رئيس الحكومة الليبية المكلف يفاوض الميليشيات في تونس
أفادت مصادر سياسية ليبية مطلعة، إن رئيس الحكومة المكلف من مجلس النواب فتحي باشاغا وصل إلى تونس قبل أيام للتفاوض مع قادة الميليشيات في المنطقة الغربية في مسعى لاستمالتها ضد رئيس الحكومة المنتهية ولايتها عبد الحميد الدبيبة الذي يرفض تسليم السلطة.
ويرافق باشاغا في زيارته وزير الدفاع بحكومته أحميد حومة الذي أكد الاثنين في تصريحات إعلامية محلية أنه التقى ممثلي بعض التشكيلات المسلحة والمناطق العسكرية في تونس، وتواصل مع آخرين هاتفيًا، مشددًا على استعداده “للجلوس مع من يرغب والإجابة بكل صراحة”.
وأضاف حكومة أنه سوف يتواصل لاحقًا مع أمراء المناطق العسكرية في غرب ليبيا “للوقوف على كل الاحتياجات والتشاور معهم، والتشاور المباشر مع رئيس الأركان الفريق الحداد، والتواصل مع التشكيلات المسلحة التي تتبع المجلس الرئاسي”.
ويقلل مراقبون من إمكانية نجاح باشاغا وحومة في إقناع الميليشيات بدعم الحكومة الجديدة خاصة وأنها الآن في وضع أكثر من مريح مستفيدة من حالة الاستقطاب بين الحكومتين وهو ما أعاد الاعتبار إليها حيث همش دورها خلال الفترة الماضية في ظل حالة الاستقرار الهش الذي كانت تشهده البلاد.
وينظر إلى هذه المحادثات على أنها الفرصة الأخيرة لباشاغا لدخول العاصمة وإلا فإن حكومته ستكون قد ولدت ميتة إذا ما اتخذ من مدينة أخرى (سرت أو بنغازي) مقرا له.
وكان باشاغا حرك في أكثر من مرة أرتالا عسكرية قبل أن يقوم بسحبها بضغوط أميركية في حين يقول مراقبون إن الخيار العسكري لن يكون لصالحه في ظل اختيار أغلب الميليشيات الانحياز إلى الدبيبة.
نفوذ الدبيبة
وقالت المصادر، إن أغلب المجموعات المسلحة في مصراتة وطرابلس والمنطقة الغربية بشكل عام تدين بالولاء للدبيبة، غير مستبعدة أن تكون قد حصلت على إغراءات مالية مقابل هذا الموقف.
ولفتت المصادر إلى أن باشاغا لا يسيطر إلا على جزء من كتيبته الشخصية “حطين” التي شهدت بدورها انقساما حيث ينظر بعضها إلى الحكومة الجديدة على أنها خطر يهدد تماسك مدينة مصراتة التي ينحدر منها الدبيبة وباشاغا.
وراجت الأنباء عقب منح مجلس النواب الثقة للحكومة الجديدة ونزول باشاغا في مطار طرابلس وعقده مؤتمرا صحافيا من هناك بأنه يسيطر على أكبر المجموعات المسلحة في طرابلس وخاصة ما يسمى بـ”جهاز دعم الاستقرار” بقيادة عبدالغني (غنيوة) الككلي وثوار طرابلس بقيادة هيثم التاجوري، لكن قيادات من هذه المجموعات نفت مؤخرا ذلك.
وكان من المرجح أن تدخل الحكومة الجديدة العاصمة عن طريق الزنتان وتواترت الأنباء قبل أسابيع بأن باشاغا سينزل في مطار المدينة الجبلية، وهو المخطط الذي قد يكون الدبيبة أفشله بعد لقائه بآمر المنطقة العسكرية الغربية أسامة الجويلي وهو من أشهر القيادات العسكرية بالزنتان في السادس من مارس.
مأزق باشاغا
وتعكس هذه المفاوضات حجم مأزق باشاغا الذي كان قد توعد قبل نحو أسبوعين بدخول العاصمة وانتزاع السلطة من الدبيبة، كما تبدد ما يقال بشأن سيطرته على الميليشيات وتؤكد ما يردده خصومه بأن أغلب الكتائب المسلحة نجح الدبيبة في استمالتها إلى صفه .
وبدلا من العثور على توافقات سياسية والخروج بصيغة مقبولة للاستقرار إلى حين موعد الانتخابات، إذا كانت هناك انتخابات أصلا، يبدو أن الدبيبة وباشاغا قررا خوض منافسة للسيطرة على الميليشيات المنتشرة في الغرب بالدرجة الأولى.
وتحاول تركيا منذ فترة التوسط بين الطرفين لكن الدبيبة الذي يعرف أن الأمور تصبّ في مصلحته من كل الاتجاهات تقريبا يرفض التفاوض رغم الضغوط الأميركية.
وكان السفير الأميركي ريتشارد نورلاند أكد قبل نحو أسبوعين أن الدبيبة وباشاغا “مستعدان للدخول في مفاوضات لإيجاد حل سياسي” للأزمة في البلاد.
وفي صورة ما لم يتمكن باشاغا من دخول طرابلس فإنه سيكون رئيس حكومة موازية بلا ميزانية وغير قادرة على السيطرة حتى على المنطقتين الشرقية والجنوبية الواقعتين تحت سيطرة قائد الجيش المشير خليفة حفتر.
وفي هذه الحال سيكون باشاغا قد خسر شعبيته في المنطقة الغربية التي اكتسبها في البداية خلال مشاركته في الإطاحة بنظام العقيد الراحل معمر القذافي ثم قيادته لعملية فجر ليبيا التي يوصف بـ”مهندسها” وأخيرا مساهمته في صد الهجوم الذي نفذه الجيش بقيادة حفتر على طرابلس في أبريل 2019.
وبينما تؤيد أطراف في مدينة مصراتة التوافق مع حفتر وتنظر إليه كخطوة نحو إنهاء الصراع، يرى الكثيرون أن باشاغا “خان مدينته وساهم في تفكيك موقفها الذي ظل لسنوات موحدا في رفض التعامل مع حفتر”.