فيس بوك تفضح الأنشطة التجسسية لأجهزة أمن السلطة الفلسطينية
مراقبة الصحافيين ونشطاء حقوق الإنسان والمعارضين السياسيين
كشفت شبكة “فيس بوك” للتواصل الاجتماعي عن فضيحة تجسس على صحافيين ونشطاء حقوق الإنسان ومعارضين سياسيين، تقوم بها الأجهزة الأمنية التابعة لرئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس.
قالت شركة فيس بوك إنها أحبطت حملة تجسس إلكتروني قائمة منذ فترة طويلة، تديرها المخابرات الفلسطينية، والتي تضمنت انتحال جواسيس صفة صحافيين ونشر تطبيق وهمي لإرسال قصص عن حقوق الإنسان.
واتهمت فيس بوك، في تقرير نُشر الأربعاء، ما قالت إنه الجناح الإلكتروني لجهاز الأمن الوقائي الفلسطيني الموالي لرئيس السلطة محمود عباس، بإدارة عمليات قرصنة بدائية استهدفت مراسلين ونشطاء ومعارضين فلسطينيين، بالإضافة إلى مجموعات أخرى في سوريا ومناطق أخرى بالشرق الأوسط.
تحقيقات التجسس الإلكتروني
وأفاد رئيس إدارة تحقيقات التجسس الإلكتروني في فيس بوك مايك دفيليانسكي، لوكالة “رويترز” قبل نشر التقرير، بأن أساليب الحملة كانت بسيطة لكن “نراها مستمرة”.
وأضاف دفيليانسكي أن جهاز الأمن الوقائي كثف أنشطته خلال الأشهر الستة الماضية أو نحو ذلك. وقال إن فيسب وك تعتقد أن الجهاز نشر حوالي 300 حساب مزيف أو مخترق لاستهداف ما يقرب من 800 شخص بشكل عام.
ولم يتم تحديد أي من الأهداف بالاسم. وقالت فيسبوك إنها أصدرت تحذيرات فردية للمستخدمين المعنيين عبر منصتها وأزالت الحسابات المزيفة.
ويعد توجيه أصابع الاتهام فيما يتعلق بالنشاط الضار عبر الإنترنت مسألة معقدة للغاية، لكن دفيليانسكي قال إن أكبر شبكة للتواصل الاجتماعي في العالم “لديها نقاط بيانات متعددة ربطت هذه المجموعة من الأنشطة بجهاز الأمن الوقائي”.
خداع المستخدمين
ووفقاً لتقرير فيس بوك، ركزت التقنيات التي استخدمها جهاز الأمن الوقائي بشكل كبير على خداع المستخدمين لتنزيل برامج تجسس جاهزة، على سبيل المثال عن طريق إنشاء حسابات وهمية على فيسبوك مع صور لشابات جذابة.
وذكرت فيس بوك أن المتسللين تظاهروا أيضاً بأنهم صحافيون، وفي بعض الحالات حاولوا حمل المستهدفين على تنزيل برامج تجسس متخفية في شكل تطبيقات محادثات آمنة أو تطبيق لإرسال قصص متعلقة بحقوق الإنسان للنشر.
ونشرت بعض صفحاتهم على فيسبوك منشورات ساخرة، منها على سبيل المثال ما انتقد السياسة الخارجية الروسية في الشرق الأوسط، لجذب متابعين معينين، وفقاً للتقرير.
الأفعى القاحلة
وأشارت فيس بوك أيضاً إلى أنها اتخذت إجراءات ضد حملة أخرى قائمة منذ فترة طويلة مرتبطة بمجموعة قرصنة مختلفة، كثيراً ما يطلق عليها “الأفعى القاحلة”. ولم تذكر الجهة التي تقف وراء المجموعة.
ولفتت فيسبوك إلى أن تلك المجموعة كانت تدير حسابات مزيفة على فيس بوك وإنستغرام، وأكثر من 100 موقع ضار، بالإضافة إلى التوسع في برامج المراقبة على نظام تشغيل هواتف آيفون. وأضافت أن الأهداف شملت مسؤولين بالحكومة الفلسطينية وقوات الأمن.
