انتفاضة الجامعات الأمريكية تتصاعد تضامناً مع غزة
جامعة كولومبيا تتخذ إجراءات تعسفية بحق طلابها المحتجين
تتصاعد انتفاضة الجامعات الأمريكية الداعمة لفلسطين والمندد بجرائم الإبادة الجماعية الإسرائيلية في قطاع غزة، فيما بدأت جامعة كولومبيا، الإثنين، بإجراءات وقف وفصل نشطاء مؤيدين للفلسطينيين إثر رفضهم تفكيك مخيم احتجاج، الأمر الذي وصفته منظمة هيومن رايتس ووتش “قاسيا للغاية”.
ودعت مجموعة “طلاب كولومبيا من أجل العدالة في فلسطين” الطلاب للحضور إلى مخيم الاحتجاج في جامعة كولومبيا، لمواجهة تحذير إدارة الجامعة الذي سيتم بموجبه فصل الطلاب إذا لم يخلوا المخيم.
وقالت رئيسة الجامعة نعمت مينوش شفيق إن المحادثات التي استمرت أياما بين الطلاب المنظمين للاحتجاج والقادة الأكاديميين لم تفلح في إقناع المتظاهرين بإزالة عشرات الخيام التي نصبوها للتعبير عن معارضتهم للحرب الإسرائيلية على قطاع غزة.
وتأتي الحملة بجامعة كولومبيا، وهي محور الاحتجاجات على حرب غزة التي تعصف بحُرم جامعية في أنحاء متفرقة من الولايات المتحدة خلال الأسابيع الأخيرة، في الوقت الذي ألقت فيه الشرطة القبض على عشرات الطلاب بجامعة تكساس في أوستن خلال مسيرة مؤيدة للفلسطينيين.
الجامعة تحذر بفصل الطلاب المحتجين
وبعثت جامعة كولومبيا برسالة للمحتجين صباح الإثنين، حذرت فيها بفصل الطلاب الذين سيرفضون مغادرة الخيام بحلول الساعة 18 بتوقيت غرينتش والتوقيع على نموذج يقر بمشاركتهم في الاحتجاج، وقالت إنهم لن يكون بمقدورهم إكمال الفصل الدراسي في وضع جيد.
وقال المتحدث باسم الجامعة بن تشانغ في إفادة مساء الإثنين: “بدأنا في وقف الطلاب في إطار المرحلة الثانية من جهودنا هذه لضمان السلامة في حرم جامعتنا”.
وأضاف تشانغ: “لقد خلق المعسكر بيئة غير ترحيبية للعديد من طلابنا وأعضاء هيئة التدريس اليهود لدينا، كما خلق إلهاء صاخبا يتعارض مع التدريس والتعلم والتحضير للامتحانات النهائية”.
وأفادت رئيسة الجامعة في بيان بأن جامعة كولومبيا لن تسحب استثماراتها في الأصول التي تدعم الجيش الإسرائيلي، وهو مطلب رئيسي للمحتجين، لكنها عرضت الاستثمار في الصحة والتعليم في غزة وتحسين الشفافية بخصوص الممتلكات الاستثمارية المباشرة التابعة للجامعة.
وتعهد المحتجون بالإبقاء على المخيم في الحرم الجامعي بمنهاتن حتى تلبي الجامعة ثلاثة مطالب وهي سحب الاستثمارات والشفافية فيما يتعلق بالشؤون المالية للجامعة والعفو عن الطلاب وأعضاء هيئة التدريس الذين خضعوا لإجراءات تأديبية بسبب دورهم في الاحتجاجات.
وذكر تحالف (نزع الفصل العنصري بجامعة كولومبيا) في بيان مشترك تُلي في مؤتمر صحفي عقب انتهاء المهلة “أساليب التخويف المثيرة للاشمئزاز هذه لا تعني شيئا مقارنة بمقتل أكثر من 34 ألف فلسطيني. لن نتحرك حتى تلبي كولومبيا مطالبنا أو يحركونا بالقوة”.
وانتقد عدد كبير من الطلاب وأعضاء هيئة التدريس ومراقبين من خارج الجامعة نعمت بسبب استدعائها شرطة نيويورك قبل أسبوعين لإنهاء الاعتصام، وهو ما أدى إلى اعتقال أكثر من 100 شخص.
وتسببت الجهود المبذولة لفض الاعتصام، الذي أقامه الطلاب مجددا في غضون أيام من تحرك الشرطة في 18 أبريل، في تنظيم عشرات الاحتجاجات المماثلة في جامعات من كاليفورنيا إلى نيو إنغلاند.
وأثارت الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين جدلا حادا في الحرم الجامعي بشأن المرحلة التي يجب فيها على مسؤولي الجامعات تحديد فاصل بين حرية التعبير وخطاب الكراهية.
