هل الإدانة الشديدة لـ«طالبان» تكفي؟
بعد إصدار حركة «طالبان» قراراً بحظر التعليم الجامعي للفتيات والنساء، وجهت كلا من الإمارات والسعودية، المحبتين للشعب الأفغاني، إدانة شديدة اللهجة لـ«طالبان»، وكذلك وجّه شيخ الأزهر الشريف، فضية الإمام الدكتور أحمد الطيب، رسالة إلى العالم وقال إن «الأزهر يأسف أشدَّ الأسف لصدور قرار من السلطات في أفغانستان بمنع الفتيات الأفغانيَّات من التعليم الجامعي»، مؤكداً أنه قرار يتناقض مع الدعوة الصريحة للرجال والنساء في أن «يطلبوا العلم من المهدِ إلى اللَّحدِ».
لكن هل هذه الإدانات من العالم العربي والإسلامي كافية لردع حركة «طالبان» عن قرارها؟ فقد أكدت دولة الإمارات أن هذا القرار، وكذلك الحظر السابق على الفتيات من الالتحاق بالتعليم الثانوي، ينتهك حقوق الإنسان الأساسية، ويتعارض مع تعاليم الإسلام، ويجب التراجع عنه بسرعة.
كما دعت وزارة الخارجية السعودية «طالبان» إلى التراجع عن هذا القرار الذي يثير الدهشة في كل الدول الإسلامية. إن الذي أثار دهشتي حقيقة ليس ما قامت به حركة «طالبان» – فلو عدنا إلى تاريخ «طالبان» منذ عام 1996، كانت معاملتهم مع النساء رجعية وقد ومنعت الفتيات من الالتحاق بالمدارس. وإذا خالفن تلك القواعد، يتم جلدهن أو إعدامهن علانية – لكن الذي أثار دهشتي هو موقف المجتمع الدولي، فمالذي كان يتوقعه من حركة «طالبان» عندما انسحبت أميركا من أفغانستان بهذه الطريقة المخجلة والتي بدت كأنها استسلام وليس انسحاباً؟
الانسحاب الأميركي
لقد ذكر الكثير من المحللين أن الانسحاب الأميركي من أفغانستان اعتبر فاجعة سياسية لأن زمام الحكم سلم إلى نفس القوة التي شن الحرب عليها وهذا كان بمثابة النصر للحركات المتشددة لأنه عزز من فكرهم ونهجهم، وفي المقابل هذا الانسحاب صعب الوضع على الدول التي تعاني من تلك الجماعات لأن هذا سيجعل من أفغانستان مركزاً للإرهاب مرة أخرى، وبالتأكيد سيزيد من عجرفة طالبان ووحشيتها ضد شعبها، وخاصة النساء. وهذا ما وجدناه في مقابلة وزير التعليم العالي في حكومة حركة «طالبان»، نداء نديم، ورفضه لكل تلك الإدانات الدولية وكذلك الإدانات من الدول المسلمة.
وندد أن الأجانب يجب أن يتوقفوا عن التدخل في الشؤون الداخلية لأفغانستان، معللاً سبب حظر التعليم للإناث أنه مخالف للقيم الإسلامية والأفغانية، وأن النساء لم تلتزم بقواعد اللباس في الجامعة، وهناك بعض المواد لا تصلح للنساء مثل الزراعة والهندسة. وأضاف بمجرد إصلاح هذه الإشكاليات، الجامعات ستفتح أبوابها للنساء، لكن «طالبان» قدمت وعوداً مماثلة بشأن دخول الفتيات إلى المدارس الثانوية ولم تلتزم بها إلى الآن.
إن كل ذلك يدل أن الإدانات لوحدها لا تكفي لمنع «طالبان» من حظرها تعليم الفتيات، والخيارات الآن محدودة وهي محاولة لحلحلة سيطرة «طالبان» في هذه المرحلة ودفعها نحو الوسط. ولا يوجد أمام الولايات المتحدة إلا الضغط على حركة «طالبان» اقتصادياً كي تعدل من سياساتها في مسألة تعليم الفتيات.