ليبرمان يهرطق وعباس يكفر!
سلام مسافر
يروي اليهود السوفيت الظرفاء، والمعروف أنهم الأفضل في خفة الظل في العالم، أن موسى عليه السلام في سنوات التيه العظيم، ما إن وصل إلى مكان وطلب من أتباعه الرباط فيه، حتى سألوه المغادرة، لأن رائحة تزكم الأنوف تنبعث من المكان.
وظل موسى مع قومه على هذا المنوال لسنوات طوال ما أن يستقر بأرض حتى يحتج عليه قومه.
وأخيرا استقر بهم المقام في أرض رائحتها زكية فقالوا جئنا لنمكث.
وكانت كل المناطق المنبوذة، السابقة، تفوح برائحة النفط والغاز التي قطنها أبناء العمومة العرب. وخسرها اليهود بفعل تذمرهم الدائم!
لعل وزير الدفاع الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان، مولدافي الأصل، المواطن السوفيتي السابق، قهقه مرات على طرائف أبناء جلدته، ويبدو أن مؤسس حزب “إسرائيل بيتنا” ليس متدينا أو متبحرا في الدين اليهودي، وحكاية “أرض الميعاد”؛ وإلا لما أعلن في مقابلة أجرتها معه مؤخرا صحيفة “كوميرسانت” الروسية أن موسى أخطأ (نستغفر الله فناقل الكفر ليس بكافر) حين جاء باليهود إلى الشرق الأوسط.
فقد قال ما نصه “أعتقد بشكل عام أن الخطأ الاستراتيجي الذي ارتكبه موسى منذ سنوات بعيدة، هو أنه جاء بنا إلى الشرق الأوسط، وليس إلى ضفاف إيطاليا وسويسرا”!!
وبهذه التصريحات، التي لا شك أنها من وجهة نظر اليهود الأرثوذكس، تعتبر هرطقة، ينسف خريج معهد السياسة الدولية في الجامعة العبرية؛ الأساس الخرافي الذي تقوم عليه الدولة العبرية على أرض فلسطين باعتبارها؛ وعد الله إلى اليهود، وليس وفقا لمشيئة أو رغبة موسى عليه السلام.
وإذا كان السيد ليبرمان لا يرى في جيران إسرائيل، صحبة حسنة، فلم لا يشد الرحال إلى حيث يستقبل بالزهور والريحان. فالأمر كما يتضح ليس “إرادة إلهية” بل خطأ بشريا تأسست بموجبه الدولة اليهودية على أرض فلسطين.
لم يقبل ليبرمان، الموصوف باليميني المتعنت، اعتذار الرئيس الفلسطيني محمود عباس، الذي لا ندري كيف زل لسانه، وهو الضليع باليهودية ومساربها وشعابها، فقال إن اضطهاد أوروبا لليهود لم يكن بسبب الديانة بل بفعل الربا والتجارة.
وشبت النار!
فكالوا الاتهامات لعباس بنكران الهولوكوست، التهمة التي حوكم بسببها المؤرخ والكاتب والفيلسوف الفرنسي روجيه غارودي، ولوحق تحت ذريعتها مئات الباحثين والمؤرخين والفنانين المنصفين، الذي كشفوا عن حقائق تتعلق بصدقية المعطيات التي توردها المصادر الإسرائيلية حول أعداد اليهود الذين تعرضوا إلى المحرقة وإلى جرائم النازية المدانة.
كان يتعين على الرئيس الفلسطيني، أن يقول لجيرانه وأصدقائه اليهود، يا إخوتنا لم نكن نحن العرب من اضطهدكم، وأحرقكم، ولاحقكم، وطردكم. وها هي الأندلس وتلك بغداد والشام ومصر وبلاد المغرب وكل أصقاع العرب والمسلمين تشهد على محبتها واحتضانها لليهود على مدى العصور والأزمان.
لم يغفر المهرطق ليبرمان لعباس زلة لسان واعتبرها كفرا، فكيف يريدون بعد هذا أن يقام السلام مع دولة يعترف وزير دفاعها أنها تقوم على خطأ استراتيجي!؟