مخطط أردوغان لنشر التطرف في ألمانيا
ألمانيا تتخذ سلسلة إجراءات لوقف الاعتماد على مدرسين تابعين لتنظيم الإخوان
في إطار استراتيجية النظام التركي الرامية لنشر أذرعه المتطرفة في دول الجوار العربي والأوروبي، افتتحت أنقرة فرعا لمؤسسة “معارف” في ألمانيا خلال أبريل/ نيسان الماضي، الأمر الذي اعتبره مراقبون أولى خطوات نظام أردوغان في مخطط نشر الأفكار المتطرفة في الأراضي الألمانية.
ومنذ عام 2016، بدأ النظام التركي، نشر برنامج تعليمي واسع النطاق للسيطرة على الشباب التركي في الخارج وخصوصا أوروبا حيث أسس مؤسسة “معارف”، وهي المظلة التي تنضوي تحتها 270 مدرسة تنتشر في 35 دولة، ويرتادها نحو 30 ألف طالب وطالبة.
وبدأت خطة نظام أردوغان الأولية عبر محاولة تأسيس 3 مدارس تركية في ولاية برلين ومدينة كولونيا الواقعة في ولاية شمال الراين ويستفاليا “غرب” ومدينة فرانكفورت في ولاية هسن “وسط”، وفق صحيفة “تاغس بوست الألمانية”.
لكن الخطة التركية اصطدمت بالقانون الألماني الذي لا يسمح بأن تتولى دولة أجنبية إنشاء مدارس على أراضي البلاد، حيث يتعين أن تتولى هذا الدور اتحادات خاصة.
وفي مواجهة ذلك، تستخدم السلطات التركية حاليا ورقة المدارس الألمانية في تركيا للضغط على برلين حتى تسمح بإنشاء مدارس في أراضيها، حسب “تاغس بوست”.
وبحسب تقرير سابق لصحيفة “ذود دويتشه تسايتونغ”، فإن المفاوضات بين ألمانيا وتركيا، التي تشارك فيها الولايات الثلاث أيضا بجانب الحكومة الاتحادية، بدأت في صيف عام 2019.
وجاءت هذه المفاوضات على خلفية الإغلاق المؤقت للمدرسة الألمانية في إزمير من قبل السلطات التركية قبل عام في محاولة لممارسة ضغوط على برلين.
ورأت “تاغس بوست” أن المدارس التركية المقترحة هي محاولة واضحة من أردوغان لإعاقة اندماج نحو 5ر3 مليون تركي في المجتمع الألماني، والسيطرة على الأجيال الجديدة التي نشأت في البلاد وتحمل جنسيتها واستغلال نفوذه على الشتات التركي لتعزيز سلطته.
ونقلت الصحيفة عن مصادر لم تسمها قولها إن مدارس “معارف” المحتمل تأسيسها في ألمانيا ستعمق المسافة بين الجالية التركية والمجتمع الألماني.
كما أشارت إلى مخاوف كبيرة من أن ” تعمل “معارف” كمدارس موازية للنظام التعليمي الألماني، فضلا عن قيامها بدور التلقين السياسي لأفكار العدالة والتنمية المتطرفة وجماعة الإخوان الإرهابية، للأطفال الألمان من أصل تركي.
وأردفت الصحيفة: “هذا فضلا عن إمكانية تحول هذه المدارس لأدوات تجسس على الجاليات التركية ورصد المعارضين، مثل مساجد ومؤسسات نظام رجب طيب أردوغان في ألمانيا، وخاصة ديتيب”.
ولفتت إلى أن هناك ضغوطا كبيرة على الحكومة الألمانية من قبل جميع الأحزاب الممثلة في البرلمان، لمنع تأسيس المدارس التركية.
بل الأكثر من ذلك أن هناك مطالبات برلمانية للحكومة لتحديث النظام التعليمي الألماني، وتدريس مناهج مناهضة للتطرف، وإدخال تدريس اللغة التركية للأطفال من أصول تركية، لقطع الطريق على مدارس أردوغان، حسب “تاغس بوست”.
وتدير ألمانيا مدارس في مدن إسطنبول وأنقرة وإزمير التركية وفقا للمناهج التعليمية الألمانية. ومنذ أشهر، بدأت تركيا مفاوضات حول اتفاقية ثانية مع برلين لإنشاء مدارس بشكل متبادل في البلدين.
لكن انطلاقا من أن حكومة كل ولاية من ولايات ألمانيا الـ16 تملك سلطات كبيرة على نظامها التعليمي، فإن الحكومة المركزية أرسلت الاتفاقية إلى الولايات لدراستها وتقرير موقفها منها.
وفي وقت سابق هذا الشهر، ذكر وزير الخارجية الألماني هايكو ماس أن تركيا لن يكون بإمكانها إنشاء 3 مدارس في ألمانيا كما هو مخطط إلا في حالة خضوع هذه الممؤسسات للقانون الألماني.
وذكر ماس، في تصريحات لمحطة “آر تي إل” الألمانية “خاصة”، أنه يتعين على المدارس الالتزام بقوانين التعليم التي تسنها الولايات وأن تخضع للرقابة المدرسية.
وتابع”لن يكون هناك مطلقا أي مساحة لتدريس أشياء تتعارض مع قيمنا”.
ألمانيا تسعى إلى وقف المحاولات التركية للتأثير والتدخل في شؤون الجالية المسلمة ببرلين، عبر فرض مزيد من الضغط على المؤسسات الدينية التابعة لحكومة أنقرة في إطار “حملة جريئة”، لمكافحة التشدد والفكر المتطرف.
واتخذت جهات ألمانية سلسلة إجراءات رسمية لوقف الاعتماد على مدرسين وأئمة تابعين لتنظيم الإخوان الإرهابي في البلاد (معظمهم من تركيا)، لتضع حدًا لما يعرف بظاهرة “الإمام المستورد” .
وأكدت قيادات إسلامية وحزبية بارزة في ألمانيا “إن موافقة مجلس جامعة مونستر الألمانية بشكل رسمي على تحويل مركز الدراسات الإسلامية بالجامعة إلى كلية للدراسات الإسلامية، بمثابة خطوة ستحد من الهيمنة الإخونجية والتركية، التي تسعى إلى “فرض أجندات سياسية معينة تتعارض مع الفكر الإسلامي المستنير”.