محكمة تركية تسجن أبرز منافسي أردوغان لانتخابات الرئاسة
تهمة "إهانة مسؤولين" أداة أردوغان لإقصاء المعارضة التركية عن طريقه
أصدرت محكمة تركية الأربعاء، حكماً بسجن رئيس بلدية اسطنبول المعارض أكرم إمام أوغلو، الذي يحظى بشعبية واسعة لمدة ثلاث سنوات بعد إدانته بـ”إهانة” مسؤولين، وهو أمر يمنعه عملياً من ممارسة السياسة، ويمهد الطريق لرئيس النظام التركي رجب طيب أردوغان، في السابق الرئاسي المقرر ضمن الانتخابات العامة في يونيو 2023.
وأكد محامي أكرم إمام أوغلو، كمال بولات، بأنه سيستأنف الحكم، وهو ما يعني أنه سيبقى في منصب رئيس البلدية، لكنه بات مستبعدا من الانتخابات الرئاسية المقررة العام المقبل.
وتعود القضية إلى تصريح صدر عن إمام أوغلو بعدما هزم مرشح حزب أردوغان في انتخابات العام 2019 البلدية المثيرة للجدل.
ونادرا ما يودع الأشخاص الذين يحكم عليهم بالسجن لمدة أقل من أربع سنوات في السجن في تركيا. وقال محاميه كمال بولات “هذا نهج مؤسف حيال الديمقراطية وسيادة القانون”.
إمام أوغلو يهزم حزب أردوغان عدة مرات
وألحق إمام أوغلو (52 عاما) هزيمة بحزب أردوغان في مارس 2019 بفوزه بمنصب رئاسة بلدية إسطنبول التي قادها حزب العدالة والتنمية الحاكم مدة 25 عاما.
وألغت الحكومة انتخاب إمام أوغلو ولكنه عاد وفاز بفارق كبير في انتخابات الإعادة بعد نحو ثلاثة أشهر. وبعد بضعة أشهر اعتبر أن أولئك الذين ألغوا فوزه في الانتخابات “أغبياء”، مرددا عبارة استخدمها وزير الداخلية سليمان صويلو ضده قبل بضع ساعات.
وعرّض هذا الوصف رئيس بلدية اسطنبول للملاحقة القضائية بتهمة “إهانة” أعضاء المجلس الأعلى للانتخابات.
والواضح في تقديرات كثير من المحللين أن تهمة الإهانة بتفرعات وتوصيفاتها ليست سوى أداة يضرب بها أردوغان خصومه لإبعادهم من طريقه وهو الذي بات يخشى بالفعل على مصيره السياسي ومصير حزبه الذي يهيمن على الحكم منذ العام 2002.
مشروع التمكين
وتعتبر الانتخابات القادمة أصعب اختبار بالنسبة للتحالف الحاكم في تركيا لسببين محلي وإقليمي، فأما محليا فإن حظوظ أردوغان ضعفت كثيرا بفعل النكسات الاقتصادية والسياسية وبسبب تبدل المواقف الحزبية من المواجهة المنفردة إلى تحالفات هي أشبه بجبهات ستخوض بعضها المعركة الانتخابية بشكل موحد وبهدف وحيد ومعلن هو عزل أردوغان سياسيا أو التخلص منه ومن حزبه ويردد كثيرون أن تركيا ستكون أفضل بلا أردوغان.
أما إقليميا فإن مشروع التمكين الذي رعاه أردوغان لدعم وإسناد حكم الإخونجية أو دفعهم للحكم، سقط بسقوط أكثر من حزب إخونجي في مصر عام 2013 بعد عزل الجيش للرئيس محمد مرسي وحظر تنظيمه وملاحقة قياداتها في الداخل والخارج بتهم تتعلق بالإرهاب.
ثم سقط تاليا حكم الإخونجية في السودان بعزل الجيش للرئيس عمر البشير، بينما فشل إخونجية ليبيا في تثبيت سلطتهم بعد اصطدامهم برفض شعبي وبحزم من قائد الجيش الوطني المشير خليفة حفتر.
وجاءت الصفعة التالية لمشروع التمكين بسقوط حكم إخونجية تونس بعد إجراءات استثنائية اتخذها الرئيس التونسي قيس سعيد عزلت منظومة الحكم السابقة بقيادة حركة النهضة الإخونجية.
أما الضربة القاصمة لمشروع التمكين فكان بسقوط مذّل لإخونجية المغرب ممثلين في حزب العدالة والتنمية (وهي التسمية ذاتها لحزب أردوغان) بعد نحو عشر سنوات في السلطة وهي الهزيمة التي اعتبرت آخر مسمار في نعش الإخونجية.
سقوط أردوغان
وهذا السقوط للإخونجية نظر له كثير من المحللين والمتابعين لمنظمات الإسلام السياسي على أنه مقدمة لسقوط أردوغان وحزبه.
وإزاحة أكرم إمام أوغلو من طريق أردوغان وهو صاحب الكاريزما والتأثير وصانع نصر حزب الشعب الجمهوري في الانتخابات البلدية التي انتزع فيها فوزا في معاقل حزب العدالة والتنمية وسحب فيها البساط من تحت أقدام منافسيه من الإسلاميين، يعتبر ضربة قاصمة للديمقراطية في تركيا واستنساخا لسيناريو سابق حين تم إقصاء زعيم حزب الشعوب الديمقراطي السابق الموالي للأكراد صلاح الدين ديمرطاش عبر اتهامه بالارتباط بحزب العمال الكردستاني والزج به في السجن منذ سنوات.
وكان ديمرطاش صانع فوز حزب الشعوب الديمقراطي الذي حل كثالث أقوى كتلة برلمانية بعد حزب العدالة والتنمية وحزب الشعب الجمهوري وشكل وجوده تهديدا جديا لأردوغان وحزبه.