ليبيا وتنظيم الإخونجية أبرز قضايا البحث بين مصر والنظام التركي
بعد أسابيع من جولة المحادثات الاستكشافية الأولى بين مصر والنظام التركي، تعرض مسار تطبيع العلاقات لانتكاسة بسبب الملف الليبي بشكل أساسي، كانت أبرز نقاط الخلاف بين البلدين تتركز على “مطالبة القاهرة بخروج المرتزقة والقوات الأجنبية بما فيها القوات التركية من ليبيا، إلّا أن أنقرة ترى أن وجود قواتها ضرورة تقتضيها مرحلة التهدئة والانتخابات الليبية المقررة في ديسمبر”، بحسب ما ذكرت مصادر تركية.
وأشارت المصادر إلى أن “الجانب المصري، وعدة بلدان تؤيد نظرته، يصرّ على إشراك قائد الجيش الوطني الليبي المشير خليفة حفتر في العملية الانتخابية. وترى أن حفتر يجب أن يكون جزءاً من العملية السياسية التي تقودها الحكومة الوطنية الجديدة، بدعم دولي، لإنهاء الصراع الدائر في ليبيا”.
وبشأن موقف الجانب التركي من وجهة النظر المصرية، قالت المصادر إن “أنقرة ليست لديها مشكلة في هذا الطرح من حيث المبدأ، إلّا أنها ترفض وجود حفتر في المستقبل الليبي، وتطالب بإيجاد شخصية بديلة”.
الجولة الثانية
ومن المنتظر أن تُعقد الجولة الثانية من “المحادثات الاستكشافية” بين النظام التركي ومصر في العاصمة التركية أنقرة، يومي 7 و8 سبتمبر الجاري، تلبية لدعوة الخارجية التركية، وهي أول زيارة لوفد مصري منذ 8 سنوات، في إطار جهود تحسين العلاقات المتوترة بين الجانبين منذ 2013.
يرأس الجانب التركي في الجولة نائب وزير الخارجية، سادات أونال، فيما يرأس الجانب المصري السفير حمدي سند لوزا، نائب وزير الخارجية المصري، ومن المنتظر أن تركز المفاوضات على العلاقات الثنائية والقضايا الإقليمية، وفق بيانات صادرة عن وزارتي خارجية البلدين.
وتوقع محللون سياسيون أن تتصدر المباحثات قضيتا قيادات جماعة الإخوان، بعد ترددت أنباء أن القاهرة تطالب بتسليم المتهمين منهم في قضايا جنائية لمحاكمتهم في مصر، والأزمة الليبية في ظل إصرار القاهرة على ضرورة خروج جميع القوات الأجنبية من الأراضي الليبية، ومنها القوات التركية.
القيادات الإخونجية
قال النائب عن حزب العدالة والتنمية، محمد متين آر، إنه “لا ينبغي أن تكون قضية قيادات الإخونجية الموجودين في تركيا، عائقاً أمام تحسين العلاقات”، ودعا إلى “ضرورة أن تتجنب القاهرة وأنقرة الأمور التي تحصر العلاقات في زاوية واحدة”.
ولفت إلى أنه “ليس صائباً أن تشترط مصر مسبقاً تسليم قيادات الإخونجية، لأن تركيا لا تقبل سياسة الشروط المسبقة”. وأضاف: “أنا على يقين أن الجانب المصري لن يكون لديه مثل هذا الطلب أو الشرط”.
ونفت مصادر مطلعة ما ذكرته تقارير إعلامية بأن السلطات التركية أغلقت مقارّ لقيادات جماعة الإخونجية المقيمين على أراضيها، ومنعت بعض الشخصيات المتهمة بارتكاب “جرائم” في مصر من السفر، وتحفظت على البعض الآخر.
وعلى الرغم من النفي، فإن الكاتب والصحافي المعارض مصطفى آردامول، علّق على ما تردد بقوله “إنه (الإغلاق والتحفظ) أمر وارد”.
