بسبب شذوذه السياسي… استقالة الإخونجي أحمد الريسوني من اتحاد القرضاوي
دعا للجهاد ضد الجزائر واعتبر استقلال موريتانيا عن المغرب كان خطأ
بعد تصريحاته المثيرة للجدل، والتي تسببت بغضب الجزائر وموريتانيا بسبب مواقفه شاذّة دعا فيها للجهاد ضد الجزائر واعتبر أن استقلال موريتانيا عن المغرب كان خطأ، قبل مجلس أمناء ما يسمى “الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، استقالة رئيسه أحمد الريسوني، ليسقط بذلك من كرسي الرئاسة.
وقال الاتحاد؛ الذي يضم في عضويته حصراً علماء من تنظيم الإخونجية، في بيان اليوم الأحد، إن “مجلس الأمناء يستجيب لرغبة الريسوني بالاستقالة.. ويحيل القرار إلى الجمعية العمومية الاستثنائية”.
وبرر البيان استقالة الريسوني، بالقول إنها “تغليب للمصلحة وبناءً على ما نصّ عليه النظام الأساسي للاتحاد”، موضحا أن إحالة الموضوع للجمعية العمومية الاستثنائية، هو “كونها جهة الاختصاص للبت فيها في مدة أقصاها شهر”.
وأرجع فيها استقالته إلى “تمسكه بمواقفه وآرائه الثابتة الراسخة، التي لا تقبل المساومة، وحرصا على ممارسة حريته في التعبير، بدون شروط ولا ضغوط”، وفق تعبيره.
الجهاد ضدّ الجزائر
لكن في الواقع يبدو أن “الاتحاد”، لم يستطع تحمل مسؤولية تصريحات الريسوني الأخيرة، التي أثارت غضبا واسعا في الجزائر، وموريتانيا، بعدما اعتبر أن “استقلال موريتانيا عن المغرب خطأ”، ودعا لـ”الجهاد ضدّ الجزائر” و”الزحف نحو ولاية “تندوف” الجزائرية الحدودية، وضمها للتراب المغربي”.
ودفعت حملة التنديد والاستنكار الواسعة في الداخل الجزائري والمغربي والموريتاني على حد سواء، علي القرة داغي، أمين عام ما يسمى الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، إلى التبرؤ منها.
اعتبر خبيران في شؤون منظمات الإسلام السياسي أن تنظيم الإخونجية قبلت مجبرة استقالة أحمد الريسوني رئيس ما يسمى بـ”الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين”، على أمل احتواء أزمة جديدة عمقت جراح تنظيم يتداعى.
غضب الجزائر وموريتانيا
وأحدثت تصريحات أطلقها الريسوني قبل أسابيع غضبا واسعا في الجزائر، وكذلك في موريتانيا بعدما اعتبر أن “استقلال موريتانيا عن المغرب خطأ”، ودعا لـ”الجهاد ضدّ الجزائر” و”الزحف نحو ولاية “تندوف” الجزائرية الحدودية، وضمها للتراب المغربي.
وعلى خلفية الأزمة وتداعياتها أعلن الريسوني استقالته من رئاسة “الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين”، الذي طالما اشتهرـ بأنه “اتحاد القرضاوي” نسبة إلى رئيسه السابق يوسف القرضاوي.
وفي قراءته لبيان الاتحاد، قال الدكتور هشام النجار الخبير في شؤون حركات الإسلام السياسي إن التنظيم الدولي للإخونجية يحاول تدارك أزمة جديدة داخله على خلفية تصريحات الريسوني الأخيرة التي تسببت في حدوث انقسام جديد داخل التنظيم.
وأضاف : “هذا الانقسام يضاف لانقساماتها الفعلية نتيجة أزمة التنظيم الأصلية والعامة التي تعيشها منذ يونيو/حزيران 2013”.
النجار اعتبر أن “الاستقالة محاولة لتدارك حدوث أزمة جديدة من شأنها أن تستنزف التنظيم داخليا وتعمق انقساماتها وضعفها”.
وأكد الخبير السياسي المصري أن الاستقالة تعني أن “التنظيم يحاول طي هذه الصفحة وإرضاء الجزائر وموريتانيا حيث إنها تنهي اللغط الدائر حول موقف الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين وهو دار إفتاء التنظيم الدولي للإخونجية من التصريحات التي أثارت جدلا واسعا وسببت غضبا كبيرا خاصة في الجزائر وموريتانيا.
منتصف العصا
وأشار النجار إلى أن “هناك من فسر موقف الاتحاد وبيانه بأنه يمسك العصا من المنتصف ولا يرفض بشكل صريح تصريحات الريسوني.”
ورأى النجار أن قبول الاستقالة لا يعني انقضاء الأزمة، “أثر ما حدث سيظل باقيا لفترة طويلة؛ لأن الأمر لا يقتصر فحسب على موقف فردي لقيادي إخونجي، فالانقسامات موجودة والصراعات الداخلية محتدمة ومحاولات الزج بالتنظيم لخدمة ملفات بعينها يجري على قدم وساق، وهناك صراع أجنحة مكتوم ربما كان موقف الريسوني أحد تجلياته لكنه ليس الوحيد”.
اتحاد الفتنة
ومن جهته، قال منير أديب، الخبير المصري في شؤون المنظمات الإسلامية والإرهاب الدولي، إن استقالة الريسوني “تأتي لتخفيف حدة الاحتقان ضد الاتحاد”.
أما قبول الاتحاد لاستقالة الريسوني بهذا الشكل، والحديث لأديب، فكأنهم يريدون القول إننا نتعامل باستقلالية وشكل مؤسسي وهوما يخالف الحقيقة.
وأضاف: “اتحاد العلماء هو اتحاد الفتنة، حيث يستهدف إثارة الفوضى والنعرات القبلية، وتشتيت العالم العربي والإسلامي”.
ووصف أديب أزمة تصريحات الريسوني وتداعياتها، بـ”ضربة جديدة للإخونجية ومسمار جديد في نعش ما بقي من التنظيم”.
فتاوى شاذة
وعٌرف الريسوني بأنه صاحب فتاوى شاذة وآراء لا تختلف كثيرًا عنها، عما بدأ به مشواره في ما يسمى “اتحاد علماء المسلمين” من جدل وما أنهاه به من أزمة “فتنة”، وإساءة لبعض الدول الإسلامية، ودق إسفين الخلاف والشقاق بينها.
وصعد الريسوني إلى الأضواء في العام 2013 بالتزامن مع انهيار حكم الإخونجية في مصر، حين أصبح نائبًا لرئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين آنذاك، يوسف القرضاوي.
وسار الريسوني إلى رئاسة الاتحاد في العام 2018، خلفًا ليوسف القرضاوي، الذي اتخذه سراجًا لطريقه في قيادة الاتحاد؛ فباتت مواقف الأخير السياسية تدين بالولاء لجماعة الإخوان المسلمين.
والريسوني من مواليد شمال المملكة المغربية عام 1953، وتلقى تعليمه الابتدائي والثانوي بمدينة القصر الكبير، وحصل فيها على الشهادة الجامعية في الآداب العصرية.
عمل أستاذا لعلم أصول الفقه ومقاصد الشريعة بكلية الآداب والعلوم الإنسانية ـ جامعة محمد الخامس، وبدار الحديث الحسنية ـ بالرباط، (1986 إلى سنة 2006)، وأستاذا بجامعة حمد بن خليفة بقطر، وبكلية الشريعة والدراسات الإسلامية بجامعة قطر.