المعارضة التركية ترشّح كمال كيليجدار أوغلو للإطاحة بأردوغان في انتخابات الرئاسة
قررت أحزاب المعارضة التركية الستة، مساء الاثنين، خوض تحدي انتخابات الرئاسة التركية بالاتفاق على ترشيح كمال كيليجدار أوغلو، رئيس حزب الشعب الجمهوري المعارض، للإطاحة برئيس النظام التركي رجب طيب أردوغان في الانتخابات المقررة في شهر مايو.
وأعلن زعيم حزب السعادة تمل كاراملا أوغلو، أمام حشد خارج مقر حزبه في أنقرة حيث اجتمع قادة الأحزاب الستة، الاثنين، إن “كمال كيليجدار أوغلو هو مرشحنا الرئاسي”.
وفي مقر حزبه ووسط الهتافات المؤيدة قال كيليجدار أوغلو وقد وقف إلى جانبه رئيسا بلديتي إسطنبول وأنقرة أكرم إمام أوغلو ومنصور يافاش المنتميان لحزب الشعب الجمهوري: “سنعيد للشعب ما سُلب منه.. لست المرشح، المرشح هو نحن جميعنا”.
الإطاحة بأردوغان
ويستهدف كيليجدار أوغلو (74 عاماً)، وهو رئيس ثاني أكبر حزب في البلاد، إلى الخروج من ظل أردوغان والإطاحة بالرئيس الذي حكم البلاد عقدين والسعى لإحداث “تغيير كامل” عبر إعادة إرساء النظام البرلماني في تركيا بعدما حوّله أردوغان إلى نظام رئاسي يستأثر فيه رئيس الجمهورية بالسلطة التنفيذية.
وقال كيليجدار أوغلو في أول تصريح بعد إعلانه مرشحاً لائتلاف المعارضة في تركيا: “سنكون جاهزين لإدارة تركيا بالنظام البرلماني المعدل”، مضيفاً أنه تم الاتفاق على أن “رؤساء الأحزاب الخمسة الأخرى سيكونون نواباً لرئيس الجمهورية”، في حالة فوزه بالانتخابات.
وأضاف: “طاولتنا هي طاولة سلام. وهدفنا الوحيد هو حمل البلاد إلى أيام من الازدهار والسلام والبهجة”، وتابع: “سنحكم تركيا بالتشاور والتوافق”.
وقال كيليجدار أوغلو أمام حشد كبير من المؤيدين بعد انتهاء محادثات متوترة بين الأحزاب المعارضة استمرت ساعات: “كنا سنقضي على أنفسنا لو انقسمنا”.
وتابع: “سنعمل معاً على ترسيخ قوة الأخلاق والعدالة”، مضيفاً: “نحن، بصفتنا تحالف الأمة، سوف نقود تركيا على أساس التشاور والتسوية”.
وقال رئيس بلدية أنقرة منصور يافاش للصحافيين: “أمتنا لا يمكنها تحمل الانقسام”، فيما قال رئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو إن الحفاظ على التحالف “مهم خصوصاً في الأيام الصعبة التي تمر بها تركيا بعد الزلزال”.
وقال مدحت سانجار، الرئيس المشارك لحزب الشعوب الديمقراطي المؤيد للأكراد في تركيا، الاثنين، إن الحزب قد يدعم زعيم المعارضة الرئيسي كمال كيليجدار أوغلو في الانتخابات الرئاسية التي ستجرى في 14 مايو بعد “محادثات واضحة وصريحة”.
وأضاف سانجار في بث مباشر على محطة خبر ترك الخاصة: “توقعنا الواضح هو انتقال لديمقراطية قوية. إذا تمكنا من الاتفاق على مبادئ أساسية، فقد ندعمه في انتخابات الرئاسة”.
استطلاعات الرأي
وتشير استطلاعات الرأي إلى أن نتائج انتخابات الرئاسية والبرلمان المقررة في غضون شهرين ستكون متقاربة مع تقدم طفيف لكتلة المعارضة على التحالف الحاكم.
وتعهد تكتل المعارضة بالتراجع عن كثير من سياسات أردوغان في الاقتصاد والحقوق المدنية والشؤون الخارجية من خلال ما يعتبرها الكثيرون الانتخابات الأكثر أهمية في تاريخ الجمهورية الممتد 100 عام.
وبوسع كيليجدار، وهو موظف مدني سابق، استغلال سنوات من التأزم الاقتصادي وارتفاع التضخم بالإضافة إلى الزلازل التي دمرت الجنوب الشهر الماضي وأسفرت عن مقتل أكثر من 46 ألف شخص مما أثار انتقادات لطريقة استجابة الدولة للكارثة.
ويشك البعض في أن الاقتصادي السابق المشاكس الذي تقدم الصفوف باعتباره محارباً للفساد قد يهزم أردوغان الذي حكم تركيا لأطول فترة بين باقي الزعماء، والذي ساعدت شخصيته الكاريزمية في حملته الانتخابية، في تحقيق أكثر من عشرة انتصارات انتخابية.
