قرار أوبك+ خفض انتاج النفط يصيب الدول الغربية بصدمة مفاجئة
أسعار النفط في التعاملات المبكرة تقفز بنحو 8 بالمئة
تسبب القرار المفاجئ أعلنته السعودية ومنتجون آخرون في أوبك+ عن تخفيضات طوعية في إنتاج النفط بمقدار 1.16 مليون برميل يوميًا، أمس الاثنين، الدول الغربية بصدمة مفاجئة وسط توقعات بأن يكون لهذا القرار تأثير كبير مستقبلا ليس فقط على العرض والطلب وحركة الأسعار، ولكن أيضا على النظام العالمي القائم على الهيمنة الغربية.
وقد قفزت أسعار النفط في التعاملات المبكرة الاثنين بنحو 8 بالمئة، في إشارة تنذر بالسوء للتضخم العالمي بعد أيام فقط من تباطؤ بيانات أسعار المستهلكين الأميركية مما عزز من تفاؤل الأسوق.
وبحلول 0547 بتوقيت غرينتش، قفزت العقود الآجلة لخام برنت 4.7 بالمئة إلى 83.65 دولارًا للبرميل بعد أن لامست 86.44 في وقت سابق من الجلسة، وارتفعت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الأميركي بنسبة 4.6 بالمئة إلى 79.14 دولارًا للبرميل.
وكانت عدة دول مصدرة للنفط ضمن تحالف “أوبك+“، بما في ذلك السعودية والإمارات، قد أعلنت عن خفض طوعي لإنتاج النفط، بواقع 1.657 مليون برميل يومياً اعتبارا من مايو المقبل وحتى نهاية 2023، في خطوة تهدف إلى “تحقيق التوزان في سوق النفط”، وبلغت حصة السعودية وروسيا من الخفض الطوعي 500 ألف برميل يومياً لكل منهما.
وقال فيفيك دار من كومنولث بنك الأسترالي في مذكرة: “تشير المشاركة الطوعية لأكبر أعضاء أوبك + إلى أن الالتزام بتخفيضات الإنتاج قد يكون أقوى مما كان عليه الحال في الماضي”.
تصرف استباقي
ورفع بنك غولدمان ساكس توقعاته لأسعار العقود الآجلة لخام برنت بعد الإعلان المفاجئ من أوبك+ بشأن تبني المزيد من الخفض في الإنتاج.
وقال محللو البنك في مذكرة الأحد إن التوقعات لسعر خام برنت لديسمبر 2023 زادت خمسة دولارات إلى 95 دولارا للبرميل، فيما تم رفع التوقعات لديسمبر 2024 ثلاثة دولارات إلى 100 دولار للبرميل.
جاء خفض توقعات الأسعار في الوقت الذي قلص فيه البنك توقعاته لإنتاج أوبك+، التي تضم منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) ومنتجين آخرين منهم روسيا، 1.1 مليون برميل يوميا بنهاية 2023.
وقال البنك “الخفض المفاجئ (للإنتاج) اليوم يتفق مع نهج أوبك+ الجديد بالتصرف بشكل استباقي لأنها تستطيع فعل ذلك دون تكبد خسائر كبيرة في حصتها السوقية”.
وأضاف أنه بينما كانت هذه الخطوة مفاجئة، فإن القرار يعكس اعتبارات اقتصادية مهمة وسياسية محتملة.
وتشير تقديرات البنك إلى أن خفض الإنتاج يمكن أن يوفر زيادة سبعة بالمئة في أسعار النفط، مما يساهم في زيادة إيرادات السعودية وأوبك+.
وأشار البنك إلى أن قرار أوبك+ جاء أيضا بعد إعلان الولايات المتحدة وفرنسا عن تحرير مخزونات من احتياطياتهما البترولية الإستراتيجية.
وقال “رفض إعادة ملء الاحتياطي البترولي الاستراتيجي الأميركي في السنة المالية 2023، على الرغم من بلوغ خام غرب تكساس الوسيط (القياسي الأمريكي) مستويات متدنية كانت توصف بأنها كافية لإعادة الملء، ربما يكون قد ساهم في قرار أوبك+ بشأن الخفض أيضا”.
يرفع أسعار النفط العالمية
من جانبه، قال رئيس شركة الاستثمار (بيكرينج إنرجي بارتنرز) الأحد إن خفض منتجين من أوبك الإنتاج 1.15 مليون برميل يوميا على نحو غير المتوقع قد يرفع أسعار النفط العالمية عشرة دولارات للبرميل.
قال دان بيكرينج، الشريك المؤسس للشركة التي مقرها هيوستون، إن خفض الإنتاج “سيقدم دعما ملموسا للأسعار”.
وأضاف في مقابلة “من المحتمل أن تتحرك الأسعار عشرة دولارات (للبرميل) من الخام”.
صدمة مفاجئة
قال رونالد تمبل، كبير محللي السوق في شركة “لازارد ليمتد” في نيويورك: “خفض إنتاج (أوبك+) هو تذكير آخر بأن جنّي التضخم لم يعُد إلى الزجاجة بعد”. تزيد هذه الخطوة إلى جانب زيادة الطلب على الطاقة من الصين خطر استمرار التضخم. من المحتمل أيضاً أن تحدّ من مساحة الحركة التي بحوزة البنوك المركزية لتخفيف السياسة النقدية حتى لو تباطأ الاقتصاد.
وأضاف: “بالنسبة إلى المستثمرين في الأسهم، قد تكون هذه بمثابة صدمة مفاجئة، إذ تعيش الأسواق ما يشبه النمو الضعيف الثابت أو الـ(Goldilocks)، الذي ينخفض فيه الزخم الاقتصادي، ولكن ليس للدرجة التي تدفع مخاوف الركود إلى الظهور. كانت أسواق السندات أكثر حذراً في تقييم مخاطر الركود، لكنها ربما كانت متفائلة للغاية في ما يتعلق باستجابة البنك المركزي المحتملة لضعف النمو. يُعقّد قرار اليوم التوقعات بالنسبة إلى المستثمرين في جميع المجالات”.
وفي سياق متصل، قالت المحللة في سي إم سي ماركتس تينا تينغ إن “خطة أوبك + لخفض إضافي للإنتاج قد تدفع أسعار النفط نحو 100 دولار مرة أخرى، مع الأخذ في الاعتبار إعادة فتح الصين وخفض الإنتاج الروسي كخطوة انتقامية ضد العقوبات الغربية”، بحسب شبكة سي إن بي سي.
ومع ذلك، أشارت تينغ إلى أن الخفض قد يعكس أيضًا انخفاض التضخم، والذي من شأنه أن “يعقد قرارات سعر الفائدة لدى البنوك المركزية”.
في مارس، تراجعت أسعار النفط إلى أدنى مستوياتها منذ ديسمبر 2021 ، حيث يخشى المتداولون أن يؤدي انهيار البنوك إلى إضعاف النمو الاقتصادي العالمي. ويرى المحللون أيضا أن منتجي النفط وحلفائهم يتطلعون إلى تجنب تكرار انهيار عام 2008.