عقب القرار الأمريكي… السعودية والإمارات يلجآن إلى الصين لتطوير قدراتهما العسكرية
في أول خطاب له لتحديد إستراتيجيته الخارجية الأمريكية، في الرابع من فبراير الجاري، أعلن الرئيس الأمريكي جو بايدن عن انتهاء الدعم العسكري الأميركي لتدخل السعودية والإمارات في اليمن، وقال إن واشنطن ستنهي مبيعات الأسلحة “الهجومية” التي يمكن استخدامها لتنفيذ عمليات في اليمن.
ولم يكن قرار بايدن مفاجئا، فقد سعت دوائر أميركية مختلفة خلال السنوات الماضية إلى وقف تزويد السعودية بالأسلحة الكافية للاستمرار في حرب اليمن بهدف تأمين أمنها القومي. واستعدت السعودية، كما الإمارات، لهذا الموقف من خلال تنويع علاقاتها مع أكثر من جهة.
أمام هذه العراقيل الأميركية قد تلجأ أبو ظبي والرياض إلى تطوير علاقاتهما الدفاعية الناشئة مع الصين وروسيا، من المتوقع أن تلجأ السعودية والإمارات إلى البحث عن أسواق جديدة للحصول على حاجياتهما من الأسلحة بعد قرار إدارة بايدن وقف مبيعات الأسلحة التي تخصص للحرب في اليمن، وستكون الصين هي الوجهة الأقرب لتوفير مطالب الدول الخليجية التي باتت علاقاتها مع بكين متطورة على مختلف الواجهات.
فقد باعت الصين طائرات دون طيار لكل من المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة بالفعل، وتفيد التقارير بأنها تعمل على تطوير نظام صواريخ باليستية مع الرياض.
ونشرت وسائل إعلام غربية في السنوات الأخيرة تقارير عن دور صيني في تطوير القدرات السعودية لإنتاج وتطوير الصواريخ الباليستية بعيدة المدى.
وذكرت شبكة “سي إن إن” الأميركية أن الرياض “اشترت تكنولوجيا من الصين لتعزيز ترسانتها من السلاح في إطار سعيها لموازنة القوة مع إيران”.
وأشارت تقارير أخرى إلى أن السعوديين لجأوا إلى الصين للشروع في بناء البنية التحتية التي تقدر بمليارات الدولارات اللازمة لإنتاج الوقود النووي.
الأميركيون يأخذون على محمل الجد التحديات التي يمكن أن تخلقها الأسلحة الصينية إذا وجدت الطريق مفتوحا أمامها في الشرق الأوسط، وخاصة المُسيّرات ذات الفاعلية العالية، والتي توصف بأنها “درون قاتلة تحلّق مثل أسراب النحل بشكل متناسق” وأنها لا تترك أحدا على قيد الحياة.
وكان مارك إسبر وزير الدفاع الأميركي السابق قد حذر من أن الصين تصدر طائرات مسيرة للشرق الأوسط تستطيع توجيه ضربات “مميتة”.
وقال إسبر “يبيع مصنعوا الأسلحة الصينيون طائرات دون طيار يقولون إنها قادرة على التحكم الذاتي الكامل، بما في ذلك القدرة على تنفيذ ضربات قاتلة موجهة”.
وتحمل هذه المسيّرات قذائف هاون وقاذفات قنابل يدوية ومدافع رشاشة وتقوم بنفسها بتشكيل أسراب وشن ضربات منسقة، بحسب موقع “تشاينا ميليتاري” الصيني.
وتثير مخاطر المسيّرات والذخائر الصينية الموجهة نقاشات في واشنطن أكثر حتى من السوخوي الشبح الروسية (س – 57) التي تقول تقارير روسية إن الإمارات العربية المتحدة قد أبدت في السابق اهتماما بها.
ويقول خبراء إن دخول الأسلحة الصينية إلى السعودية والإمارات سيشجع دولا أخرى على اعتمادها، خاصة أن الصين لا تضع شروطا سياسية بالتلازم مع الصفقات التي تعقدها مع هذه الدولة أو تلك على عكس الولايات المتحدة التي سبق أن عطلت صفقة أف – 16 للإمارات.
وكانت واشنطن قالت في الثمانينات إنها ستزود أبوظبي بنسخة بمواصفات أقل من أف – 16 مقارنة مع تلك التي تزود بها إسرائيل في الوقت نفسه.
ورفضت الإمارات أيّ تحديدات تقنية وعملياتية لهذه المقاتلات، وتحركت واشترت ميراج 2000 الفرنسية قبل أن تتراجع الولايات المتحدة عن موقفها.
ويشير محللون إلى أن قدرة السعودية والإمارات على تمويل صفقات الأسلحة ستجعل من السّهل بالنسبة إليهما الحصول على ما تطلبانه سواء من الصين وروسيا أو من فرنسا وبريطانيا التي لا تبدو مستعدة للتفويت في صفقات مهمة تتزامن مع خروجها من الاتحاد الأوروبي.
وتدير الرياض وأبو ظبي عددا من أنظمة الأسلحة البريطانية والفرنسية بالفعل؛ إذ تشمل القوات الجوية الإماراتية -على سبيل المثال- طائرات ميراج 2000 فرنسية الصنع وتعتمد السعودية الطائرات المقاتلة يوروفايتر تايفون التي تصنعها المملكة المتحدة.
وفي ظل المنافسة القوية قد تضطر إدارة بايدن إلى أن توازن بين سياستها الناشئة -الواقعة تحت تأثير الحملة على السعودية بعناوين حقوق الإنسان- وقيمة مليارات الدولارات للصفقات الحالية وتأثير خسارتها على وظائف وزارة الدفاع الأميركية.
وفي يناير الماضي جمدت وزارة الخارجية الأميركية العديد من مبيعات الأسلحة إلى الإمارات والسعودية بعد الموافقة على هذه الصفقات في الأشهر الأخيرة من إدارة دونالد ترامب. وتشمل تلك المبيعات 478 مليون دولار من القنابل الجوية الموجهة عالية الدقة، والتي اعتمدتها المملكة في اليمن، بالإضافة إلى أنظمة أسلحة متطورة للإمارات.
وتبلغ قيمة بيع الأسلحة المجمدة للإمارات العربية المتحدة حوالي 23 مليار دولار وتشمل طائرات مقاتلة متطورة من طراز أف – 35.
ولم توضح إدارة بايدن بعد ما تعنيه بأنظمة الأسلحة “الهجومية”. لكن شركة “ريثيون” المنتجة للصواريخ الموجهة قالت إنها تتوقع حظر الذخائر على الأقل.