وسيقرر الناخبون ليس فقط من يحكم تركيا لكن كيفية الحكم أيضاً والمسار الاقتصادي الذي ستسلكه البلاد.
نائبان للرئيس
وجاء قرار المعارضة في تركيا بعد الموافقة على اقتراح “حزب الخير” بتعيين رئيسي بلديتي أنقرة وإسطنبول، نائبين للرئيس، إذا فازت في الانتخابات المقررة في مايو المقبل، لكن تم توسيع المقترح ليشمل رؤساء الأحزاب الخمسة الآخرين.
وصرح متحدث باسم “حزب الخير” اليميني المعارض في تركيا، الاثنين، أن الحزب اقترح أن يصبح رئيس بلدية أنقرة منصور ياواش ورئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو، نائبين للرئيس إذا فازت المعارضة في الانتخابات.
وجاءت تصريحات المتحدث كورساد زورلو، بعد زيارة ياواش وإمام أوغلو، لزعيمة “حزب الجيد” ميرال أكشينار.
وقال ياواش المنتمي لحزب “الشعب الجمهوري”، أكبر حزب معارض في تركيا، إنه يتطلع لعودة “حزب الخير” إلى التحالف.
وكان حزب الخير، وهو ثاني أكبر حزب في التحالف المؤلف من 6 أحزاب، قد أعلن انسحابه من تكتل المعارضة، الجمعة، بعد أن رفضت زعيمته ميرال أكشينار الأخبار المتداولة عن اختيار كمال كيليجدار أوغلو، رئيس حزب الشعب الجمهوري المعارض، مرشحاً رئاسياً في الانتخابات.
وطلبت أكشينار في بادئ الأمر أن يحل رئيس بلدية أنقرة منصور ياواش أو رئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو محل كيليجدار أوغلو في الترشح، بدعوى أن استطلاعات الرأي تظهر أنهما سيفوزان على أردوغان بفارق كبير في الأصوات.
وقبل ساعات من استعداد الأحزاب الخمسة المتبقية في التحالف للإعلان عن كيليجدار أوغلو مرشحاً رئاسياً عن التحالف، عقد رئيس بلدية أنقرة ورئيس بلدية إسطنبول اجتماعاً قصيراً مع أكشينار التي قدمت اقتراحها بتعيينهما نائبين للرئيس في حالة الفوز في الانتخابات.
وقال كورساد زورلو، المتحدث باسم الحزب الجيد، للصحفيين إن أكشينار طرحت عرضاً “شاملاً”.
وجاء الانقسام العلني، الجمعة، بعد أشهر من الشقاق المحتدم في التحالف، ما اعتبره المحللون ضربة لآمال المعارضة في الإطاحة بأردوغان.
وأعلن أردوغان، الأسبوع الماضي، أن الانتخابات ستُجرى في 14 مايو، رغم الانتقادات الموجهة لاستجابة حكومته لكارثة الزلازل المدمرة التي وقعت الشهر الماضي وأودت بحياة أكثر من 45 ألفاً في تركيا.
أكبر تحد يواجه أردوغان
وستمثل الانتخابات أكبر تحد يواجهه أردوغان منذ عقدين قضاهما في السلطة مع إظهار استطلاعات الرأي تقارب فرص الفوز في الانتخابات.
وتأتي صفقة المعارضة قبل شهرين من الانتخابات، وحيث تعرضت شعبية أردوغان لهزة عنيفة بسبب غلاء المعيشة حتى قبل وقوع الزلازل، لكن استطلاعات الرأي أظهرت، الجمعة، أن أردوغان وحزب العدالة والتنمية ما زالا يحافظان على ما يبدو على حظوظهما في الانتخابات على الرغم من الانتقادات التي وجهها المواطنون للحكومة بشأن استجابتها الأولية في التعامل مع الكارثة.
وفي الوقت الذي تستعد فيه البلاد للانتخابات، تلوح في الأفق مخاطر حول مسار البلد الذي دأب أردوغان على محاولة تشكيله ليصبح متديناً ومحافظاً ولاعباً إقليمياً ذا ثقل.
وتعهدت المعارضة التركية بإلغاء الرئاسة التنفيذية القوية التي أنشأها أردوغان، وإعادة تركيا إلى الديمقراطية البرلمانية وعودة الاستقلال للبنك المركزي الذي نفذ خطط أردوغان بخفض معدلات فائدة، مما قاد نمواً اقتصادياً لكنه تسبب في انهيار الليرة وارتفاع التضخم بشدة.
وكانت المعارضة قد فشلت خلال الانتخابات الوطنية السابقة في تشكيل تحد خطير لأردوغان، الذي تولى حزبه مقاليد السلطة في عام 2002.
وزادت المعارضة من حجم تعاونها مع بعضها البعض منذ نجاحها في عام 2019 في انتزاع السيطرة على إسطنبول وأنقرة ومدن كبيرة أخرى من حزب العدالة والتنمية في الانتخابات.