كاتبة إسرائيلية مؤيدة للفلسطينيين تكشف أسباب قيام عباس بتعطيل الانتخابات
كشفت الكاتبة الإسرائيلية المناصرة لحقوق الشعب الفلسطيني، أسباب قرار رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، تأجيل الانتخابات الفلسطينية، مؤكدة أن هذا القرار حقق المصلحة الإسرائيلية على حساب مصالح الشعب الفلسطيني الذي يتوق للعملية الديمقراطية.
وأوضحت الكاتبة المختصة بالشؤون العربية عميرة هاس، في تقرير نشرته صحيفة “هآرتس”، أن “تأجيل الانتخابات، أثبت أن رئيس السلطة عباس والمقربين القلائل في فتح ممن يستمع إلى نصائحهم، مخلصون للمصلحة الإسرائيلية بالحفاظ على الوضع القائم ومنع أي هزات وتغييرات”.
وأضافت: “هم أظهروا، أن معارضة إسرائيل للانتخابات الفلسطينية تتفوق بالنسبة لهم على موقف شعبهم المتلهف للعملية الديمقراطية”، مؤكدة أن “الوضع القائم، متغير بشكل مستمر في غير صالح الفلسطينيين وفي صالح سيطرة إسرائيل على بيوتهم وأراضيهم”.
مواقع قوة اقتصادية
ونبهت هاس، إلى أن “الوضع القائم المزيف، يمكّن فتح من السيطرة على مواقع قوة اقتصادية، إدارية وسياسية في جيوب الضفة الغربية، كما أنه يمكن الشخصيات الكبيرة غير المنتخبة من مواصلة تطوير وتعزيز طبقة واسعة من الموظفين الكبار ورجال أجهزة الأمن، وأيضا يسمح لحركة عباس بالسيطرة بدرجة كبير على نشاطات ومشاريع القطاع من خلال تفضيل المقربين”.
وأفادت بأن “تمسك قيادة فتح والسلطة باتفاقات أوسلو، وخاصة التنسيق الأمني مع إسرائيل، يحافظ على استقرار معين في المنطقة، وهذا يترجم إلى منح مهمة من المجتمع الدولي لعمل السلطة”، مبينة أن “هذا الاستقرار، الذي يعني بشكل أثر دقة أمن إسرائيل على حساب أمن الفلسطينيين وحقوقهم، مهم لدول كثيرة تقدم المساعدات للسلطة الفلسطينية، وعلى رأسها دول الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة”.
وذكرت الكاتبة، أن “ممثلية الاتحاد الأوروبي أظهرت دعمها للانتخابات، ووعدت بالعمل على إجرائها، لكن من الصعب رؤيتها وهي تستخدم السوط الموجود لديها ضد السلطة، ووقف دعمها الاقتصادي إذا لم يتم إجراء الانتخابات، مثلما استخدمت ذلك بعد فوز حماس عام 2006”.
مفاجآت وتغييرات
وأكدت أن “الانتخابات الفلسطينية سيئة لإسرائيل وسيئة للطبقة الفلسطينية الحاكمة وغير المنتخبة للأسباب التالية؛ فهناك إمكانية كامنة للتأثير على عدد من المتغيرات التي ترسخت، أولا، على الانقسام بين القطاع والضفة، لأنه أحد المكونات الرئيسية لسياسة اسرائيل منذ 1991، وأيضا أن نظاما انتخابيا يعني تغيير المواقف والانتقاد العلني والنقاشات التي تخترق حدود الرقابة الداخلية الفلسطينية التي يشرف عليها عباس”.
ونبهت إلى أنه “في حملة انتخابية كهذه، فإن إسرائيل كانت ستكون موجودة تحت دفيئة دولية من الزجاج؛ ستخربها بواسطة منع إسماع المواقف التي تعارض موقف فتح الرسمي عبر الاعتقالات”.
ورجحت أن “تنظيم انتخابات تشارك فيها 36 قائمة انتخابية، هي انتخابات تحمل في طياتها مفاجآت وتغييرات غير مخطط لها وتحالفات جديدة، وكانت تضمن برلمانا فلسطينيا أكثر شبابا؛ يجب عليهم الاصغاء إلى ناخبيهم؛ فهناك أسئلة تقلق الفلسطينيين بشأن الفساد والمحسوبية، أوسلو، التنسيق الأمني، المطالبة بالشفافية وتقديم التقارير، العجز أمام اعتداءات المستوطنين، الحديث عن إقامة دولة رغم الضعف السياسي؛ كل ذلك يحتمل أن يتم طرحه في هذا البرلمان”.