ورفض المتحدث باسم جهاز الأمن الوقائي الفلسطيني عكرمة ثابت، اتهامات فيس بوك، وقال لـ”رويترز”: “نحترم الإعلام والإعلاميين ونعمل ضمن قانون يحكم عملنا ووفق القانون والنظام ونحن ملتزمون. نحن نحترم الحريات والخصوصية وسرية المعلومات”.
وأضاف ثابت أن “جهاز الأمن الوقائي جهاز أمن داخلي يحكمه القانون ويتبع وزارة الداخلية وعلاقتنا بالجميع جيدة بمن فيهم الصحافيون ونقابتهم”.
حماس تستنكر
قال الناطق باسم حركة حماس حازم قاسم، إننا ننظر بخطورة بالغة للتقرير الذي أصدرته شركة “فيسبوك” حول عمليات تجسس وابتزاز واسعة يقوم بها جهاز الأمن التابع للسلطة الفلسطينية في رام الله، ضد مواطنين وسياسيين ورجال إعلام وصحفيين فلسطينيين.
وأكد قاسم، في تصريح صحفي أن هذا السلوك من الأجهزة الأمنية في الضفة بالتجسس على المواطنين مدان ومستنكر، وانتهاك واضح وخطير للقانون، وتعدٍ سافر على خصوصيات المواطنين التي كفلها القانون.
وشدد، على أن ما كشفه تقرير “الفيسبوك” من ممارسات الأجهزة في الضفة الغربية يتنافى وأصول العمل السياسي الوطني، ولا ينسجم مع الأجواء الوطنية المطلوب توفرها، خاصة ونحن في خضم العملية الانتخابية، ولا مع التوافقات الوطنية حول فتح حريات العمل السياسي.
هيئات حقوقية تطالب بالتحقيق
من جهتها، قالت الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان “ديوان المظالم”، إنها تابعت البيان الصادر عن شركة “فيسبوك”، والذي ذكرت فيه إنها اتخذت إجراءات ضد قراصنة الانترنت في فلسطين.
وطالبت الهيئة، النائب العام والحكومة الفلسطينية بإجراء تحقيق عادل وشفاف لما جاء في البيان المذكور.
وأشارت الهيئة، إلى أن شركة فيسبوك رصدت في بيانها قيام مجموعات قرصنة تابعة لجهاز الأمن الوقائي في الضفة الغربية، وأخرى تعرف باسم “الأفعى القاحلة” وغير مؤكد جهة ارتباطها، بتنفيذ أنشطة عدائية استهدفت اختراق خصوصية مواطنين فلسطينيين تركزت بشكل أساسي في الضفة الغربية، وشملت صحفيين ومعارضين للحكومة ونشطاء حقوق الإنسان ومسؤولين في السلطة الفلسطينية وحركة فتح.
وتابعت الهيئة، “إننا في الهيئة ننظر بخطورة بالغة لما ورد في بيان شركة “فيسبوك”، نظراً لما يشكله من تهديد خطير لحق المواطنين الطبيعي في الخصوصية وحرمة حياتهم الخاصة، والذي كفله القانون الأساسي الفلسطيني واعتبر الاعتداء عليه جريمة لا تسقط الدعوى الجنائية ولا المدنية الناشئة عنها بالتقادم”.
بدوره، أصدر مركز صدى سوشال للدفاع عن الحقوق الرقمية الفلسطينية، بيانًا وصف فيه ما نشرته شركة فيسبوك حول تمكن أجهزة أمنية فلسطينية من قرصنة عدد من حسابات المستخدمين في فلسطين بأنه أمر بالغ الخطورة.
وأعرب صدى سوشال عن تخوفه من طبيعة وكمية البيانات التي من الممكن أن تكون قد حصلت عليها الأجهزة الأمنية عقب عملية القرصنة هذه.