خيارات جونسون بعد هزائمه أمام البرلمان البريطاني
تعليقُ عمل البرلمان البريطاني تمّ وسْطَ أجواءٍ مشحونة واحتجاجات شديدة للمعارضة التي تخشى أن تلتّف الحكومةُ على التشريع الذي يُلزمها بعدم مغادرة الاتحاد الأوروبي من دون اتفاق، وما عزز قلق المعارضة هو تصريح رئيس الوزراء بوريس جونسون، الذي أكد فيه أنّه يفضلُ “الموتَ في خندق” بدل الامتثال للتشريع الذي أصبح نافذاً بدءاً من يوم الاثنين الماضي.
وتحرص المعارضة على ضمان أنّ الخروج من الاتحاد الأوروبي بدون اتفاق لن يحصل أبداً، لذلك طالبت بتأجيل الخروج لمدة ثلاثة أشهر، وهذا المطلب كان تحوّلَ إلى قانون نافذ بعد أن وافق عليه مجلس اللوردات (الجمعة قبل الماضي) ونال مصادقة الملكة إليزابيث الثانية (الاثنين الماضي)، ويُلزم القانون جونسون بأن يطلب من بروكسل تأجيل الخروج إذا لم يتم التوصلُ إلى اتفاق على “بريكست” بحلول التاسع عشر من شهر تشرين/أول أكتوبر المقبل أي بعد القمة الأوروبية القادمة مباشرة.
ويوضحُ كبيرُ الباحثين في مؤسسة الدراسات الحكومية، مادي ثيمونت جاك، أنه وفقاً للتشريع المذكور، فإنه “يتعيّن على جونسون، من الناحية القانونية الموافقة على التمديد، في حال موافقة الاتحاد الأوروبي عليه”.
مجلس العموم رفض يوم أمس وللمرة الثانية طلب جونسون إجراء انتخابات تشريعية مبكرة، وذلك في ختام جلسة هي الأخيرة للمجلس قبل تعليق البرلمان أعماله لمدة خمسة أسابيع تنتهي في الرابع عشر من شهر تشرين الأول/أكتوبر المقبل.
هل هذا يعني أنه لن تكون هناك انتخابات؟
نعم.. هذا صحيح في الوقت الراهن، فمع تعليق البرلمان، وبفرض تمّ اليوم الخميس الدعوة للانتخابات، فإن أول موعد يمكن أن يتمَّ فيه التصويت هو 21 تشرين الثاني/نوفمبر القادم، أي بعد الموعد المقرر لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.
أحزاب المعارضة عارضت محاولات جونسون الدعوة إلى إجراءات انتخابات مبكّرة قبل أن تتأكد من أنّه لن يصار إلى خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي من دون اتفاق، ولكن في حال تمّ التوصلُ إلى اتفاق بحلول 19 تشرين الأول/أكتوبر المقبل، فحينها من المؤكد أنهم سيوافقون على الدعوة لإجراء انتخابات في أقرب وقت ممكن.
هل يمكن لجونسون التنصل من طلب التمديد؟
جونسون قال للنواب يوم أمس الثلاثاء: “لن أطلب تأجيلا إضافياً” لتاريخ خروج بريطانيا من الاتّحاد الأوروبي المقرر في 31 تشرين الأول/أكتوبر، وذلك على الرّغم من أن القانون الذي أقره البرلمان ودخل حيز التنفيذ الاثنين يلزمه بأن يطلب من بروكسل إرجاء بريكست لمدة ثلاثة أشهر، وعلى ضوء هذا الموقف لجونسون، يرجّح روّاد وستمنستر أن يصار إلى تبني أحد الاحتمالات التالية:
الأول، هو أن يذهب شخصٌ آخر غير جونسون إلى بروكسل، ونظرياً، يمكن لجونسون تقديم الاستقالة، ليشغل شخصٌ آخر منصب رئيس الحكومة، وقد يكون هذا الشخص نائباً محافظاً، أو على الأرجح زعيم المعارضة جيريمي كوربين، لكي يتحمّل حزب العمّال وزر تمديد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.
الاحتمال الثاني، بأن يبقى جونسون في لندن، (خلال القمّة الأوروبية المقبلة)، وأن يرسل للقمّة رسالة بسيطة الدلالات والمعاني، فقد كشف تقرير نُشر مؤخراً في صحيفة “ديلي تلجراف” بأن رئيس الوزراء مستعدٌ لإرسال رسالة ثانية إلى الاتحاد الأوروبي.
وكان جونسون أرسل خطاباً في شهر آب/أغسطس الماضي إلى رئيس المجلس الأوروبي دونالد تاسك دعا فيه التكتّل إلى إزالة الحدود الأيرلندية من اتفاق الانسحاب، ويمكن إرسال الرسالة الجديدة مرفقة بطلب تمديد لمدة ثلاثة أشهر.
والاحتمال الثالث الذي يجنّب جونسون طلب التمديد، هو أن يتمكّن رئيس الوزراء من الحصول على صفقة مع الاتحاد الأوروبي تنال موافقة النوّاب قبل نهاية شهر تشرين الأول/أكتوبر المقبل.
الجائزة الأوروبية الثمينة
قد يقدِّم الاتحاد الأوروبي جائزة ثمينة لجونسون برفض طلب التمديد لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، خصوصاً وأن وزير الخارجية الفرنسي إيف لو دريان، أعرب عن استياء بلاده من التمديد لبريكست، وقال: في واقع الحال، إن الاتحاد الأوروبي لم يمنح بريطانيا تمديداً بعد 31 تشرين الأول/أكتوبر المقبل.
وحول الموقف الأوروبي من التمديد، يطرح الباحث ثيمونت جاك السؤال التالي: “إذا أرادت المملكة المتحدة التمديد، فهل يريد الاتحاد الأوروبي أن يكون مسؤولاً عن مغادرتهم (البريطانيين) دون اتفاق؟”.
ثمّة فكرة أخرى لدى البريطانيين من دعاة الخروج، وهي الاتفاق مع دول عضو لمنع التمديد، (المجر، بولندا.. مثلاً)، ذلك أن عدم موافقة دولة واحدة من الدول الـ27 كفيل بعرقلة التمديد، لكن هذه الدول تتلقى أموالاً من الاتحاد الأوروبي، وعلينا أن نكون قبلها متأكدين إن كان ثمة مكاسب تحققها تلك الدولة من خلال استخدام حق النقض لإحباط قرار يتبناه الأعضاء الـ26.