“فتح” تسيطر على السلطة
وقدرت أن المقاعد التي ستحصل عليها الكتل المختلفة في البرلمان الفلسطيني الجديد، “كانت من الممكن أن تشكل قوة مسيطرة في البرلمان، وأما سيطرة عباس ورجاله، المريحة لإسرائيل، فقد كانت ستتقوض وتضعف”، مشيرة إلى أن “تأجيل الانتخابات يعيق محاولة إصلاح المجلس الوطني الفلسطيني، الجسم الذي يمكن أن يمثل كل الشعب الفلسطيني، في الداخل والشتات”.
وبينت هاس، أنه “في السنوات الأخيرة زادت الدعوات لاستئناف نشاط المجلس الوطني الذي يضم جميع الفلسطينيين؛ كمحاولة لإعادة المكانة لمنظمة التحرير؛ كجسم يحدد السياسة الفلسطينية، وفي سنوات أوسلو انقلبت الأمور، والسلطة الفلسطينية، التي هي على الورق خاضعة للمنظمة، تحولت إلى المؤسسة السياسية الحاسمة، والمنظمة تحولت إلى قشرة ثوم”، بحسب تعبيرها.
رهائن في يد تل أبيب
وتابعت: “فتح تسيطر على السلطة الفلسطينية، وعباس وفئة صغيرة من مقربيه، هم وحدهم الذين يقررون، ومن المريح جدا لإسرائيل، أن السياسة الفلسطينية تتم إدارتها من قبل مجموعة صغيرة من الشخصيات الرفيعة التي امتيازاتها وأفقها وأفق عائلاتها الاقتصادي، رهائن في يد تل أبيب”.
وبحسب الكاتبة، فإن “شعار “لا انتخابات بدون القدس” أطلقه مقربون من عباس، أكثر وأكثر كلما اقترب موعد بداية الحملة الانتخابية، في الوقت الذي لم توافق فيه إسرائيل بشكل رسمي على تنظيم الانتخابات في القدس”.
محمود العالول
وفي تعليقها على تصريحات قادة “فتح” ومن بينهم رئيس قائمة “فتح” عباس، محمود العالول، بأن انتخابات لا تشمل القدس ستكون “خيانة وجريمة”، قالت إن “العالول وغيره تجاهلوا تماما الإمكانية الثانية لإجراء الانتخابات التي طرحها مرة تلو الأخرى متحدثون وممثلون لقوائم أخرى؛ بالبحث عن طرق لإجراء الانتخابات في القدس حتى بدون موافقة إسرائيل؛ بوضع الصناديق مثلا في المساجد والكنائس”، بما فيها المسجد الأقصى”.
البعد التآمري
وأوضحت أن “عباس في خطابه والعالول، استخفوا بمن قدم هذه الاقتراحات، وكأن الانتخابات في القدس بالنسبة لهم موضوع تقني، وتجاهلوا بشكل كامل البعد التآمري في هذه الاقتراحات؛ وهو ضعضعة وهم التطبيع في القدس وإدارة معركة من المقاومة الشعبية، وتصويت الفلسطينيين في القدس بأي طريقة”، مضيفة أن “عباس والعالول، لم يشرحا لماذا يجب انتظار الإذن من إسرائيل لإجراء الانتخابات في القدس، وبهذا فقد خضعوا للفيتو الإسرائيلي على تنظيم الانتخابات”.
ورأت هاس، أن “صمتهم يكشف نفاقا نموذجيا؛ لكبار فتح في السلطة والذين دائما يمجدون النضال الشعبي كنقيض للنضال المسلح، والانتخابات في القدس كانت من الممكن أن تكون فصلا من النضال الشعبي، وعدم استغلال هذه الفرصة بخوض هذا النضال يثبت ما هو معروف؛ أن قيادة فتح لا تؤمن بالنضال وهي غير معنية به، وبالتأكيد فهي غير معنية باتباعه”.