جامعات أخرى تنضم للاحتجاجات
وبدأ طلاب جامعات جورج واشنطن، وجورج تاون، وجورج ميسون، والجامعة الأميركية، وهاورد، وماريلاند، وجالوديت، وجامعة ماريلاند مقاطعة بالتيمور، الاعتصام والمبيت داخل “مخيم الطلاب من أجل غزة” في مقر جامعة جورج واشنطن منذ فجر الخميس الماضي، مطالبين بأن تسحب جامعاتهم استثماراتها في شركات تدعم إسرائيل عسكرياً ومادياً، وعدم معاقبة الطلاب على تظاهرهم من أجل فلسطين، وإلغاء العقوبات على الطلاب.
وانتقدت جماعات حقوقية عنف الشرطة في الحُرم الجامعية مثل جامعة إيموري في أتلانتا وجامعة تكساس في أوستن، حيث تحركت قوات الشرطة ضد المتظاهرين الأسبوع الماضي واحتجزت العشرات قبل إسقاط التهم الموجهة إليهم لعدم وجود أدلة.
واندلعت الاحتجاجات والاعتقالات من جديد في حرم جامعة أوستن الإثنين.
وحاولت شرطة الحرم الجامعي، مدعومة بقوات ولاية تكساس، تفريق احتجاج طلابي كبير، وألقت القبض على 43 شخصا على الأقل، وفقا لمحامي الدفاع جورج لوب، الذي قال إنه أكد العدد مع موظفي المحكمة وموظفي السجن.
من جانبها قالت جامعة فرجينيا للتكنولوجيا الإثنين إن السلطات ألقت القبض على 91 متظاهرا من مخيم طلابي بتهمة التعدي على ممتلكات الغير.
هيومن رايتس ووتش: الرد على المظاهرات قاسياً للغاية
أكدت منظمة حقوق الإنسان الدولية “هيومن رايتس ووتش” أن الرد على المظاهرات الطلابية الداعمة لفلسطين كان قاسيا للغاية من جانب سلطات الجامعة، وحرم المشاركين من الحق في الاحتجاج السلمي.
وقالت المنظمة في بيان إن “ردود فعل بعض رؤساء الجامعات للاحتجاجات المؤيدة لفلسطين كانت صادمة. فهؤلاء هم الأشخاص الذين يجب أن يشجعوا التعلم والنقاش، ويشجعوا الجيل القادم على الدفاع عن معتقداته في جو من احترام الحريات الأساسية”.
وأضاف البيان: “بدلا من احترام الحريات الأساسية، استجابوا بإجراءات قاسية في مؤسسات مثل جامعة كولومبيا، وجامعة تكساس، وجامعة إيموري. هناك عمليات تعليق جماعي [للفصول الدراسية]، وعمليات إخلاء وطرد للطلاب من مهاجع الجامعة، واعتقال الصحافيين الذين يغطون احتجاجات الطلاب والمدرسين”.
وشددت المنظمة على أنه “حتى لو كنت لا توافق على ذلك، وإذا كنت تعتقد أن الوضع في قطاع غزة لا يستحق الاحتجاجات، فلا يزال لهؤلاء الأشخاص الحق في التعبير عن آرائهم وفي الاحتجاج السلمي. لدينا جميعا هذا الحق”.
وأشارت “هيومن رايتس ووتش” إلى أنها “لا تنكر وجود حالات معاداة للسامية خلال المظاهرات، ولكنها تعتقد أن مثل هذه التصرفات أو التصريحات “التي أدلى بها أفراد” ينبغي التحقيق فيها على أساس فردي”.
وخلصت المنظمة الحقوقية إلى أنه “لا يمكن ببساطة حرمان الناس من حقهم في الاحتجاج السلمي الجماعي لأن بعض الأفراد في المظاهرة أو بالقرب منها قالوا أشياء دنيئة”.
وبحسب وكالة “أسوشيتد برس”، اعتقلت الشرطة الأمريكية أكثر من 900 شخص في المظاهرات المؤيدة للفلسطينيين التي جرت في حرم الجامعات الأمريكية.
وتتراوح المظاهرات الحاشدة في الجامعات الأمريكية من اعتصامات سلمية إلى اشتباكات مع الشرطة والناشطين المؤيدين لإسرائيل، وبدأت موجة الاعتقالات في الجامعات في 18 أبريل الجاري، عندما طلبت رئيسة جامعة كولومبيا نعمت شفيق، من شرطة نيويورك المساعدة في إبعاد المتظاهرين عن الجامعة. وأدى القرار إلى اعتقال أكثر من 100 شخص في حرم مانهاتن وأثار موجات جديدة من الاحتجاجات في جميع أنحاء البلاد.