وأضاف آردامول: “سبق أن وضعت أنقرة جميع المؤسسات التابعة للإخونجية، خصوصاً وسائل الإعلام، تحت سيطرتها، والآن لا يمكنها الحديث ضد الحكومة المصرية، أو استهداف رموزها، وفي حال تطورت العلاقات، يمكن للسلطات التركية أن تغلق هذه المؤسسات بشكل نهائي”.
وأشار إلى أن “تسليم تركيا بعض المطلوبين لمصر، أمر مخالف للقانون الدولي، لكن ربما يحدث ذلك لاحقاً لأننا في بلد المفاجآت”، بحسب تعبيره.
الوجود التركي في ليبيا
عن الملف الليبي، والوجود العسكري التركي هناك، توقع عضو حزب “العدالة والتنمية” الحاكم في تركيا، والمحلل السياسي باكير أتاجان، ألا تخلص الجولة المرتقبة من المحادثات إلى “نتائج جدية”، بسبب تباين آراء البلدين.
وأوضح أتاجان، قائلاً: “ما زالت الآراء متباينة بين الطرفين في ذلك الملف. تركيا دخلت الأراضي الليبية بطلب من حكومة المجلس الرئاسي، أي بشكل شرعي، ولن تخرج مثل الدول الأخرى التي دخلت وخرجت بلا شروط”.
وأضاف: “مطالب مجلس الأمن ولجنة 5+5 وجامعة الدول العربية وغيرها، بسحب القوات الأجنبية، لا تلزم تركيا، لأن الأخيرة تحتاج إلى قرار حكومي من الجانب الليبي، لتخرج بذات الطريقة التي دخلت بها”.
واعتبر أتاجان أن هذه الزيارة لن تغير شيئاً في مسار العلاقات التركية المصرية، “فمصر ما زالت متحفظة”، بحسب وصفه، لكنه أضاف أن “تركيا لن تكون بذات الحماس، لأن مصر كانت متصلبة في البداية، وتركيا تعتبر نفسها، اتخذت خطوات عملية من طرفها، وهذه الزيارة ستكون شكلية للطرفين، ولن تنتج عنها قرارات جدية، والبيان الختامي سيكون للإعلام”.
“بداية مهمة لعلاقة مستدامة”
وبعيداً عن الخلافات بشأن قضيتي الإخونجية وليبيا، اعتبر النائب محمد متين آر، أن “من مصلحة الجميع أن تتحول المحادثات التي بدأتها تركيا مع الإمارات ومصر إلى علاقة مستدامة”، معرباً عن أمله في أن تتحول المحادثات الدبلوماسية بين العواصم الثلاث إلى “علاقة شاملة”.
وشدد النائب عن الحزب الحاكم، على ضرورة “وجود آليات تضمن استمرار المحادثات، والتقدم بخطوات من أجل إعادة بناء الثقة”.
ووصف متين الاجتماع المصري التركي المرتقب بأنه “بداية مهمة”، مضيفاً: “أعتقد أنه من الضروري لبداية جديدة في العلاقات بين الدولتين، فتح طريق للتعاون القائم على الثقة، من دون تبادل اللوم، الجميع يعلم أنه يجب على مصر وتركيا الابتعاد عن السياسات الفاشلة، في ظل وجود سياسة الربح والفوز المشترك”.
وكانت مصر والنظام التركي عقدتا الجولة الأولى من “المحادثات الاستكشافية” في العاصمة المصرية القاهرة، في مايو الماضي، واستمرت يومين، وانتهت إلى إصدار بيان ختامي مشترك، ذكر أن “المناقشات كانت صريحة ومعمقة، وتطرقت إلى القضايا الثنائية، فضلاً عن عدد من القضايا الإقليمية، خصوصاً الوضع في ليبيا وسوريا والعراق، وضرورة تحقيق السلام والأمن في منطقة شرق المتوسط”.