غضب شعبي على أردوغان بسبب الظروف الاقتصادية الصعبة في تركيا
قيادات الحزب الحاكم متهمة بـ"المحسوبية وممارسة حياة البذخ"
بعد تراجع شعبيته وسط الصعوبات التي خلفتها جائحة كورونا وطريقة إدارته لتركيا وتنامي قوة أحزاب المعارضة، أدخل رئيس النظام التركي رجب طيب أردوغان بلاده في تجربة اقتصادية عالية المخاطر، إذ اعتمد على البنك المركزي لخفض كلفة الفائدة والاقتراض، بحثاً عن استثمارات أكبر وفرص عمل أفضل، متجاهلاً سلطة التمويل العالمي.
ترى وكالة “بلومبرغ” أن انحراف أردوغان عن طريق الاقتصاد التقليدي، يقود الأتراك إلى مزيد من الفقر، بعد أن أفقدت هذه السياسة الليرة التركية أكثر من 50% من قيمتها هذا العام، الأسعار في ارتفاع مبالغ.
وقالت الوكالة في تقرير لها، إن الغضب الذي يجتاح الشارع التركي نتيجة للظروف المعيشية الصعبة وانخفاض قيمة الليرة إلى مستويات قياسية أمام الدولار، يبعث بإنذار شديد اللهجة إلى أردوغان.
وأعلن مزارعو الشاي والصيادون وتجار التجزئة الصغار والعاملون بالمقاهي ومحطات الوقود، وهم شريحة من الطبقة العاملة التركية منخفضة الأجر، والتي تشكل العمود الفقري في القاعدة الجماهيرية لأردوغان وحزبه على مدى عامين قضاهما في الرئاسة، تخليهم عن الحزب الحاكم، بعد أن أرهقهم الارتفاع المتفاقم في تكاليف المعيشة.
وفي الوقت ذاته، تسيطر أحزاب المعارضة على المدن الرئيسية، ما يعني أن أردوغان و”حزب العدالة والتنمية” يجب أن “يتشبثوا بقوة بمعاقلهم التقليدية” للتعلق بأهداب السلطة في الانتخابات المقبلة المقررة العام 2023، إذ لم يتبق أمامهم سوى 18 شهراً فقط لاستعادة ثقة الناخبين الذين أصابتهم حالة شديدة من الإحباط.
فساد وعزلة
لكن قيادات من الحزب الحاكم متهمة بـ”المحسوبية وممارسة حياة البذخ”، وهم معزولين عن الشعب في أبراج عاجية.
وفي مثال حديث على ذلك، أشارت “بلومبرغ” إلى موجة حادة من الانتقادات التي واجهها وزير الخزانة والمالية نور الدين نباتي، إثر تصريحاته الأخيرة والتي قال فيها: “لديكم رواتبكم، ما الذي ستخسرونه في أسوأ الأحوال؟ هل ستسحقون تحت وطأة التضخم؟”.
وأضاف نباتي، الذي تمتلك عائلته سلسلة متاجر لبيع المنسوجات: “لكن أنا سأخسر جميع ممتلكاتي، إذا لم ننجح في تجاوز هذه العثرة. لدينا ألف موظف”.
وكان أردوغان ألقى بلائمة التضخم المتسارع، الذي وصل معدله السنوي في نوفمبر الماضي إلى 21.3%، على ارتفاع الأسعار العالمية، وسعى إلى طمأنة الناخبين بأن حكومته “لن تتخلى عنهم”.
وقال أردوغان مخاطباً نواب البرلمان، إنه “في وقت نقوم فيه بتطبيق برنامجنا الاقتصادي الجديد، سنقف أيضاً إلى جانب جميع الشرائح بما يلزم من حزم الدعم”، كما أعلن الخميس، زيادة الحد الأدنى للأجور بنسبة 50%، بدءاً من العام المقبل.
والجمعة، تدخل البنك المركزي التركي في أسواق العملة مرة أخرى، للتخفيف من حدة تراجع الليرة بعد أن هبطت قيمتها إلى 17 ليرة مقابل الدولار.
تدهور شعبية الحزب الحاكم
ولا تجد وعود أردوغان آذاناً صاغية لدى الجميع، إذ أظهر استطلاع للرأي أجرته مؤسسة “ميتروبول”، نوفمبر الماضي، أن 26% من المشاركين في الاستطلاع يؤيدون “حزب العدالة والتنمية“، بعد استبعاد الناخبين الذين لم يحسموا أمرهم، وهي النسبة الأقل على مدى 20 عاماً، وتنخفض هذه النسبة إلى 21% في أوساط الشريحة الأقل دخلاً.
ونال أردوغان نسبة 39% في الاستطلاع حول أداءه الوظيفي، بالقرب من أدنى مستوى سجل العام 2015، بحسب ما نقلته “بلومبرغ”.
وحظي تحالف “الأمة” المعارض على دعم 39.5% من المشاركين في الاستطلاع، ليأتي مباشرة بعد التحالف الجمهوري الذي يقوده أردوغان، والذي حصل على نسبة 40%، في حين حصل حزب “الشعوب الديمقراطي”، الموالي للأكراد، على ما يزيد عن 11% من الأصوات، ويمكن أن يدعم المرشح الرئاسي المعارض.
ونقلت “بلومبرغ” عن شركة “نومورا” القابضة قولها، إن أكبر مصدر للقلق بين الناخبين هو “التضخم”، مضيفة أن “ما يثير القلق من وجهة نظر القصر الرئاسي هو ما شاهده من تراجع حاد في الدعم في أوساط الناخبين ذوي الدخول المنخفضة”.
وكان حزب العدالة والتنمية فاز بأكثر من 58% من الأصوات في تصويت المجالس المحلية في محافظة ريزا، إحدى محافظات البحر الأسود في العام 2019، وبنسبة 67% في الانتخابات البرلمانية التي أجريت العام 2018، لكن هذا الزخم يواجه اختباراً صعباً راهناً.