تونس والقضاء على الإرهاب ومعضلة الوقت
خوسيه لويس مانسيا
إذا كان هناك شخص سيدخل التاريخ من بابه الواسع لمحاربته الإرهاب بقوة القانون، فبكل تأكيد هو الرئيس التونسي قيس سعيد.
فمنذ وصوله إلى السلطة عام 2019، كان الرئيس قيس سعيد واضحا جدا بشأن الخطر الذي رأى أنه يهدد تونس وكيفية معالجته.. ذاك الخطر كان يُسمى جماعة “الإخوان”، ممثلة في حركة “النهضة”.
ورغم كل ذلك، تسلّم الرئيس قيس سعيد مقاليد الحكم وتونس في وضع اقتصادي متأزم، ثم حلّت جائحة “كوفيد-19” بعد وقت قصير، ما تسبب في تأخير خططه لمكافحة الإرهاب.. وبعد مرور عام، وبفضل يقظة وجاهزية قوات الأمن التونسي، ألقت الشرطة في أغسطس/آب 2021 القبض على أفراد كانوا يخططون للقيام باغتيالات متعددة، وفي عام 2022، تكرر السيناريو نفسه لاستهداف مسؤولين تونسيين لفتوا إلى أن الحرائق المتكررة في البلاد “لم تكن محض مصادفة”، في إشارة إلى تورط حركة “النهضة” الإخوانية.
وبمجرد وصول الرئيس قيس سعيد إلى السلطة كان عليه التعامل مع الوضع الاقتصادي عبر التوجه للمنظمات الدولية لتنفيذ خطط إصلاح اقتصادي مكثفة، خاصة بعدما أودى فساد حركة “النهضة” الإخوانية بالبلاد إلى ما هي عليه، وفي نوفمبر/تشرين الثاني عام 2021 طلب الرئيس التونسي البدء في تطهير المؤسسات وإعادة أموال الشعب المنهوبة من الفاسدين.
وفي مايو/أيار الماضي، ومع تقدّم التحقيقات في ملف الفساد، تبين أن 460 مسؤولاً نهبوا ما يقرب من 5 مليارات دولار من أموال الشعب التونسي.
وبموازاة ذلك، تم رفع دعاوى جنائية ضد 109 قضاة بتهم تتعلق بجرائم الإرهاب والفساد المالي.. وعاد الرئيس قيس سعيد ليكرر أن هدفه هو محاسبة الفاسدين وناهبي المال العام بقوة القانون.
استقرار تونس
وبينما كانت تونس تحاول تجاوز المرحلة الصعبة والمضي قدما، كانت ترد تقارير بأن عناصر إرهابية تحاول التسلل من ليبيا عبر الحدود إلى الأراضي التونسية، للمشاركة في أعمال لزعزعة استقرارها.. ما دفع السلطات التونسية لإغلاق حدودها مع ليبيا، كما أصدرت تونس قائمة بقادة الإخوان الليبيين، الذين مُنعوا من دخول أراضيها.
وفي نهايات عام 2021 بدا كثيرا وقوف حركة “النهضة” الإخوانية وحدها دون دعم خارجي كما اعتادت طوال سنوات منذ بدء أحداث 2011، ما جعل إخوان تونس كالمصابين في مقتل، فيما بدأت موجة استقالات داخل الحركة الإخوانية، وانكشفت كل محاولاتها لإثارة الرأي العام في تونس والتأثير في الرأي العام العالمي، حتى إنهم أشاروا بوضوح إلى رغبتهم في تدخل خارجي في شؤون وطنهم، حين هددوا أوروبا بـ”موجات المهاجرين” إذا لم تتدخل في تونس، ما يدل على المسار الخطير الذي سلكه زعيم حركة “النهضة”.
وفي نهاية عام 2021، ظهرت أخبار تفيد بتورط عناصر من “النهضة” الإخوانية بتسهيل دخول الإرهابيين إلى تونس عبر تزوير الهويات بين عامي 2015 و2019.
وتوازيا مع ذلك تظاهر التونسيون تأييدًا لرئيسهم، الذي بدأ خطواته الإصلاحية، ورفضًا لحركة “النهضة” وقياداتها الذين أفسدوا الحياة في تونس خلال أكثر من 10 سنوات ماضية.. فيما التحديات الكبرى يقودها الرئيس التونسي، قيس سعيد، في مرحلة حرجة اقتصاديا وسياسيا، خاصة وسط معركة التصدي للإرهاب، الذي يتطلب أمره مزيدا من الوقت، والذي بلا شك يمثل معضلة لأي دولة في مثل هذه الظروف التي يمر بها العالم ككل.