المجاعة تفتك بالفلسطينيين في شمال قطاع غزة
يقتاتون البقايا الفاسدة وأعلاف الحيوانات وورق الشجر
أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية في قطاع غزة، الجمعة، أن طفلا من مخيم جباليا ويبلغ من العمر شهرين يدعى محمود فتوح توفي جراء المجاعة التي تفتك بالفلسطينيين في المخيم الواقع في شمال قطاع غزة، ومخيم جباليا أكبر مخيمات الاجئين الفلسطينيين الذي أُنشئ عام 1948 ويغطي مساحة 1,4 كيلومتر فقط.
ومنذ بداية عمليات الإبادة الجماعية التي تشنها إسرائيل ضد الفلسطينيين في غزة، يعيش مئات آلاف السكان في مخيم جباليا للاجئين شمال القطاع أوضاعا كارثية وصعبة، بعد تفشي الجوع الذي دفع أبو جبريل إلى ذبح حصانَيه الإثنين لإطعام أطفاله وجيرانه.
يقول أبو جبريل (60 عاما): “لا خيار أمامنا إلا ذبح الحصان لإطعام الأطفال، الجوع يقتلنا، لا توجد أية أنواع من الخضروات، ولا طحين ولا مياه شرب”. يضيف: “لدي حصانان كنت أشتغل عليهما في أرضي الزراعية في بيت حانون، دمّروا بيتي وجرفوا أرضي. قرّرت ذبح الحصانين لمساعدة عائلتي وعائلات أقاربي وجيراني في الحصول على الطعام”.
وفرّ أبو جبريل من بيت حانون القريبة عندما اندلع النزاع. وبات منزله مع عائلته عبارة عن خيمة قرب مدرسة الفالوجا التابعة للأونروا والتي تؤوي نازحين.
قبل الحرب، كانت المياه الملوثة وانقطاع التيار الكهربائي مشكلة في المخيم المكتظ بالسكان. وكان الفقر الناجم عن ارتفاع معدلات البطالة مشكلة أخرى بين سكانه.
واليوم، بدأ الطعام ينفد في ظل عدم قدرة وكالات الإغاثة على الوصول إلى المنطقة، جراء القصف والحصار الإسرائيلي وسرقة الشاحنات القليلة التي تحاول العبور.
مستويات غير مسبوقة من اليأس
وأفاد برنامج الأغذية العالمي هذا الأسبوع بأن فرقه أبلغت عن “مستويات غير مسبوقة من اليأس”، بينما حذرت الأمم المتحدة من أن 2,2 مليون شخص باتوا على شفا المجاعة.
وفي المخيم، ينتظر أطفال بترقب بينما يحملون علبا بلاستيكية وأواني طهي مكسرة للحصول على الطعام القليل المتاح.
ومع تضاؤل الإمدادات بالغذاء وارتفاع الأسعار، يشكو شاب من أن سعر كيلو الأرز ارتفع من سبعة شيكل (1,90 دولار) إلى 55 شيكلا. ويقول بغضب، مشيرا إلى طفل بجانبه: “نحن الكبار لا يهمنا… أما الصغار الذين تبلغ أعمارهم أربع وخمس سنوات، فما الذي ارتكبوه من ذنب كي يناموا جائعين ويستيقظوا جائعين؟”.
وحذرت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) من أن النقص المقلق في الغذاء وتزايد سوء التغذية والأمراض، قد يؤديان إلى “انفجار” في وفيات الأطفال في غزة.
على منصات التواصل، يتم تداول مقطع فيديو لطفل يقدّم على أنه محمود فتوح، وهو يلفظ أنفاسه الأخيرة، نتيجة سوء التغذية، وفق ما قالت وزارة الصحة في القطاع المحاصر. ولم يكن بالإمكان التحقق من هوية الطفل أو صحة التشخيص من مصادر مستقلة.
ويعاني واحد من كل ستة أطفال دون الثانية من العمر في غزة من سوء التغذية الحاد، وفق تقديرات لمنظمة اليونيسف نُشرت في 19 فبراير/شباط.
بقايا الذرة الفاسدة والأعلاف الحيوانية وأوراق الشجر
وفي محاولة لسدّ جوعهم، اعتاد سكان قطاع غزة على تناول بقايا الذرة الفاسدة والأعلاف الحيوانية غير الصالحة للاستهلاك البشري وحتى أوراق الشجر.
تقول امرأة موجودة في المخيم” “لا أكل ولا شرب… ولا طحين”، مضيفة “بدأنا نتسول من الجيران، ولا شيكل في الدار. ندق الأبواب في الحارة ولا أحد يعطينا مالا”.
تتصاعد حدة التوتر في جباليا بسبب نقص الغذاء وتداعياته، فيما نُظّمت الجمعة وقفة احتجاجية شارك فيها عشرات الأشخاص.
وحمل طفل في المظاهرة لافتة كتب عليها: “لم نمت من القصف ولكننا نموت من الجوع”.
ورفع آخر عاليا لافتة كُتب عليها: “المجاعة تنهش لحومنا وأجسادنا”، بينما هتف المتظاهرون: “لا لا للجوع، لا لا للإبادة الجماعية، لا لا للحصار”.
وعلى مدى الأسابيع والأشهر الماضية، أدى القصف الإسرائيلي المتواصل إلى تحويل غزة إلى دمار.
لم يخبر جبريل أحدا بقراره ذبح الحصانين. طبخ اللحم مع الأرز، وقدمه لعائلته وجيرانه. ورغم الحاجة، يقول إنه لا يزال قلقا بشأن ردات فعلهم. ويردف قائلا: “لا أحد يعرف أنه يأكل لحم حصان”.