المعارضة التونسية تتصدى لمحاولات النهضة تشكيل حكومة خاضعة لهيمنتها
شهدت الساعات الأخيرة لقاءات متعددة بين الأحزاب المعارضة في تونس لتحضير أرضية مشتركة لمواجهة الأزمة السياسية في البلاد في ضوء إصرار حركة النهضة الإخونجية على تشكيل حكومة تكنوقراط تسيطر عليها عناصر قريبة منها ومن حزب قلب تونس المثير للجدل.
يأتي هذا في ظل خروج الخلاف بين مؤسسة الرئاسة وبين رئيس البرلمان ورئيس حركة النهضة راشد الغنوشي إلى العلن بسبب تركيبة الحكومة وعدم رضا الرئيس قيس سعيد عن بعض الأسماء المرشحة، فضلا عن إفشال الغنوشي لرغبة الرئيس التونسي في توسيع قاعدة المشاركين في الحكومة وإعطاء المشاورات وقتا أطول للحصول على حزام سياسي قوي وواسع داعم لها.
والتقى محمد عبو أمين عام التيار الديمقراطي صاحب الكتلة الثالثة في البرلمان بالأمين العام لحزب العمال حمة الهمامي. وتركّز اللقاء حول الوضع السياسي في تونس، وخاصة في ضوء التعقيدات التي تحيط بتشكيل الحكومة ومحاذير تكوين حكومة ضعيفة وعاجزة عن إدارة الأزمات في وضع اقتصادي صعب.
وكان عبو التقى صحبة زهير المغزاوي الأمين العام لحركة الشعب بالأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل نورالدين الطبوبي، وتناول اللقاء الوضع العام في البلاد و كيفية التعاطي مع الملفات المطروحة بإلحاح بما في ذلك الملف السياسي.
ووصفت أوساط تونسية هذه اللقاءات بأنها تصب في مسعى بناء جبهة معارضة قوية تمنع دخول البلاد في أزمة سياسية حادة بسبب تمسك النهضة بقيادة الحكومة وتشكيلها وفق حساباتها الحزبية في وقت تحتاج تونس إلى حكومة وحدة وطنية جامعة لمختلف الأطراف.
وقالت هذه الأوساط إن المخاوف من إطلاق يد النهضة في إدارة شؤون الحكومة لا يقف فقط عند الملفات المحلية، مشيرة إلى تداعيات أزمة زيارة رئيس النظام التركي رجب طيب أردوغان والتعقيدات التي ستضعها على كاهل تونس في المستقبل بسبب مسعى إسلاميي تونس لبناء تحالفات إقليمية تتناقض مع تقاليد الدبلوماسية التونسية ورهانها على الحلول السياسية للأزمات وإعطاء الأولوية للعمق العربي.
ونظّمت قوى سياسية ومنظمات حقوقية، السبت، وقفة احتجاجية أمام سفارة تركيا بتونس للاحتجاج على التدخل التركي في ليبيا، ورفع المشاركون شعارات معارضة لسياسة رئيس النظام التركي في المنطقة وحاثة على حياد تونس في الأزمة الليبية ومنع انضمامها لأيّ تحالفات مثلما عبّر عن ذلك بوضوح كامل بيان لرئاسة الجمهورية منذ يومين.
ويعتقد مراقبون للشأن التونسي أن الأزمة الحكومية التي تعيشها البلاد لن يكون بمقدور النهضة أن تخرج منها لوحدها وبأسلوب المكابرة، وأن لا خيار لها سوى العودة للمشاورات مع مختلف الكتل البرلمانية وحتى مع الأحزاب غير الممثلة في البرلمان، وخاصة التنسيق المباشر والمستمر مع الرئيس قيس سعيد الذي لا يبدو مرتاحا لحكومة الأمر الواقع.
وكان رئيس الحكومة المكلف الحبيب الجملي قد عرض، الجمعة، تشكيلته على الرئيس سعيد قبل أن يقول إنه سيواصل التدقيق في الأسماء، في موقف أظهر أن الرئيس التونسي قد عارض وجود تسميات غامضة على رأس بعض الوزارات الحساسة، ودعا إلى تعيين أسماء ذات مصداقية خاصة في وزارتي الخارجية والدفاع اللتين يعود أمرهما إليه بصفة مباشرة.
وعقب اللقاء قال الجملي إنه “لن يتم الإعلان عن تشكيلة الحكومة الجديدة الجمعة”، مجددا الحرص على “التثبت من كفاءة المرشحين ونزاهتهم وبعدهم عن الالتزام السياسي”.
ولا يرضي هذا التأجيل رئيس البرلمان راشد الغنوشي الذي أعلن الخميس أنه من المؤمل أن يتم التصويت على منح الثقة للحكومة الجديدة السبت (أمس) بعد عرضها على البرلمان الخميس أو الجمعة، وهو ما لم يتحقق بسبب فيتو الرئيس سعيد.