هيمنة إخونجية بدعم تركي على قرارات المجلس الرئاسي لحكومة السراج في ليبيا
استطاع إخونجية ليبيا، بتقوية ذراعه العسكرية في طرابلس، بعدما تمكنت ميليشيات مصراتة الموالية له، من إسقاط وتفكيك أقوى الميليشيات المعادية لها في العاصمة، نتيجة غزارة السلاح والمقاتلين من تركيا، واستطاع بذلك الهيمنة على قرارات المجلس الرئاسي لحكومة السراج وتطويعها لخدمة مشروعه السياسي.
ومعروف أن مليشيات مصراتة مشكلّة من المتطرفين وجزء كبير منهم ينتمون لجماعة الإخوان، وقد اضطرت إلى التوّحد والتحالف مع ميليشيات طرابلس المعادية لها والمختلفة عنها أيديولوجيا تحت راية الدفاع عن العاصمة ومنع الجيش الليبي من بسط نفوذه عليها، إلا أن هذا “التحالف” سرعان ما سقط أمام رغبة المتشددين الجامحة في السيطرة عسكريا وسياسيا، وسحب البساط من تحت أقدام “الميليشيات الطرابلسية”، التي لطالما مثلت عائقا أمام تواجدهم بطرابلس.
وخلال السنوات الماضية، تصدّرت الخلافات بين الميليشيات المنحدرة من طرابلس والتي تقودها “قوات الردع وكتيبة ثوار طرابلس والأمن المركزي” الداعمة لحكومة السراج، والميليشيات الخارجية، التي تعتبر دخيلة على العاصمة، وتتمثل بالأساس في ميليشيات مدينة مصراتة، التي يوجد فيها تحالف لكتائب متطرفة أبرزها “ميليشيات الصمود” التي يقودها صلاح بادي و”كتيبة الحلبوص” و”ميليشيات 166″ و”القوة المتحركة” و”القوة الثالثة” و”كتيبة شريخان”، تطوّرت أحيانا إلى مواجهات عسكرية، انتهت بطرد ميليشيات مصراتة من العاصمة طرابلس.
وبعد سنوات من “نفي” هذه الميليشيات المحسوبة على الإخونجية في مدينة مصراتة ومنعها من دخول طرابلس، يرى مراقبون أن تحالف الميليشيات في طرابلس معها مجدداً في وجه الجيش الليبي الذي أطلق معركة تحرير العاصمة في الرابع من أبريل الماضي، أفسح أمامها المجال لابتزاز المجلس الرئاسي لحكومة السراج والتدخلّ في قراراته، وكذلك لزرع الفتن والخلافات داخل أكبر الميليشيات المؤيدة له قبل تفكيكها والإطاحة بها.
تعليقاً على ذلك، أوضح المحلل السياسي سليمان العتيري، أن المجلس الرئاسي لحكومة السراج عندما دخل إلى طرابلس في 2016، استعان بكتيبتي “ثوّار طرابلس” التي تدعم التيار المدني الوطني المعارض لمشروع الإخوان و”قوة الردع الخاصة” التي ينتمي أفرادها إلى تيار مناهض للإخوان، واللتين سيطرتا سيطرة فعلية على العاصمة، بعد طرد الميليشيات المحسوبة على مصراتة والتي يعتبرها “حزب العدالة والبناء”، ذراع الإخوان في ليبيا، الجناح العسكري له.
وأضاف العتيري، أنه بعد هذه السيطرة، أصبح حزب الإخوان حزباً ضعيفاً بحكم عدم وجود جناح عسكري يحميه وانتهى نهائياً مع سيطرة “الميليشيات الطرابلسية” على العاصمة الليبية وهيمنتها على المجلس الرئاسي لحكومة السراج، رغم محاولاته استعادة نشاطه، عبر إقحام كتيبة “لواء الصمود” التابعة لصلاح بادي وإرسالها إلى العاصمة، وإقناع حكومة السراج بضرورة التفاوض مع الميليشيات المسلّحة للاستماع إلى مطالبهم.
لكنه رأى أن تنظيم الإخوان استعاد قوته من جديد سواء سياسيا أو عسكريا داخل طرابلس في الأشهر الأخيرة، بعد دخول أغلب ميليشياته المتواجدة في مصراتة إلى العاصمة وإلتحاقها بمحاور القتال، مؤكداً أنه من خلال هذه الميليشيات نجح الإخونجية فعليا في السيطرة عسكريا على طرابلس وكذلك سياسيا على المجلس الرئاسي عبر تقديم الاستشارة لرئيسه فايز السراج والضغط عليه من أجل توقيع اتفاقية تعزيز التعاون العسكري وترسيم الحدود البحرية مع تركيا، بحكم ما يربط بين أحزاب ما يسمى “الإسلام السياسي” وتركيا، وكذلك إزاحة الميليشيات المؤيدة له.
كما أوضح أن الإخونجية من خلال سيطرتهم على القرار في المجلس الرئاسي، نجحوا في خلق نوع من الخلافات داخل كتيبة “ثوار طرابلس” التي تعتبر من أكبر وأقوى الكتائب عددا وعدّة داخل طرابلس، مما جعل هذه الكتيبة تتفتت وتنتهي بعد إضعافها وعزل قائدها “هيثم التاجوري” وتعويضه بـ”أيوب بوراس” المقيم في تركيا.
وأشار إلى أن الحزب يحاول في هذه الفترة إنهاء كتيبة “قوة الردع الخاصة”، من خلال نقل كلّ الدعم العسكري الذي يقدم عن طريق تركيا، إلى قاعدة معيتيقة الجوية التي تسيطر عليها قوة الردع، ما يعني سحب البساط منها وإعطائه إلى القوات التركية والمقاتلين السوريين.
إلى ذلك، رأى العتيري أن تنظيم الإخوان يسعى من خلال سيطرته العسكرية على العاصمة طرابلس، إلى تقوية حظوظه في المفاوضات السياسية حتّى يضمن بقاءه في أعلى هرم السلطة، خاصة بعد أن ضمن وشكلّ قوّة على الأرض، مشيراً إلى أن المسار السياسي في الفترة القادمة يهمه أكثر من المسار العسكري.