قطر… الحمار الذي يمتطيه أردوغان لنهب الصومال
يقامر رئيس النظام التركي رجب طيب أردوغان بتوريط بلاده في مناطق التوتر تحت مسميات مختلفة مثل رعاية التراث العثماني وإحياء رموز وأحداث معارك الماضي، أو افتعال “الحق التاريخي” لتبرير التدخل وفرض الأمر الواقع مثلما يجري في قبرص وليبيا والصومال، حيث بات النفط والغاز يسيلان لعاب الأتراك الذين يستفيدون في الصومال من سيطرة قطرية على الموانئ وشراء الذمم.
ويستفيد الأتراك من نفوذ قطر في الصومال، الذي يقوم على استثمار الأموال في شراء ذمم المسؤولين، والتغطية على علاقة الدوحة بجماعات متشددة تقف في الغالب وراء التفجيرات التي تشهدها مقديشو ومدن صومالية أخرى، كما تستهدف إخلاء الصومال من أيّ نشاط داعم للاستقرار سواء أكان عسكريا أو أمنيا أو اقتصاديا مثل الوجود الأفريقي والكيني والإماراتي في خطة تهدف لإخلاء المكان لفائدة الأنشطة القطرية والتركية بالبلاد.
وأعلن أردوغان، أثناء عودته من برلين، وبعد أن استمع لمواقف تدين التدخل التركي في ليبيا، أن بلاده ستبدأ التنقيب عن النفط في المياه الصومالية بدعوة من مقديشو. ومثّل هذا الإعلان علامة جديدة على مساعي أنقرة المستمرة لزيادة تأثيرها خارج حدودها، والتورط في أزمات جديدة.
ونقلت قناة “إن تي في” التركية تصريحات أردوغان الذي قال إنه تلقّى “عرضا من الصومال”. وحسب ما جاء على لسان رئيس النظام التركي، أشار الصوماليون إلى وجود النفط في مياههم البحرية مطالبين تركيا بالتنقيب عنه كما تفعل في المياه الليبية.
وتابع “هذا مهم جدا بالنسبة إلينا. لذلك، ستكون هناك خطوات سنتخذها في عملياتنا هناك”.
وقال مراقبون إن التلويح بالتنقيب عن النفط في الصومال، وتوقيع اتفاقية جديدة مع حكومة مهزوزة في بلد غير مستقر، يوجه رسالة قوية لدول مثل الولايات المتحدة والصين وروسيا بأن السكوت عن خرق أنقرة للقانون الدولي في قبرص وليبيا شجعها على التمدد أكثر، بما يهدد ليس فقط أمن دول الإقليم ومصالحها، ولكن أيضا مصالح دول كبرى لم تبد إلى الآن أيّ ردة فعل تجاه التدخل التركي.
وبات النشاط التركي في التنقيب عن النفط مثيرا للقلق في المتوسط بسبب فرض سياسة الأمر الواقع، أي التنقيب دون مسوّغات قانونية معترف بها دوليا، وآخرها توقيع اتفاق مع حكومة انتقالية ضعيفة في ليبيا. وتتخوف أوساط دولية من أن ينتقل هذا النشاط التركي المثير للقلق إلى البحر الأحمر والقرن الأفريقي ويستفيد من الصمت الدولي ويمثل لاحقا تهديدا جديا لأمن الملاحة الدولية في منطقة حيوية من العالم.
ولفت المراقبون إلى أن تركيا استبقت خطوة التنقيب عن النفط في سواحل الصومال بتدخل متعدد الأوجه بعضه بوجه عسكري مكشوف والآخر في شكل دعم اقتصادي وإنساني، وأن عرض السلطات الصومالية على الأتراك التنقيب عن النفط هو بمثابة غطاء شكلي للتغطية على الاستراتيجية التركية الموضوعة سلفا والهادفة إلى السيطرة على الصومال واستثمار المزايا التي يوفرها موقعه الاستراتيجي.
وتزايد نفوذ تركيا في الصومال منذ سنة 2011، عندما أرسلت شحنات كبيرة من المساعدات خلال المجاعة التي ضربت البلاد. وفي نفس السنة، زار أردوغان مقديشو كأول زعيم غير أفريقي يدخل البلاد منذ 20 عاما. ومنذ ذلك الحين، استثمرت بلاده حوالي 100 مليون دولار في مشاريع البنية التحتية وعززت حجم العلاقات التجارية الثنائية إلى 206 مليون دولار في الأشهر العشرة الأولى من السنة الماضية.
واليوم، يعمل ميناء مقديشو ومطار المدينة تحت إشراف الشركات التركية. فعلى سبيل المثال، تدير مجموعة البيرق ميناء مقديشو، وهي الشركة التي تمتلك صحيفة “يني شفق” المؤيدة لأردوغان.
وفي الصومال، افتتحت تركيا معسكر تركسوم، الذي تحول إلى أكبر قاعدة عسكرية تركية موجودة خارج حدودها، في سنة 2017، وهو يغطي مساحة 400 هكتار من الأراضي الصومالية.
ويستطيع العسكريون الأتراك المتمركزون هناك، والذين يصل عددهم إلى مئتين، تدريب 1500 جندي صومالي في كل دورة.
كما أقامت تركيا روابط مع عدد من السياسيين البارزين داخل الحكومة الصومالية، وأصبحت تموّل عددا من المواقع الإخبارية المحلية الرئيسية في البلاد. ونجحت في افتتاح أكبر مجمع سفارة تابعة لها في مقديشو سنة 2016.
ويعتقد المراقبون أن الاستثمار التركي الكبير في الصومال بصفة خاصة، ودول البحر الأحمر بصفة عامة، يأتي في مساعي الهيمنة التركية واستباق جهود السعودية في بناء تحالف يجمع بين دول الخليج والدول المشاطئة للبحر الأحمر، وهو تحالف يقوم على تبادل المصالح، ويمكّن دول شرق أفريقيا من استثمارات كبرى لتطوير اقتصادياتها.
وفي سنة 2018، وقّعت تركيا عقد إيجار مدته 99 سنة في سواكن، وهي مدينة تقع شمال شرق السودان على الساحل الغربي للبحر الأحمر، وكانت ميناء عثمانيا. وقالت أنقرة إنها تخطط لإعادة تطوير المكان كمنتجع سياحي. لكن قيام ثورة في السودان أسقط هذا الاتفاق مع سقوط نظام الرئيس السوداني المعزول عمر البشير.