معركة مالية داخل تنظيم الإخونجية بين جبهتي لندن وإسطنبول
بعد فشل عدة محاولات للصلح بين جبهتي لندن وإسطنبول في تنظيم الإخونجية، بدأ فصل جديد في الأزمة الداخلية للتنظيم على الأموال، بعد تسريب أول رسائل “المكتب الإداري” المنتخب حديثا والمحسوب على جبهة القائم بأعمال المرشد إبراهيم منير، والذي قام بإيقاف المتحكم الأكبر في أموال إخونجية مصر والأمين العام السابق للتنظيم محمود حسين قبل أن يحيله إلى التحقيق.
وتناشد الرسالة الأعضاء بالتبرع لما وصفته بـ”سد العجز في أموال الدعم لطلاب وشباب التنظيم المقيمين في تركيا”.
وبدأت الأزمة بإعلان منير إحالة حسين و6 من القيادات المعاونة له، التحقيق بسبب مخالفات باللوائح أهمها رفضه الإقرار بانتخابات التنظيم الداخلية الأخيرة، والتي تمت كمحاولة لاحتواء الغضب ضد حسين بعد اتهامه داخليا بمخالفات مالية وأخلاقية أبرزها استيلاؤه وابنه على أموال تخص الجماعة.
وفي المقابل قرر حسين إعلان إقالة منير ناسبا قراره لـ “مجلس شورى التنظيم”، وهو ما تنفي مجموعة منير انعقاده من الأساس.
وبناء على هذا أعلن حسين رفضه الإقرار بمشروعية إيقافه، متمسكا بموقعه التنظيمي “الأمين العام” الذي تخلى عنه نهاية 2020، ومعتبرا أنه ممثل القيادة الرسمية للتنظيم والتي تملك حق السيطرة على قرار الجماعة وأموالها.
وفشلت ست محاولات من قيادات التنظيم الدولي لإقناع حسين بالعدول عن موقفه أو الوصول إلى حل وسط، علما أن الدافع وراء كل المحاولات كان تدارك انسحاب الأزمة على الصف الإخونجي.
إلى ذلك أكدت مصادر وصول توجيهات من “لجان الإعاشة” تطالب الأهالي بتقليل زياراتهم الدورية للسجون، مع الاقتصاد في الأطعمة والمستلزمات التي يحملونها لذويهم في كل زيارة لأن أموال الدعم لا تصلهم، فيما تقرر وقف الدعم عن الأسر التي لم يكن السجين عائلها الرئيسي.
سجل مخالفات مالية
وتؤكد مصادر في جبهة حسين أن قرارات التقشف الحالية، إجراءات سابقة للخلافات، وتمت بتوافق عام مبرره عدم وجود أموال كافية داخل الجماعة مع ما تعرضت له من ضربات أمنية واقتصادية، بينما تنفي المصادر داخل جبهة منير مسؤوليتها عن تلك الإجراءات محمّلة حسين وحده مسؤولية اتخاذها دون علم مؤسسات الجماعة أو موافقتها، ومتهمة إياه بتسويق تلك الإجراءات باعتبارها تمثل قرار الجماعة، بما يتيح له السيطرة على الجزء الأكبر من الأموال المخصصة للدعم، ومعتبرة أن هذه القرارات المالية تمثل مخالفة تضاف إلى سجل مخالفاته المالية التي تشمل أيضا تبديد 10 ملايين دولار، وهو ما تنفيه جبهة حسين التي تدافع بأن تحقيقا أجري معه قبل عامين، وتمت تبرئته من هذه المخالفات.
وفي محاولة منه لاحتواء الأزمة المالية الخانقة بدأ المكتب الإداري للإخونجية في تركيا، ممارسة مهامه بعد انتخابه برسالة تم توزيعها على قواعد التنظيم في تركيا الأسبوع الماضي عبر ما يعرف بـ (البريد الداخلي)، حملت عنوان “توضيح ودعوة للبذل والعطاء”، بدأت بالتذكير أن “جماعة الإخونجية” تعتمد “منذ النشأة في الرخاء والمحنة، على اشتراكات وتبرعات أبنائها ومحبيها ومناصريها”.
