عشرات القتلى والجرحى خلال اشتباكات مسلحة في إقليم دارفور
لقي نحو 48 شخصا مصرعهم وجرح 97 خلال اشتباكات مسلحة شهدتها مدينة الجنينة عاصمة ولاية غرب دارفور السودانية، السبت، مما أجج المخاوف من إعادة مشهد الحرب الدموية التي اندلعت في دارفور عام 2003، والتي راح ضحيتها أكثر من 300 ألف قتيل.
وأفاد شهود عيان، إن مجموعات قبلية متنازعة استخدمت رشاشات وأسلحة ثقيلة في الاشتباكات التي دارت حول معسكري كريندق وأبو زر للنازحين، مشيرة إلى أن التوتر لا يزال يسود المدينة رغم إعلان حظر التجوال.
وترجح لجنة أطباء غرب دارفور ارتفاع حصيلة الضحايا، مشيرة إلى أن الكوادر الطبية تبذل جهدا كبيرا في تقديم الرعاية الطبية للجرحى والمصابين في ظل صعوبة بالغة في الحركة ونقص في كوادر التخدير والتمريض.
وأطلقت اللجنة نداء عاجلا لحكومة الولاية من أجل تأمين المرافق الصحية وتوفير وسائل نقل مصحوبة بقوات نظامية من أجل نقل الكوادر الطبية والمساعدة إلى المؤسسات العلاجية الحكومية والخاصة، والوصول إلى الجرحى العالقين في مناطق الاشتباكات، وكذلك توصيل الإمدادات الطبية إلى المرافق التي تأوي الجرحى.
وأوضحت أن هناك العديد من الحالات التي تحتاج إلى عمليات جراحية عاجلة في ظل نقص كبير في الكوادر الصحية.
وتأتي اشتباكات السبت بعد توقيع اتفاق سلام في أكتوبر الماضي بين الحكومة السودانية وعدد من الحركات الدارفورية المسلحة، حيث نصّ الاتفاق على تشكيل قوى مشتركة قوامها 12 ألف فرد، مناصفة بين القوات الأمنية السودانية ومقاتلي الحركات المسلحة، وذلك لحفظ الأمن في الإقليم الذي يشهد مشكلات قبلية كبيرة.
واتهمت المنسقية العامة لمعسكرات ميليشيات مسلحة في الإقليم بإطلاق الرصاص الحي في مستشفى الجنينة والسوق، كما أحرقوا أجزاء من معسكر كريندق وسوق البورصة بعد الهجوم عليهما.
وحذرت المنسقية من خطورة الأوضاع في إقليم دارفور التي ازدادت انحدارا، بعد انسحاب البعثة المشتركة للأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي “يوناميد” نهاية ديسمبر الماضي.
وعبّرت المفوضية عن اعتقادها بأن هناك جهات تسعى لتفكيك معسكرات النازحين بالقوة، وذلك لطمس آثار جرائم الإبادة الجماعية والتطهير العرقي والجرائم ضد الإنسانية، وجرائم الحرب، التي ارتكبها النظام البائد في دارفور مما يتطلب من مجلس الأمن الدولي إعادة النظر في قرار إنهاء مهمة بعثة “اليوناميد”، واتخاذ تدابير فورية لحماية النازحين والمدنيين في الإقليم، والعمل على نزع أسلحة كافة المليشيات، وتقديم جميع المتورطين في ارتكاب جرائم الحرب للمحكمة الجنائية الدولية.
من جانبه قال تجمع المهنيين السودانيين، إن أحداث السبت تعطي مؤشرات غير جيدة في أعقاب خروج قوات اليوناميد، معتبرا أن استمرار الانتهاكات وعدم تحقيق العدالة، سيهدد السلم والأمن الاجتماعي في دارفور.
واعتبر التجمع أن إعلان حالة الطوارئ وحظر التجوال الشامل في ولاية غرب دارفور ليس كافيا، ما لم يتبعه إجراءات تضبط المجموعات المسلحة والعمل على تطبيق القانون واتخاذ الإجراءات القانونية العاجلة لضبط السلاح المنتشر خارج سلطة القانون والقوات العسكرية والأمنية.
وفي نفس السياق، عبّر بخاري أحمد عبد الله، القيادي في التحالف السوداني الذي يضم في عضويته مجموعة من مختلف المكونات السكانية في المنطقة، عن قلقه الكبير من تردي الأوضاع الأمنية ومن التداعيات الخطيرة التي قد تترتب على الأحداث التي شهدتها مدينة الجنينة يومي الجمعة والسبت، محذرا من انفلات الأوضاع الأمنية مما سينعكس سلبا على الأوضاع الإنسانية المتأزمة أصلا من جرّاء الحرب التي استمرت أكثر من 25 عاما.
وطالب عبد الله بضرورة الإسراع بحل مشكلة الأراضي التي نص عليها اتفاق السلام باعتبارها إحدى أهم عوامل التوتر الإثني في عموم إقليم دارفور، لافتا إلى أن التأخر في تشكيل قوات المشتركة، يفتح الباب أمام المزيد من الاحتكاكات الخطيرة في المنطقة.
ووصف الصحفي عبد المنعم زكريا الوضع في المدينة بالمتوتر جدا، وقال إنه من الصعب التنبؤ بما ستسير إليه الأمور خلال الأيام المقبلة في ظل الاحتقان القبلي الكبير.
وعبّر زكريا عن مخاوف جدية من تأزم الأمور أكثر، إذا لم تتخذ إجراءات عاجلة لرتق النسيج الاجتماعي.
وأشار إلى أن الخطورة تكمن في وجود كم هائل من الأسلحة الخطيرة في أيدي مجموعات قبلية في المنطقة.
وأوضح أن الحل يكمن في تسريع تطبيق مقررات اتفاق السلام على أرض الواقع، لا سيما البنود المتعلقة بالترتيبات الأمنية، وتشكيل القوة المشتركة لحفظ السلام والأمن.
وأعادت الأجواء المتوترة في المدينة مشهد الحرب التي اندلعت في دارفور عام 2003 واستمرت نحو 25 عاما، وأدت إلى قتل وتشريد ملايين الأشخاص معظمهم من النساء والأطفال وسط انتهاكات واسعة شملت عمليات اغتصاب وحرق، مما دعا المحكمة الجنائية الدولية لاستصدار أوامر قبض على عدد من قادة النظام السابق بينهم الرئيس عمر البشير الذي أطاحت به ثورة شعبية في الحادي عشر من أبريل 2019، ويقبع حاليا في سجن كوبر شرق العاصمة الخرطوم في مواجهة عدد من التهم.