نقطة التحول الأوروبي بشأن تركيا
روبرت إليس
في أوائل أبريل، زار رئيس المجلس الأوروبي تشارلز ميشيل ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين أنقرة لمنح العلاقات بين الاتحاد الأوروبي وتركيا زخما جديدا. ولكن الزيارة فشلت لأسباب شملت “واقعة الكرسي”.
وفي المؤتمر الصحافي الذي لحق الزيارة، أكدت فون دير لاين صراحتها وميشيل في اجتماعهما مع الرئيس التركي رجب طيّب أردوغان حول كون قضايا حقوق الإنسان غير قابلة للتفاوض. وأشارت إلى أحكام المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان بالإفراج عن الزعيم الكردي صلاح الدين دميرطاش والفاعل الخيري عثمان كافالا، التي تجاهلتها تركيا. وهذا ما يضع التكتل الآن في مأزق.
وعلى الرغم من جهود الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون للترويج لسياسة خارجية حازمة في الاتحاد الأوروبي، فقد كانت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل صاحبة القرار. وفي فورة من الإيثار في أغسطس 2015، فتحت أبواب أوروبا للجماهير المحتشدة في الشرق الأوسط، وصرّحت مخاطبة الألمان واللاجئين “نعم، يمكننا فعل ذلك”.
البرلمان الأوروبي أعرب عن دعمه الكامل للجهود المؤيدة للديمقراطية التي يبذلها المجتمع المدني التركي
وعندما أدركت حجم القرار الكارثي هرعت ميركل إلى إسطنبول في أكتوبر للقاء أردوغان بحثا عن حل وعرضت الدعم المالي للاجئين السوريين في تركيا، واحتمال السفر دون تأشيرة للمواطنين الأتراك، وإحياء عملية انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي مقابل المساعدة في وقف تدفق اللاجئين.
وعزّز بيان صدر في مارس التالي الصفقة أخيرا، وتضمن 6 مليارات يورو لدعم اللاجئين، وتحرير التأشيرات، والالتزام بإعادة تنشيط عملية الانضمام، ورفع مستوى الاتحاد الجمركي. وكما غرّد مستشار أردوغان الراحل برهان كوزو “لقد تلقى الاتحاد الأوروبي أخيرا رسالة تركيا وفتح التدفقات. ماذا قلنا؟ سنفتح حدودنا ونطلق عليكم كل اللاجئين السوريين”.
وقد ذكّر أردوغان الاتحاد الأوروبي بالتزاماته بانتظام. فعلى سبيل المثال، أعلن في رسالة عيد الميلاد إلى ميركل ورسالة العام الجديد إلى فون دير لاين عزم تركيا “فتح صفحة جديدة” في علاقاتها مع أوروبا.
وقال ماكرون في مقابلة مع فاينانشال تايمز في العام الماضي “نحن في لحظة الحقيقة، وهي أن نقرر ما إذا كان الاتحاد الأوروبي مشروعا سياسيا أم مجرد مشروع سوق”. وهذا هو وضع العلاقات بين الاتحاد الأوروبي وتركيا اليوم.
وحدّد الاتحاد الأوروبي معايير العضوية في كوبنهاغن في 1993: استقرار المؤسسات التي تضمن الديمقراطية، وسيادة القانون، وحقوق الإنسان، واحترام الأقليات وحمايتها، واقتصاد سوق فعال. ونالت تركيا وضع المرشح في 1999، وبدأت محادثات الانضمام في عام 2005 ويمكن القول الآن إنها فشلت في الوفاء بجلّ المعايير.
وخلال الأسبوع الماضي، وافق البرلمان الأوروبي على تقريره لعام 2019 – 2020 بشأن تركيا، والذي كان، وفقا للمقرر ناتشو سانشيز أمور، الأكثر أهمية في السنوات الأخيرة. فهو يعكس أسوأ فترة للعلاقات بين تركيا والاتحاد الأوروبي ويكرّر الدعوة إلى تعليق مفاوضات الانضمام رسميا إذا لم يُعكس الاتجاه الحالي.
وفي مواجهة هذا الموقف الحازم، نرى دعوة ميركل إلى “حوار بناء” و”أجندة إيجابية”. وبالتالي، عندما يتعلق الأمر بفرض عقوبات على تركيا بسبب سياستها العدوانية في شرق المتوسط تجاه الدولتين العضوتين، اليونان وقبرص، فإن الاتحاد الأوروبي قرّر تأجيل مواجهة قضية صعبة أو اتخاذ قرار مهم.
كما خلص المجلس الأوروبي في ديسمبر إلى أن الاتحاد الأوروبي سيسعى “للتنسيق في الأمور المتعلقة بتركيا والوضع في شرق البحر المتوسط مع الولايات المتحدة”. وفي نفس الوقت، أصرّ على أن الاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء ومؤسساته ملتزمة بتعزيز واحترام القيم التي يقوم عليها التكتل، بما في ذلك سيادة القانون.
ومع ذلك، كما يشير البرلمان الأوروبي في تقريره، أصبحت العلاقات بين الاتحاد الأوروبي وتركيا قائمة على المعاملات، مع أهمية علاقات التكتل التجارية واستثماره الكبير في تركيا. ويؤكّد التقرير على أن هذه العلاقة لن تساهم في تقدم تركيا نحو نموذج أكثر ديمقراطية.
وفي مارس، قال المجلس الأوروبي إن التكتل مستعد للتعامل مع تركيا “بطريقة مرحلية ومتناسبة وقابلة للعكس” لتعزيز التعاون في عدد من المجالات ذات الاهتمام المشترك، مثل تحديث الاتحاد الجمركي، ولكنه سيتخذ قرارات أخرى الشهر المقبل.
على الرغم من جهود الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون للترويج لسياسة خارجية حازمة في الاتحاد الأوروبي، فقد كانت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل صاحبة القرار
كما أعرب البرلمان الأوروبي عن دعمه الكامل للجهود المؤيدة للديمقراطية التي يبذلها المجتمع المدني التركي. وفي هذا السياق، نشر صندوق مارشال الألماني استطلاعا للرأي العام بعنوان “التصورات التركية عن الاتحاد الأوروبي”، والذي يؤكد أن جيل الشباب (من 18 إلى 24 سنة) ينظر إلى الاتحاد الأوروبي بشكل إيجابي، وأن هناك ثقة أكبر في المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان ومحكمة العدل الدولية والاتحاد الأوروبي من منظمة التعاون الإسلامي. وقد وجّه ناتشو سانشيز أمور رسالة إلى المجلس الأوروبي والمفوضية الأوروبية قائلا “نحن بحاجة إلى توحيد سياساتنا تجاه تركيا. لا يمكن أن تُعرض على تركيا أجندة إيجابية دون الحديث عن الإصلاحات الديمقراطية. وسيحكم البرلمان الأوروبي في النهاية على أي اتفاق مع تركيا، مثل الاتحاد الجمركي، حسب مساهمته في جلب المزيد من الديمقراطية إلى المجتمع المدني التركي”.
ويجب على ميشيل وفون دير لاين تذكّر البرودة التي شهداها في أنقرة، ووضعها في الاعتبار في قمة الاتحاد الأوروبي في يونيو.