تنظيم الإخونجية يعتزم تجميد أنشطته في بعض الدول العربية
لتفادي الغضب الشعبي وتورط عدد من قياداته في قضايا الإرهاب والفساد
بسبب حالة الانهيار الداخلي والغضب الشعبي التي يواجهها، يعتزم تنظيم الإخونجية تجميد أنشطته السياسية لعدة أفرع في بعض الدول العربية، بحسب ما أفادت مصادر مطلعة.
ويجري المرشد العام الحالي، إبراهيم منير، عدة اتصالات سرية مع قيادات في تنظيم الإخونجية في مصر وتونس والمغرب، وطلب منهم دراسة مقترح بتجميد النشاط السياسي للتنظيم لفترة محددة (بضع سنوات) بحسب نفس المصادر.
وأوضحت المصادر أن منير برر المقترح بالرغبة في منح الأفرع المتأزمة فرصة لإعادة هيكلة نفسها ووقف نزيف الانشقاقات الداخلية خاصة في مصر وتونس، وتفادي تزايد حالة الغضب الشعبي، وأيضاً منح وقت مناسب لإعادة هيكلة التنظيم وترتيب بنيته، بما يتوافق مع التطورات الإقليمية والدولية الجديدة.
الرفض الشعبي وقضايا الإرهاب
ووفق المصدر اعتمد مرشد الإخونجية على دراسة أعدها مركز للدراسات والأبحاث يتبع الجماعة، حول مستقبل التنظيم في ظل المتغيرات الراهنة، ومدى حالة الرفض الشعبي له فضلاً عن تورط عدد كبير من قياداته في قضايا إرهاب وفساد، وهو ما يؤكد عدم قدرته على العودة لممارسة النشاط السياسي في وقت قريب.
وخلال الأشهر الماضية، وبالتحديد منذ إعلان الرئيس التونسي قيس سعيد، عن الإجراءات الاستثنائية في البلاد يوم 25 يوليو الماضي، ومن ثم سقوط الإخونجية سياسيا وشعبيا، ثم الهزيمة النكراء لإخونجية المغرب في الانتخابات البرلمانية وخروجهم من الحكم بعد نحو 10 سنوات من السيطرة، يعاني التنظيم الدولي للإخونجية أزمة جامحة ولا يتوقف قياداته عن البحث عن مخرج آمن.
استثمارات الجماعة تحت رقابة أمنية
ولم يلق اقتراح المرشد الإخونجي المقيم بلندن، قبولاً لدى قيادات التنظيم وخاصة أعضاء مكتب الإرشاد المصري، ما تسبب في تجدد الصراع المحتدم بين الطرفين على مدار الأشهر الماضية بسبب الخلافات حول المناصب التنفيذية والتمويل.
وتشير المصادر إلى الخلاف الداخلي المحتدم بين قيادات التنظيم باعتباره عائقا إضافيا أمام أي محاولة لتخطي الأزمة الراهنة، بالإضافة إلى فقدان جانب كبير من الدعم التركي المقدم منذ سنوات، على خلفية التفاهمات بين مصر وتركيا، وأيضاً التضييق غير المسبوق من جانب الدول الأوروبية على نشاط التنظيم ووضع مراكز التمويل وكافة استثمارات الجماعة تحت رقابة أمنية صارمة.
جميع المعطيات تضع الجماعة، المصنفة إرهابية في عدة دول، أمام خيارات محدودة للغاية، أبرزها ما طرحه إبراهيم منير ومجموعته بعد السقوط المدوي في مصر إثر ثورة 30 يونيو، بتجميد النشاط السياسي للجماعة والإعلان عن ذلك لمحاولة تفادي الغضب الشعبي، لكن إدارة الجماعة التي لم تكن تخضع لمنير أو التنظيم الدولي وقتها، قررت الاستمرار في المواجهة مع المصريين وانتهجت نهجاً إرهابياً عنيفاً، تصدت له السلطات المصرية وسقط التنظيم بلا رجعة.
