تونس: حبس زعيم الأمن الموازي التابع للإخوان, محرز الزواري
أصدر قاضي التّحقيق بـالقطب القضائي لمكافحة الإرهاب مذكرة إيداع بحق الرئيس السابق للمخابرات التابعة لوزارة الداخلية، محرز الزواري، أو «زعيم الأمن الموازي» التابع للإخوان، كما يلقبه محللون.
يدخل الزواري السجن محملا بواحدة من كبرى القضايا وأكثرها تعقيدا في تاريخ تونس لما بعد 2011، ألا وهي الجهاز السري للتنظيم.
حين دخل ملف الجهاز السري لإخوان تونس أروقة محكمة الإرهاب قبل أقل من شهرين، بدا من الواضح أن هذه القضية المعقدة دخلت منعطفا جديدا. أن الملف يتجه نحو نقطة نهاية تكشف المستور عما ارتكبه إخوان تونس من جرائم بحق المواطنين وأمن البلاد.
وبدأت خيوط قضية الجهاز السري للإخوان تتفكك منذ سجن راشد الغنوشي، إضافة لقيادات بارزة في وزارة الداخلية ساهمت في اختراق أجهزة الدولة.
متابعون للمشهد السياسي التونسي يرون أن أوراق الجهاز السري بدأت تتساقط خاصة بعد أن تحرر القضاء من القيود التي كانت تكبله وبعد أن أسفرت التحقيقات عن خيوط اللعبة التي استطاع من خلالها تنظيم الإخوان اختراق الدولة.
ويقول حسن التميمي، الناشط والمحلل السياسي التونسي، إن «الجهاز السري للإخوان لا يضم القيادات البارزة للإخوان فقط بل يضم أيضا الأعوان (أمنيين) الذي تم تعيينهم منذ 2011 داخل وزارة الداخلية وبقية الوزارات الأخرى».
ويوضح التميمي أن «سياسة الإخوان للتمكين داخل الدولة تنطلق بتأسيس أجهزة موازية من أجل تمرير مشاريعهم التخريبية بطرق مشبوهة وملتوية».
وأكد أن النهضة لديها جهاز استخباراتي داخل الدولة يتكون من أكثر من 20 ألف عنصر أدمجوا في الإدارة التونسية بمقتضى قانون العفو التشريعي العام.
والقانون استحدثه الإخوان عقب صعودهم للحكم، وانتدبوا بمقتضاه أنصارهم والموالين لهم بالمؤسسات الحكومية والوزارات بما في ذلك الداخلية والعدل.
وبحسب التميمي، فإن «إصدار مذكرة إيداع بالسجن بحق الزواري ستعجل بنهاية مسار محاسبة الإخوان الذين قاموا بتخريب البلاد من خلال أجهزة موازية خاصة أن الأدلة والبراهين كلها موثقة وموجودة لدى القضاء».
ولفت إلى أن هيئة الدفاع عن (المعارضين) شكري بلعيد ومحمد البراهمي أرفقت قضية الجهاز السري ببراهين وأدلة واضحة وكافية لإدانة هذا التنظيم.
وكشف أن الجهاز السري سبق أن قدم لعناصره دورة تكوينية على آليات التجسس وطرق استخدام التقنيات الكفيلة بالاستعلام والتشفير.
وأكد أن الملفات الخاصة بالجهاز السري أظهرت امتلاك حركة النهضة أسلحة ومحاولات لتجنيد الشباب في الأحياء الشعبية لضواحي العاصمة تونس، للقيام بعمليات تخريبية ضد كل من يعارضها.
من جانبه، يرى المحلل السياسي التونسي عمر اليفرني أن امتلاك الإخوان لأجهزة أمنية واستخباراتية وعسكرية موازية أمر مؤكد وموثق بالحجج التي قدمتها هيئة الدفاع عن بلعيد والبراهمي للقضاء.
ويؤكد اليفرني أن تلك الأدلة هي ما سيعجل بحل هذه الحركة لأنها متورطة كحزب في الاغتيالات وملف تسفير الإرهابيين إلى بؤر الإرهاب وفي قتل الجنود والمدنيين العزل.
وشدد على أن حل حركة النهضة أصبح ضرورة ملحة كي تتطهر البلاد من جرائم هذا التنظيم الذي تمكن بالدولة منذ 2011.
وأشار إلى أن محرز الزواري ليس سوى رقم ساعد الإخوان على تنفيذ مشاريعهم الإرهابية والإجرامية لكن الخارطة أوسع وأكبر بكثير ولا بد من تتبعها وملاحقتها في داخل تونس وخارجها.
وبالنسبة للخبير، فإن «مراجعة التعيينات داخل أجهزة الدولة التي شرع قيس سعيد في فتحها منذ 21 سبتمبر (أيلول) الماضي، ستثبت مدى اختراق هذا التنظيم لمفاصل الدولة».
وبالآونة الأخيرة، شدد الرئيس التونسي قيس سعيد على ضرورة البدء في مراجعة كافة الانتدابات التي تمت خلال العشرية السابقة، ضمن جهوده لتطهير الإدارات التونسية مما توصف بـ”الانتدابات العشوائية”.
نهاية سبتمبر/ أيلول الماضي، أحال القضاء التونسي ملف الجهاز السري لحركة النهضة إلى قطب مكافحة الإرهاب بعد ثبوت تورطه في اغتيال المعارضين السياسيين شكري بلعيد ومحمد البراهمي عام 2013، وفي التجسس واختراق مؤسسات الدولة.
وانطلق التحقيق في قضية الجهاز السري لحركة النهضة في يناير/كانون الثاني 2022، إثر شكوى قدمتها هيئة الدفاع عن بلعيد والبراهمي اللذين تم اغتيالهما في العام 2013.
واتهمت هيئة الدفاع الغنوشي بترؤس الجهاز السري للحركة، داعية إلى محاسبته قضائيا.
ويحظى هذا الملف الحارق باهتمام خاص من الرئيس التونسي قيس سعيد الذي يدعو إلى محاسبة التنظيم الذي أجرم في حق البلاد.
وأمس الأول الإثنين، أكد سعيد، خلال لقائه بوزيرة العدل ليلى جفال، على ضرورة تطبيق القانون على الجميع على قدم المساواة، داعيا القضاة إلى تحمل مسؤولياتهم التاريخية لتسليط الجزاء على كل من أذنب بحق الشعب.
وفي يونيو/حزيران الماضي، أصدر قضاء تونس مذكرة إيداع بالسجن بحق زعيم الإخوان راشد الغنوشي، على خلفية قضية الجهاز السري.
وفي أكتوبر/تشرين الأول 2021، كشفت هيئة الدفاع عن شكر بلعيد ومحمد البراهمي تورط الجهاز السرّي للإخوان في اختراق أجهزة الدولة وضلوعه في أنشطة تجسس لصالح جهات أجنبية والتستر على معلومات تتعلق باغتيال بلعيد والبراهمي.