وتوضح الرسالة أن “الدعم المخصص للمعيشة والسكن لشهر أكتوبر، وصلت نسبة العجز فيه إلى 17 في المئة، فيما لم يصل أي دعم لمصروفات التعليم لطلاب الإخوان في تركيا والتي يفترض أن تدفع مع بداية الفصل الدراسي، وقيمتها بحسب مكتب الإخوان تبلغ 6 أضعاف قيمة الدعم الشهري، فيما لم يستلم المكتب مع بداية شهر نوفمبر أي شيء من تلك المستحقات حتى الآن على أرض الواقع.
أزمة الإخونجية المالية
وتفضح رسالة المكتب الجديد مسؤولية حسين عن أزمة الإخونجية المالية دون الإشارة لاسمه مؤكدة أنه “ازدادت الطلبات والاتصالات من الطلاب المتضررين، وكرر المكتب محاولاته لاستلام المخصصات، وكان الرد يأتي للمكتب بعدم توفرها مع الوعد بإيجاد حلول قريبا جدا.
وفي ضوء هذا الواقع، قرر مكتب الإخونجية الجديد مناشدة أعضاءه التبرع، في الوقت الذي تعقد فيه كلا الجبهتين المتصارعتين لقاءات بفنادق في تركيا وغيرها تكلفتها آلاف الدولارات، وتضخ للعاملين في الإعلام مبالغ طائلة.
مصادر مختلفة داخل الجبهتين ترى أن أزمة أموال الدعم بدأت قبل معركة (منير- حسين)، والمتسبب الحقيقي فيها بعض المسؤولين عن إيصال الدعم إلى مستحقيه حيث قام بعضهم بادعاء خفض الدعم باكرا، أو إنكار وصوله له، في حين كان يستولي على الأموال لنفسه وبعض هذه الحالات معروفة لدى قيادات التنظيم في الداخل والخارج.
ويبقى السؤال الذي يطرح نفسه: ما مدى تأثير تلك الأزمة المالية على ثبات التنظيم وإلى ماذا ستؤول الأمور؟.
محمود حسين يستولي على مبالغ ضخمة
وتقول المصادر إن حسين استولى على مبالغ ضخمة من أموال التمويل على مدار 7 سنوات باعتباره المعني برعاية التنظيم نيابة عن القائم السابق بأعمال المرشد محمود عزت قبل إلقاء القبض عليه من قبل الأمن المصري في أغسطس 2020، لكن في المقابل اعتادت الجماعة على حالات كثيرة لوجوه خرجت محملة بأموال وعقارات، إذا ما الذي يمنع جبهة منير التي تريد تصدير صورة أن كافة التنظيم تحت سيطرتها عن ضخ أموال إعاشة على الأقل تكفي الأعضاء التابعين لها في المكتب الإداري بتركيا المنتخب حديثا تحت رعايتها خاصة مع وعد منير بحل الأزمة سريعا واحتواء كافة قواعد الجماعة المحتاجة للدعم بكافة دول تواجدها؟.
الإجابة هي نفسها مبرر حسين للتمسك بالأموال، وهي إخضاع الصف، فحين يتم تجميد الأموال لفترة سوف يزداد الغضب ضد حسين باعتباره المسؤول عن الأزمة مما يسهل على جبهة منير اتخاذ أي إجراء ضده مع ضمان قلة عدد داعميه حينها.
وتدريجيا تبدأ جبهة منير التدخل الفعلي لحلحلة الأزمة باعتبارها المنقذ، وهو ما يخلق حالة من الولاء الكامل لها عند الصف، تسمح له بالانقياد خلفها وتقبل تقليص الدعم الذي كان مهددا بالانقطاع التام.
وفي حال إصرار حسين على موقفه فإن فصله من التنظيم حينها سيكون بمباركة قاعدية وبمسببات تتجاوز مخالفات اللوائح إلى سرقته أموالا طائلة، وهي التهمة التي ستطال أي إخونجي يفكر في دعمه، وبالتبعية تنفي قدرته على القيام بأي عمل تنظيمي مقابل يمكنه الثبات أمام منير ويكون أقصى ما يمكن أن يطمح إليه أن يقبل التهمة ويعيش باقي حياته على أموال التنظيم التي استولى عليها.