السقوط في عدة دول عربية
ووفق المصادر، جددت أحداث السقوط الأخيرة في عدة دول عربية وما تبعها من تفاقم الغضب الشعبي ضد الأذرع السياسية للإخونجية، الطرح القديم حول ضرورة وقف النشاط السياسي والاكتفاء بالعمل الدعوي والمدني لمدة زمنية تضمن للتنظيم إعادة البناء والهيكلة والعودة من خلال قنوات سياسية جديدة دون الإعلان عن الانتماء التنظيمي للإخوان، مما يضمن لها مساحة في المشهد السياسي.
ولا يزال الطرح مرفوضاً لدى قطاع كبير من قيادات التنظيم لعل أبرزهم راشد الغنوشي، رئيس حركة النهضة الإخونجية في تونس، والذي أصر على الاستمرار في المشهد السياسي ما دفع قيادات بارزة في الحركة، تميل نحو الخيار الأول، إلى الانشقاق عن الحركة والإعلان بعد ساعات، عن الشروع في إجراءات تأسيس حزب جديد يضم طوائف سياسية متعددة ولا يعود في مرجعيته إلى الإخونجية.
مشكلة الإخونجية في تركيا
ولعل الجانب الآخر من الأزمة، يتمثل في الصراع غير المسبوق بين الجماعة وحلفاءها، لعدة أسباب، الأول؛ هو محاولة الجماعة خوض التجربة التفاوضية مع مصر بالضغط على النظام التركي، لوضعها على أجندة المناقشات، وهو ما أفصح عنه المرشد العام للتنظيم أثناء ظهوره على إحدى القنوات الفضائية، فيما أبدت تجاهل تام للحلفاء المتواجدين على الأراضي التركية منذ 2014 ويواجهون مشاكل في العودة إلى بلادهم بسبب صدور أحكام قضائية ضدهم.
السبب الثاني وفق المعلومات يتعلق بتخلي التنظيم الدولي تماماً عن الشباب المتواجدين في تركيا دون أوراق رسمية، وإن كان العدد الأكبر منهم منتمي للتنظيم، وكانوا قد حصلوا على عدة وعود لإنهاء إجراءات إقامتهم على الأراضي التركية أو استخراج أوراقهم للتمكن من السفر إلى خارج البلاد، بينما يعيش أكثر من 2000 شاب حالة من الرعب خشية الترحيل إلى بلادهم في ظل التقارب المصري التركي.
وقف التمويلات “الضخمة”
السبب الثالث، يتمثل في وقف التمويلات “الضخمة” التي قدمها التنظيم الدولي للمتحالفين مع الإخونجية، مقابل الهجوم على مصر، سواء من خلال الإعلام أو الكتائب الالكترونية، مشيرا إلى أن التغييرات السريعة التي تشهدها السياسة الإقليمية، وفشل التنظيم في تحقيق أي أهداف تتعلق بأجندة عمله ضد الدولة المصرية، دفعته لمراجعة حساباته خلال الفترة الماضية، وبإعادة تقييم الموقف رأى أن هؤلاء الأشخاص يمثلون عبئا عليه.
ويرى الباحث المصري المختص في الإسلام السياسي، مصطفى أمين أن التنظيم الدولي للإخونجية يشهد حالة من التخبط والارتباك واليأس بعد سقوط الجماعة عن الحكم في تونس والمغرب.
وأضاف أمين، أن حالة من الغضب الكبير تسيطر على قيادات الجماعة وأعضائها بسبب قرارات المرشد العام إبراهيم منير، متوقعا أن تشهد الفترة المقبلة تحركات تصعيدية ضده قد تصل بالفعل إلى عزله، باعتباره تسبب في أزمات كبيرة للتنظيم ولم ينجح في حسم أي من الملفات العالقة، كما أنه أساء التصرف إلى حد كبير ردا على التقارب المصري التركي، بسبب تصريحاته المتناقضة في حواره مع إحدى القنوات ولقاءه عدد من قيادات الجماعة مع حزب السعادة المعارض لأردوغان.
وأوضح أمين أن الجماعة تعيش في الوقت الحالي أزمة داخلية عاصفة سوف ينتج عليها انشقاقات داخلية وتصدعات.