ماكرون يكشف رؤيته ل”عصر السيادة الأوروبية”
بعد الجدل المثار حول دعوة ماكرون البلدان الأوروبية لتقليل اعتمادهم على الدولار والولايات المتحدة، وتجبنب الانجرار إلى مواجهة بين بكين وواشنطن بشأن تايوان، كشف الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الثلاثاء، عن رؤيته لما وصفه بعصر جديد من “السيادة الأوروبية والأمن الاقتصادي” حيث يمكن للقارة اختيار شركائها و”تحديد مصيرها” .
وبدأ ماكرون في وقت سابق الثلاثاء زيارة دولة تستمر يومين إلى هولندا، هي الأولى لرئيس فرنسي إلى هذا البلد منذ 23 عاماً.
ويتركز الترقب خلال الزيارة حيال مواقف ماكرون العائد للتو من بكين، حول مسائل الاستقلالية الاستراتيجية بعدما أكد أن الأوروبيين يجب ألّا “يتبعوا” الولايات المتحدة أو الصين في مسألة تايوان بل أن يجسدوا “قطباً ثالثاً”.
وقال ماكرون خلال كلمة في معهد “نيكسوس” الهولندي بلاهاي إن “السيادة الأوروبية” ربما بدت في يوم من الأيام وكأنها مجرد “فكرة فرنسية، أو حتى تفكير رغبوي”، مشيراً إلى خطر اعتماد أوروبا بشكل كبير على القوى العالمية الأخرى.
واعتبر الرئيس الفرنسي في كلمته أن هذا الاعتماد “يضع أوروبا في موقف لا تستطيع فيه أن تقرر بنفسها”، وذلك بحسب ما نقلته شبكة “فرانس 24” الفرنسية.
وأضاف ماكرون أن السيادة الأوروبية تعني أن القارة يمكن أن “تختار شركاءها وتشكل مصيرها بدلاً من أن تكون مجرد شاهد على التطورات الدراماتيكية لهذا العالم”، مشيراً إلى أن “هذا يعني أننا يجب أن نسعى جاهدين لوضع القواعد بدلاً من تلقيها”.
وأوضح أن السيادة الأوروبية يجب أن تستند إلى الركائز الخمس للتنافسية والسياسة الصناعية والحمائية والمعاملة بالمثل والتعاون، وفق ما ذكرته وكالة “أسوشيتد برس”.
عقيدة اقتصادية جديدة
وقال ماكرون: “يمكننا وضع عقيدة اقتصادية جديدة تسمح لنا بالتوفيق بين خلق فرص العمل، وتمويل نموذجنا الاجتماعي، والتعامل مع تغير المناخ، وأن نكون أكثر سيادية ونقرر بأنفسنا”، مضيفاً أن “هذا أمر بالغ الأهمية في هذه الفترة التي نشهد فيها حرباً وتتم فيها عسكرة اقتصادنا”.
لكن الرئيس الفرنسي أكد في الوقت نفسه أن أوروبا ستحافظ على علاقات قوية مع حلفائها، لافتاً إلى أنه بإمكانها القيام بذلك “بطريقة تعاونية تمشياً مع روح الانفتاح والشراكة لدينا”.
وقال ماكرون إن وباء كوفيد-19 كان بمثابة “جرس إنذار”، إذ اكتشفت أوروبا مدى اعتمادها على الدول الأخرى.
وبحسب صحيفة “لوموند” الفرنسية، يسعى الرئيس الفرنسي من خلال هذا الخطاب إلى تقديم “عقيدة للأمن الاقتصادي” في أوروبا ضد الصين والولايات المتحدة، وسط قلق أوروبي من حزم الدعم الأميركي للمناخ.
يجب أن لا نكون ضد الصين
وبحسب وكالة “فرانس برس”، تكرس الزيارة التقارب بين البلدين منذ خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، ما أعاد خلط أوراق التحالفات داخل التكتل، إذ خسرت هولندا مع بريكست حليفاً تقليدياً على الساحة الأوروبية، ما حملها على تنويع تعاوناتها.
وستوقع فرنسا وهولندا “ميثاقاً للابتكار”، الأربعاء، يركز على التعاون في أشباه الموصلات وفيزياء الكم والطاقة، وفقاً لصحيفة “لوموند”.
كما سيعمل البلدان أيضاً على الانتهاء من اتفاقية دفاع بحلول عام 2024، وذلك في ظل التقارب الكبير بينهما بشأن عدد من القضايا في أعقاب الهجوم الروسي على أوكرانيا.
وأثارت دعوة ماكرون إلى الإبقاء على مسافة في مسألة تايوان و”خفض الاعتماد على الأميركيين” في المجال الدفاعي، انتقادات وتساؤلات، على غرار تصريحاته السابقة حول أوكرانيا.
وعقب تصريحات ماكرون، أكد وزير الاقتصاد الفرنسي برونو لومير الثلاثاء، على ضرورة أن يبني الاتحاد الأوروبي “استقلاله”.
وقال “من الواضح أننا حلفاء للولايات المتحدة، ونتشارك القيم نفسها ولدينا الكثير من المصالح الاقتصادية المشتركة، ولكن لا يجب أن نكون ضد الصين لأننا حلفاء للولايات المتحدة”.
وأضاف “لا ينبغي علينا اتخاذ موقف في هذا التنافس القائم بين الولايات المتحدة والصين، نريد بناء الاستقلال الأوروبي، لتقوية أوروبا”.