قطر تدفع 15 مليار دولار للحد من انهيار الليرة التركية
قال البنك المركزي التركي الأربعاء إنه زاد حجم اتفاق مبادلة عملة مع قطر لثلاثة أمثاله إلى ما يعادل 15 مليار دولار من خمسة مليارات، في اتفاق يوفر سيولة أجنبية تشتد الحاجة إليها لتعويض الاحتياطيات التي استنزفت والمساهمة في استقرار الليرة التي عرفت انخفاضا غير مسبوق في وقت سابق من الشهر الحالي.
وطلبت أنقرة الحصول على تمويل عاجل من الدوحة ودول أخرى لتفادي انهيار العملة، إذ يقول المحللون إنها قد تحتاج عشرات المليارات من الدولارات.
وأكد البنك المركزي التركي أن اتفاق مبادلة العملة مع نظيره القطري، الذي رفع حد الاتفاق الحالي سيدعم الاستقرار المالي والتجارة.
وتولت السلطات القطرية ضخ 15 مليار دولار في محاولة منها للمساعدة في إنقاذ الليرة التركية المتهاوية، وفي مسعى لا يتوقف من الدوحة لإرضاء رئيس النظام التركي رجب طيب أردوغان والمساهمة في تمويل حروبه بسوريا وليبيا، في وقت يعيش فيه الاقتصاد القطري، كما غيره من الاقتصاديات العالمية، حالة من التراجع تحت وقع وباء كورونا ومخلفاته.
ويعتقد متابعون للشأن القطري أن الدوحة وجدت نفسها مجبرة على دفع الإتاوة إلى رئيس النظام التركي، الذي أشعر الأسرة الحاكمة في قطر خلال أزمتها مع جيرانها الخليجيين أن بإمكانه حمايتها في وقت لم تكن تحتاج فيه إلى تدفق للجنود والأسلحة التركية وإنما إلى إرسال إشارات إيجابية عن عزمها على الحوار وتبريد الخلافات بدل ضخ الأموال في كل اتجاه لشراء “حماية” تزيد من عزلتها.
وتضغط تركيا على قطر أكثر فأكثر لزيادة مساهمتها بشكل متواصل في تكاليف الحرب خاصة في ليبيا التي تعتبر أحد رهانات قطر وحلفائها الإسلاميين في المنطقة، وهي خطوة قد يجد فيها أردوغان ملجأ ضروريا له للتخفيف من موجة النقد في الداخل في ظل رفض الأتراك لمغامراته الخارجية، وذلك بإظهار أن تركيا لا تدفع وحدها تكاليف الحرب، وأن قطر مستعدة للدفع في أيّ وقت مقابل حمايتها.
ووجد القطريون في أردوغان، المندفع والساعي إلى فرض أجنداته في أكثر من جبهة، الجهة القادرة على تحقيق ما عجزوا عن تحقيقه بالمال وبتوظيف شبكات الإخوان وفروعهم وقياداتهم، في استهداف أمن دول عربية واستقرارها من خلال الحملات العدائية أو بالتدخل المباشر مثلما هو حاصل في سوريا وليبيا، وقد حاولت قطر فيهما أن تبحث لنفسها عن دور لكنها فشلت بالرغم من الأموال الضخمة التي دفعتها.
لكن رئيس النظام التركي ظل، في الوقت الذي يلعب فيه أدوارا ترضي قطر، في وضع مهزوز ومعرض في أيّ وقت لأن يصاب في مقتل، وخصوصا من الناحية المالية، ما دفع قطر في كل مرة إلى ضخ دفعات مهمة من المال لإنقاذه خاصة بعد تهاوي الليرة في خضم الخلاف بين أنقرة وواشنطن وتلويح الرئيس الأميركي دونالد ترامب بمعاقبة تركيا بسبب مواقف عدائية لأكراد سوريا، وخاصة بعد تصريحات متنطعة لأردوغان تظهر تحدي الولايات المتحدة ورئيسها.
وكان لـ”السخاء” القطري تأثير على الميزان التجاري التركي بعد أن فتحت الدوحة أسواقها للشركات والبضائع التركية، كما تعهّدت في عام 2018 بتقديم 15 مليار دولار كاستثمارات مباشرة لدعم الاقتصاد التركي، إلا أن ذلك لا يبدو كافيا لطمأنة دوائر الاقتصاد والمال التي لم تعد تثق في اقتصاد تتحكم به المزاجية السياسية.
وتبدو الكلفة الباهظة لـ15 مليارا اليوم غير الرقم نفسه قبل في السنوات الماضية، خاصة أنه يأتي في وقت أصبحت فيه الأموال عزيزة في ظل الخسائر التي يخلّفها الوباء على دول كثيرة بما فيها الدول الكبرى، فضلا عن أزمة النفط وما يرافقها من شح في الاعتمادات.
الأوبزرفر العربي