ناميبيا تندد بقرار برلين الداعم لإسرائيل أمام محكمة العدل الدولية
"ألمانيا ارتكبت أول إبادة جماعية في القرن العشرين على الأراضي الناميبية"
نددت ناميبيا بقرار برلين “الصادم” الداعم لإسرائيل، في مواجهة الدعوى التي رفعتها جنوب إفريقيا عليها أمام محكمة العدل الدولية، بتهمة ارتكاب الإبادة الجماعية بحق الفلسطينيين في قطاع غزة.
وندد بيان صادر عن مكتب الرئيس الناميبي هاكه كينكوب، بما سماه “نية الإبادة الجماعية للدولة الإسرائيلية العنصرية ضد المدنيين الأبرياء في غزة”، واستشهد بتاريخ ألمانيا الاستعماري في الدولة الإفريقية.
وجاء في البيان: “على الأراضي الناميبية، ارتكبت ألمانيا أول إبادة جماعية في القرن العشرين في عامي 1904 و1908، التي راح ضحيتها عشرات الآلاف من الناميبيين الأبرياء في ظروف غير إنسانية ووحشية للغاية”.
وأضاف: “في ضوء عدم قدرة ألمانيا على استخلاص الدروس من تاريخها المروع، يعرب الرئيس هاكه كينكوب عن قلقه العميق إزاء قرار ألمانيا الصادم، الذي رفضت فيه لائحة الاتهام الأخلاقية التي قدمتها جنوب إفريقيا أمام محكمة العدل الدولية ضد إسرائيل”.
ألمانيا تدعم الإبادة الجماعية في غزة
ولفت بيان الرئاسة الناميبية إلى أن “برلين لا تستطيع أن تعبر عن التزامها الأخلاقي باتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة الإبادة الجماعية، والتكفير عن الإبادة الجماعية في ناميبيا”، معتبراً أن ألمانيا “تدعم العملية التي تعادل المحرقة والإبادة الجماعية التي تجري في غزة، في الوقت الذي خلصت فيه منظمات دولية مختلفة إلى أن إسرائيل ترتكب جرائم حرب في القطاع”.
وناشد الرئيس الناميبي الحكومة الألمانية بأن تعيد النظر في قرارها الذي وصفه البيان بـ”غير المناسب” بالتدخل كطرف ثالث للدفاع عن أعمال “الإبادة الجماعية” التي ترتكبها إسرائيل.
انحياز ألماني إلى جانب إسرائيل
وسبق أن اعتبر المتحدث باسم الحكومة الألمانية شتيفن هيبستريت في بيان، الجمعة، أن إسرائيل “تدافع عن نفسها” بعد الهجوم “اللاإنساني”، الذي شنته حركة “حماس” الفلسطينية في السابع من أكتوبر الماضي.
وأوضح أن ألمانيا ستتدخل كطرف ثالث أمام محكمة العدل الدولية، بموجب مادة تسمح للدول بطلب توضيح بشأن استخدام اتفاقية متعددة الأطراف.
وتسمح هذه الخطوة لألمانيا بعرض حجتها إلى المحكمة بأن إسرائيل “لم تنتهك اتفاقية الإبادة الجماعية، ولم ترتكب أو تنوي ارتكاب إبادة جماعية”.
وبصفتها دولة موقعة على “اتفاقية الإبادة الجماعية” لعام 1948، يحق لألمانيا الانضمام إلى القضايا، وتقديم حججها بشأن القضية. وأبرمت الاتفاقية في أعقاب “الهولوكوست”، وتعرف الإبادة الجماعية بأنها “أعمال ترتكب بقصد تدمير مجموعة قومية أو عرقية أو دينية، كلياً أو جزئياً”.
من جانبه، شكر رئيس حكومة اليمين الإسرائيلي الفاشي بنيامين نتنياهو المستشار الألماني أولاف شولتز في اتصال هاتفي، على القرار، قائلاً: “موقفكم وموقف ألمانيا إلى جانب الحقيقة يحفز جميع مواطني إسرائيل”، بحسب ما نقله مكتب نتنياهو.
وتابع البيان أن ألمانيا، باختيارها الوقوف إلى جانب الحكومة الإسرائيلية، تجاهلت النتائج التي توصلت إليها الأمم المتحدة فيما يتعلق بمقتل وتهجير المدنيين في غزة.
واختتم البيان بـ”حث الحكومة الألمانية على إعادة النظر في قرارها بدعم إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية”.
وفي بيان صدر بعد اليوم الثاني من جلسات الاستماع في محكمة العدل الدولية، قال متحدث باسم الحكومة الألمانية إن برلين “ترفض صراحة” المزاعم القائلة بأن إسرائيل ترتكب إبادة جماعية في غزة.
وأضاف أن ألمانيا تعترف بتباين وجهات النظر في المجتمع الدولي بشأن العملية العسكرية الإسرائيلية في غزة، لكنه قال إن “الحكومة الألمانية ترفض بشكل حاسم وصريح اتهامات الإبادة الجماعية الموجهة ضد إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية”.
أول جريمة إبادة جماعية في القرن العشرين
وقد قتلت القوات الألمانية ما بين 24 ألفاً إلى 100 ألف في ناميبيا خلال مذبحة هيريرو وناما، والتي شنتها حينها ألمانيا القيصرية، في جنوب غرب إفريقيا الألمانية حينها (ناميبيا حالياً).
وتعد هذه الحادثة، أول جريمة إبادة جماعية في القرن العشرين، ووقعت بين 1904 و1908. ووقعت الإبادة عقب تمرد شعب الهيريرو الذين كان يقودهم سامويل ماهيريرون، وشعب الناما، ضد الحكم الاستعماري الألماني، إذ قتلوا نحو 100 جندي ألماني، وهو ما ردت عليه القوات الألمانية المحتلة بعنف شديد.
وخلال المرحلة الأولى من الإبادة، وقعت أغلب الوفيات جراء الجوع والجفاف، بعدما منعت القوات الألمانية الهيريرو من مغادرة صحراء ناميب، واعتقلت القوات الألمانية الآلاف من الهيريرو والناما في مراكز اعتقال، حيث توفي أغلبهم جراء الأمراض، والإساءة الجسدية، والإرهاق.
وفي عام 1985، صنفت الأمم المتحدة تلك الحوادث على أنها محاولة لإبادة الهيريرو والناما من جنوب غرب إفريقيا، وفي 2004، اعترفت الحكومة الألمانية بالأحداث، ولكنها رفضت تقديم تعويضات مالية للمتحدرين من نسل الضحايا. وفي عام 2015 وصف البرلمان الألماني الأحداث رسمياً بـ”الإبادة الجماعية”.