورات في ليبيا منذ اتجاه النظام التركي لتكريس وجوده الأمني هناك، وزعمها أنها جاءت لتبقى إلى الأبد، ما يخل بالتوازنات التقليدية للأمن القومي في المنطقة الغربية.
وجرى افتتاح أكبر قاعدة عسكرية هناك (قاعدة محمد نجيب) منذ ثلاثة أعوام، ويجري تجهيز قاعدة بحرية (جرجور) في المنطقة المحاذية للدولة الليبية، وتسارعت وتيرة المناورات تحسّبا لأي مفاجآت قد تأتي من ليبيا.
يكشف هذا التحول عن تغيرات في إعادة تأهيل العقيدة العسكرية المصرية، وتوظيف التكنولوجيا العالية في تأمين الحدود، حيث اجتمع الرئيس عبدالفتاح السيسي مع المسؤولين عن سلاح الإشارة بالجيش المصري ووزير الاتصالات قبل أيام، لتأكيد الجاهزية التقنية في المنطقة الغربية.
وقال وزير الخارجية المصري سامح شكري، أمام الجلسة التي عقدها مجلس الأمن، الأربعاء الماضي، إن ليبيا تمثل تهديدا خطيرا للاستقرار والأمن في جميع أنحاء المنطقة، لافتا إلى أن الرؤى المتناقضة لمستقبل ليبيا وتطلعات الهيمنة الإقليمية أدت إلى تعقيد جهود جعْلها آمنة ومزدهرة.
وأشار مدير مركز الدراسات الإستراتيجية بالجيش المصري سابقا، اللواء علاء عزالدين، إلى أن التدريبات والمناورات المصرية مستمرة على كافة المستويات، بدءًا من الوحدات الصغيرة وصولا إلى الجيوش الميدانية منذ أن وضعت أنقرة أقدامها في ليبيا.
وأوضح أن المناورات العسكرية مخطط لها، وبعضها يجري بتكليف من القيادات العليا لرفع كفاءة واختبار قدرات القوات التي قد تشارك في عمليات داخل الحدود أو خارجها.
وأضاف أن استمرار النظام التركي في حشد ميليشياته بالقرب من سرت يدفع القوات المسلحة المصرية إلى رفع الجاهزية القصوى للقوات، وأن تحديد خط سرت الجفرة، الذي أطلقه الرئيس السيسي في 20 يونيو الماضي، ليس للاستهلاك المحلي والإقليمي، لأن استمرار أنقرة في خروقاتها يدفع إلى المزيد من الاستعدادات لأي مواجهة محتملة، في حال تعرض الأمن القومي للتهديد المباشر من خلال تجاوز الخط المحدد.
تبدأ مكونات تهديد الحدود الغربية لمصر من داخل العمق الليبي، ما يفرض اختبار كفاءة وقدرات الوحدات القتالية عبر المناورات التي تشارك فيها هذه المرة جميع فروع القوات المسلحة.
ونفى اللواء عزالدين أن تكون مناورات “حسم 2020” ردا على ما تردد حول عزم النظام التركي القيام بمناورات في البحر المتوسط، قائلا “الجيش المصري يتحرك وفقا لأهدافه وخططه التي يضعها للتعامل مع أي تهديد”.
وقالت مصادر مطلعة، أن وزير الدفاع المصري، الفريق أول محمد زكي، موجود على الحدود الغربية منذ نحو شهر للتأكد من جاهزية القوات لأي عمل عسكري محتمل خارج الحدود، عقب تزايد تهديدات النظام التركي، وتلقّي مناشدات من الجيش الليبي والبرلمان المنتخب والقبائل الليبية المختلفة من أجل الحصول على مساندة عسكرية مصرية مباشرة.
وتلقت أنقرة ضربة قوية الأحد الماضي، عندما قامت طائرات متطورة بتوجيه تسع ضربات حاسمة لمعدات دفاع جوي ورادارات متقدمة نصبت في قاعدة الوطية، ومثلت الضربة رسالة قوية لأنقرة التي ضاعفت أعداد الخبراء العسكريين التابعين لها والمرتزقة.
ونقلت وسائل إعلام تركية عن سلاح البحرية التركي، الأربعاء، أن مناورات مرتقبة سيطلق عليها اسم “نافتيكس”ستجري قبالة السواحل الليبية في 3 مناطق مختلفة، ويحمل كل منها اسما خاصا، وهي “بربروس” و”ترجوت رئيس” و”تشاكا باي”.
وقالت صحيفة المرصد الليبية إن الأشخاص الذين أطلقت أنقرة أسماءهم على مناوراتها كانوا قراصنة وولاة عثمانيين، وهي إشارة قد لا تخطئها العين إلى طبيعة المهمة العسكرية التي تنوي أنقرة القيام بها.
ومن المنتظر أن تجري المناورات البحرية التركية في المياه الدولية بمشاركة 17 طائرة حربية و8 قطع بحرية، للإيحاء بقدرتها على السيطرة على المنطقة جوا وبحرا.
وذكرت صحيفة “ينى شفق” التابعة لحزب العدالة والتنمية الحاكم، أن هذه المناورات ستجرى قريبا، دون أن تكشف عن توقيت محدد لها، وهى بمثابة تدريب تحسبا لاندلاع أي حرب في شرق المتوسط، ومواجهة التوترات المتصاعدة التي شهدتها ليبيا.
ولم يستبعد اللواء أحمد المسماري، المتحدث باسم الجيش الوطني الليبي، الأربعاء، حدوث هجوم على سرت من قبل أنقرة والميليشيات في أي وقت، مشيرا إلى أن الجيش الليبي يرصد التحركات التركية في سرت والجفرة.
وشدد المسماري على أن النظام التركي يريد الوصول إلى منطقة الهلال النفطي من أجل السيطرة على ليبيا، مشيرا إلى أنها تقوم بقيادة المعركة والتحشيد للهجوم.
الأوبزرفر العربي