شعبية قيس سعيد تفتح الطريق أمام التغيير الجذري في تونس
كشف استطلاع للرأي نشر أمس الأحد، أن الرئيس التونسي قيس سعيد، يحظى بـ”ثقة كبيرة” لدى نحو 72 بالمئة من التونسيين، بعد أكثر من شهر ونصف من إعلانه الإجراءات الاستثنائية وتجميد عمل البرلمان.
وأظهرت نتائج الاستطلاع، الذي أنجزته مؤسسة “سيغما كونساي” لسبر الآراء وجريدة “المغرب” اليومية، الذي نشر في عددها الأحد، حيازته 90 بالمائة من نوايا التصويت في الانتخابات الرئاسية.
كما تواصل ارتفاع نسبة تفاؤل التونسيين بالمرحلة المستقبلية إلى 77.2 بالمئة، فيما عبّر 71.7 بالمئة منهم عن أن البلاد “تسير في الاتجاه الصحيح”.
الحزب الدستوري الحر
في المقابل، أظهرت نتائج الاستطلاع بقاء حظوظ الحزب الدستوري الحر في الانتخابات التشريعية وافرة بحوالي 34 بالمئة، مقابل 26.1 بالمئة عبروا عن رغبتهم في التصويت لتيار سعيّد في حال شكل حزبا أو تقدم بقوائم مستقلة، بينما تراجعت حركة النهضة الإخونجية إلى المركز الثالث بنوايا تصويت لم تتجاوز 12.1 بالمئة.
وأجري الاستطلاع في الفترة بين 9 و16 سبتمبر الجاري، على عينة مكونة من 1983 تونسيا، أعمارهم 18 عاما فما فوق.
وتأتي هذه النتائج في ظل أوضاع استثنائية تمر بها تونس منذ 25 يوليو الماضي، تاريخ الإعلان عن “حالة الخطر الداهم” من طرف سعيّد استنادا إلى المادة 80 من الدستور، التي أعقبتها قرارات إقالة وتحفظ طالت عددا من مسؤولي الدولة والنواب.
رجل الإنقاذ
ويرى المتابعون للشأن التونسي أن الرئيس قيس سعيد لا يزال يحافظ على شعبيته، بعد أسابيع من الإجراءات الاستثنائية التي اتخذها عندما أقال الحكومة وعطل عمل البرلمان الذي كان تحت سيطرة حركة النهضة الإخونجية، متوقعين أن تساعده هذه الشعبية على تسهيل مهمته المقبلة.
وقال الكاتب الصحفي عبد الستار العايدي أن “شعبية الرئيس سعيد مازالت تحافظ على مستوى مرتفع، مستفيدا من الدفعة التي منحته إياها لحظة 25 يوليو، حيث برز الرجل بالنسبة لقطاع واسع من الشعب باعتباره منقذا من حقبة صعبة عاشتها البلاد منذ 10 سنوات تحت حكم منظومة الأحزاب والمحاصصة الحزبية بقيادة حركة النهضة الإخونجية”.
مظاهرة الإخونجية
ويضيف العايدي: “كما أن هذه النتائج تصدر يوما واحدا بعد المظاهرة التي دعت إليها القوى المناهضة لسعيد، التي بدت غير قادرة على تعبئة الشارع ضد الرئيس، وبالتالي تؤكد أن خصوم سعيد فقدوا ورقة الشارع منذ 25 يوليو، فيما مازال الرئيس يحظى بشعبية تجعله يتحرك بشكل مريح خلال الفترة المقبلة”.
وكان أنصار حركة النهضة الإخونجية وحلفائها في الائتلاف الحكومي المقال، قد تظاهروا وسط تونس، السبت، ضد التدابير التي اتخذها سعيد في 25 يوليو، مرددين شعارات تطالب بالعودة إلى ما يعتبرونه “الشرعية”.
ويتابع العايدي: “أعتقد أن هذه الشعبية ستحافظ على قوتها على المدى القريب لغياب أي بديل محتمل لدى الناس، فالتونسيون مازالوا ينتظرون الثمار التي ستسفر عليها حركة سعيد التصحيحية وعلى رأسها الثمار الاجتماعية والاقتصادية، حيث أصبح هم القطاع الأوسع من الشعب التونسي، خاصة الطبقات الشعبية، تأمين الحد الأدنى من الحياة الكريمة في ظل تدهور كارثي للأوضاع الاقتصادية”.
التغيير الجذري لشكل النظام السياسي
وفي السياق ذاته، يرى المحلل السياسي محمد بالطيب أن “هذه النتائج المتوقعة حول شعبية الرئيس لدى قطاع واسع من الشعب التونسي، يمكن أن تكون مؤشرا مهما حول موقفهم من الأفكار التي بدأ سعيد في طرحها نحو تعديل الدستور، والتغيير الجذري لشكل النظام السياسي”.
ويقول أبو الطيب: “الشعبية التي يحظى بها الرئيس قبل صعوده إلى الرئاسة وحتى اليوم، التي ارتفعت بشكل كبير بعد التدابير الاستثنائية الأخيرة، كانت دائما السلاح الأقوى الذي واجه به خصومه، خاصة من الإسلاميين، طيلة فترة الصراع معهم. واليوم يبدو أنه يجيد استعمال هذه الورقة الرابحة من خلال طرحه أفكارا -مازالت عامة- حول تعديلات دستورية وتغييرات تطال النظام السياسي، نحو إقرار نظام رئاسي والتحول من الديمقراطية التمثيلية الحزبية نحو نظام المجالسية”.
تعديل دستور
وكان سعيد قد لمح في 12 سبتمبر الماضي إلى إمكانية تعديل دستور 2014، مشيرا في تصريحات صحفية إلى أن “الدساتير ليست أبدية ويمكن إحداث تعديلات تستجيب للشعب التونسي”.
وقال الرئيس التونسي: “أحترم الدستور لكن يمكن إدخال تعديلات على النص، فالشعب سئم الدستور والقواعد القانونية التي وضعوها على المقاس، ولا بد من إدخال تعديلات في إطار الدستور”.
وقبل ذلك، في 9 سبتمبر، صرح مستشار الرئيس وليد الحجام بوجود توجه لتعديل النظام السياسي في تونس، ربما عبر استفتاء.
وقال الحجام إنه “يُفترض تعليق الدستور وإصدار نظام مؤقت للسلطات”، مؤكدا أن “هذه هي خطة الرئيس وهي في مراحلها الأخيرة، ومن المتوقع الإعلان عنها رسميا في وقت قريب”.
لكن أبو الطيب يرى أن “طريق سعيد لن تكون مفتوحة بسهولة في اتجاه التعديلات الجذرية التي يريد إجراءها، لأن الدعم الشعبي ليس كافيا لوحده، وسط تعدد أصوات المعارضة لهذه الخطوة سواء من القوى السياسية والنقابية، ومن بينها جهات دعمت خطوته في 25 يوليو”.