مهما كان الرابح من حرب السودان لن يكن الشعب السوداني
على الرغم من أن الحرب الحالية في السودان اندلعت رسمياً في 15 أبريل/ نيسان الماضي، إلا أنها بدأت بالفعل في وقت سابق.
كانت لدى مخابرات القاعدة، وبالتالي جماعة الإخوان، معلومات تفيد بأنه في نهاية نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، تم تسليم معدات التنصت على المكالمات الهاتفية إلى قوات الدعم السريع على متن طائرة هبطت في العاصمة السودانية. على ما يبدو، كان هذا حافزاً للخلايا السرّية للقاعدة والإخوان في السودان للتحرك بسرعة.
هذه المعدات (ليست برنامج بيغاسوس) لديها القدرة على تتبع واختراق الهواتف المحمولة في جميع أنحاء العالم، واعتراض شبكات الواي فاي، اختراق الأجهزة، واستخراج البيانات، وأنشطة الشبكات الاجتماعية السرية، وتحديد الموقع الجغرافي للهاتف.
بعد انتكاسات الإخوان في مصر وليبيا وتونس، وبروز معارضة قوية للتنظيم في الجزائر والمغرب وموريتانيا وإضعافه في الصومال، اختارت الحركة السودان ليكون ساحة المعركة الجديدة لها وبالتالي للقاعدة أيضاً.
وبالعودة إلى شهر نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، اتخذ أبو حذيفة السوداني، أحد قادة ومنظري القاعدة، خطوة إلى الأمام في هذا الشأن ونشر بياناً من 82 صفحة دعا فيه إلى تعبئة السودانيين ضد كل ما لا يتماشى مع أيديولوجية الإخوان. لم تعد هناك عودة إلى الوراء وقرروا إحداث فوضى فورية في السودان.
وقبل أيام قليلة من نهاية شهر رمضان، وتحديداً في 15 أبريل/ نيسان الماضي، أعد بعض قادة الجيش الموالين لجماعة الإخوان مؤامرة مع الإسلاميين لمهاجمة قوات الدعم السريع في مقرها العام في المدينة الرياضية جنوب العاصمة، مدركين أن تلك القوات سترد على الهجوم وتبدأ الحرب الحالية.
وكان زعيم تنظيم “داعش” في السودان، محمد علي الجزولي، من بين الذين أوضحوا هذا الوضع قليلاً، واتهم الإخوان بالمسؤولية عن هذه الأحداث بشكل مباشر، وأشار إلى الجنرال المتقاعد أنس عمر، بصفته المخطط للأحداث. ووصف أنس عمر (المسؤول عن خلايا القاعدة والإخوان) المدنيين في ذلك الوقت بأنهم خونة وتعهد بعدم السماح بعودة الحكم المدني. في وقت لاحق، اعتقلت قوات الدعم السريع اللواء أنس عمر، واعترف بأنهم تآمروا بالفعل ضد قوات الدعم السريع لبدء الصراع الحالي.
وقرر قادة الإخوان داخل الجيش أن وقت العمل قد حان وكانوا هم الذين حرضوا على تعبئة الإدارات المدنية لدعم حربهم ضد قوات الدعم السريع. كان هدف خلايا القاعدة والإخوان هو الوصول إلى نقطة تقسيم البلاد بعد غرقها في مستنقع الحرب الأهلية لاحقاً، وكانوا على علم بأن قائد الجيش البرهان، رغم أنه لم يكن مؤيداً للحرب، إلا أنه كان بحاجة إلى دعم الإخوان للبقاء في السلطة.
وتلعب كتائب الظل التابعة للإخوان دوراً مهماً في الحرب الحالية في السودان. وتوجد هذه الكتائب منذ عهد الرئيس السابق عمر البشير. وتعتبر الخلايا السرية نفسها الذراع المقاوم للجماعة، وقد اخترقت مؤسسات الدولة المختلفة، بما في ذلك المخابرات والأمن وأيضاً في الجيش وتنتمي إلى الحركة الإسلامية السودانية.
علي كرتي، هو زعيم “كتائب الظل” و”الدفاع الشعبي” متهم بانتهاك حقوق الإنسان وتزويد القوات الليبية إبّان حكم القذافي بالسلاح. ويحافظ كرتي على علاقة وثيقة مع قائد الجيش الحالي عبد الفتاح البرهان. وتشير التقديرات إلى أن “كتائب الظل” تضم أكثر من 100 ألف عنصر، مما يجعل البرهان يواجه معضلة، وإذا لم يسمح لهذه الكتائب بالمشاركة، فسوف يتسبب ذلك في حدوث انقسام داخل الجيش.
لا تنشر وسائل الإعلام إلا النزر القليل عن دور الإخوان المسلمين في السودان. وخلال الصراع الحالي في الخرطوم، انتهز التنظيم الفرصة لتحرير آلاف السجناء من أعضاء النظام السابق الإخواني، وللقيام بذلك كان لا بد من مشاركة جزء من الجيش، وهو دليل آخر على علاقته بالإخوان.
داخل كتائب الظل، توجد خلية تسمى “الأمن الشعبي” وهي الأخطر لأنها تمتلك جهاز استخبارات يمر بجميع المستويات، ويراقب كل الجهات لمصلحته ولا يتردد في العمل ضد من يخالف توجهات التنظيم.
وفي الوقت نفسه، يستخدم دعاة الإخوان السودانيين المتطرفين عبارات مثل “قتل السياسيين وقادة الأحزاب والقوى المدنية” في خطاباتهم، والتي من الواضح أنها سردية عنيفة وتحرض على العنف، بل تعكس ما يريده التنظيم: الوصول بالبلاد إلى الحرب الأهلية.