لماذا تبدو الانتخابات المبكرة في تركيا غير ممكنة؟
جوان سوز
أظهر استطلاع رأي حديث أن أحزاب المعارضة باتت تتقدم على حزب “العدالة والتنمية” الحاكم.
جاء ذلك بحسب آخر مسح للرأي أجرته مؤسسة “ميتروبول” المستقلة للاستطلاعات مطلع الأسبوع الجاري.
هذا الأمر يعني أن شعبية الحزب الحاكم في تراجع مستمر، الأمر الذي تود أحزاب المعارضة استغلاله بدعوتها لإجراء انتخاباتٍ رئاسية وبرلمانية مبكرة، فهل هذا ممكن؟
بكل تأكيد لا تستطيع أحزاب المعارضة حسم مسألة الانتخابات المبكرة على الإطلاق، فإجراء مثل هذه الانتخابات يجب أن يتم بموجب دعوةٍ من رئيس الجمهورية مباشرة، ولذلك لا يمكن لهذه الأحزاب إرغام “خصمها” على المضي قدماً إلى هذه الانتخابات، إنْ كانت ترى أن الفرصة مواتية لهزيمته فيها إذا ما أُجريت حاليا، عوضاً عن موعدها المقرر في شهر يونيو/حزيران من عام 2023.
حتى الآن يبدو أن فرصة الانتخابات المبكرة، التي ترى فيها المعارضة أملاً كبيراً في الوصول إلى السلطة، لن تتخطى أكثر من كونها مجرّد ورقة آنية لكسب ناخبين، خاصة بعد إعلان ستة أحزابٍ منها الوصول إلى تحالف انتخابي يهدف بشكلٍ أساسي إلى العودة إلى النظام البرلماني وإلغاء النظام الرئاسي الحالي، خاصة أن دعوتها لإجراء هذه الانتخابات تتزامن مع أزمة الاقتصاد وتدهور الليرة التركية.
ويضم التحالف الانتخابي للمعارضة ستة أحزاب، أكبرها حزب “الشعب الجمهوري”، وهو حزب المعارضة الرئيسي في تركيا، إلى جانب أحزابٍ أخرى منها حزب “الخير” اليميني الذي يُعرف أيضاً بحزب “الجيد”، وحزب “السعادة”، بالإضافة للحزبين الجديدين، اللذين شكّلهما رئيس الوزراء التركي الأسبق، أحمد داوود أوغلو، ونائبه حينها علي باباجان، علاوة على حزب “الديمقراطي”، وهو أصغر حزبٍ في هذا التحالف.
يستطيع هذا التحالف -بحسب استطلاعات الرأي- الإطاحة بالحزب الحاكم حالياً في تركيا في أي انتخابات، لكن هذا لا يبدو ممكناً دون الاستعانة بناخبي حزب “الشعوب الديمقراطي”، وهو ثالث أكبر حزبٍ في البلاد، كما حصل في الانتخابات البلدية في إسطنبول، عندما دعم هذا الحزب مرشح المعارضة عام 2019، لذلك يسعى “باباجان”، الذي يتزعّم حزب “الديمقراطية والبناء”، إلى عقد صفقةٍ انتخابية مع “الشعوب الديمقراطي” لضمه إلى تحالف أحزاب المعارضة، وقد عقد “باباجان” مؤتمراً صحافياً شدد فيه على ضرورة تحالف الأحزاب الديمقراطية في مواجهة “العدالة والتنمية”.
وباعتبار أن الانتخابات المبكرة غير ممكنة في الوقت الراهن، تسعى أحزاب المعارضة لتوحيد صفوفها قبل موعد الانتخابات، المقرر عقدها بعد نحو عامٍ ونصف العام، وهي فترة كافية لمخاطبة أنصارها وكسب ناخبين جددا من التحالف الحاكم، الذي يضم حزبَي “العدالة والتنمية” و”الحركة القومية”، وفي هذا أيضاً تهديد جديد لشعبية التحالف الحاكم، في ظل البحث عن حلولٍ للأزمة الاقتصادية والمالية.
لهذا لا أعتقد أن الرئيس التركي سيُقدم على خيار اللجوء إلى الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المبكرة لإرضاء المعارضة، لذلك سيحاول كلا الطرفين الاستفادة من الوقت المتبقي حتى الوصول لموعد الانتخابات في 2023 لكسب مزيد من الناخبين، وحتى ذلك الحين ستدعو المعارضة باستمرار -ودون جدوى- إلى إجراء انتخاباتٍ مبكرة!